"اليوم الذي يمر دون أن أخدم أحدا لا أحتسبه من عمري" السيدة عبله تهمان قادوس تروي قصة هجرتها وتتحدث عن حبها للرياضة وأسفارها المتعددة وعن ملتقى الثقافات مصر الحبيبة.
حققت الحجة عبله تهمان قادوس نجاحات عديدة أبرزها والأغلى على قلبها يتمثل في الخدمة الإجتماعية ومحبة الناس، هي التي صنعت فارقا كبيرا في حياة المرأة المسلمة المهاجرة في أستراليا.
وفازت الحجة عبله بجوائز مرموقة ورفيعة عديدة، من بينها جائزة أسترالية العام عن فئة كبار السن في نيو ساوث ويلز لعام 2021.
فكيف انطلقت الحجة عبله في رحاب الخدمة الإجتماعية وما هي حكاية هجرتها الى أستراليا؟
وصلت الحجة عبله الى أستراليا منذ 54 سنة، وبدأت بالعمل منذ أن وطأت قدماها هذه الأرض وهي صاحبة باع طويل في الخدمة المجتمعية ورعاية المرأة المسلمة في أستراليا.
ولدت في مصر في بور فؤاد على الجانب الآخر لقناة السويس، من عائلة مؤلفة من الوالدين وثلاث أخوات وأخوين، في بيئة متنوعة ثقافيا يقطنها ويقصدها مهاجرون من اليونان وإيطاليا ولبنان وبشكل خاص في أوائل الخمسينيات.
درست الحجة عبله بداية في مدرسة فرنسية للراهبات، عائلتها معروفة بحرصها على تحصيل العلم وصون المبادىء والقيم والتمسك بالتراث والعادات والتقاليد المصرية: "أهلنا كانوا يتمسكون جدا بالأخلاق والعادات المصرية الأصيلة، ربّونا على المثل الصالحة."
العادات والتقاليد المصرية طُبعت في نفوسنا
واهتمت الحجة عبله في سني صباها بممارسة الرياضة، إذ كان والدها مدربا في نادي التجديف لفرق الرجال في بور فؤاد، وهو من أسس منتخبا نسائيا انضمت اليه بناته: "لمّا كنا نحن البنات في عمر 13-14 سنة انطلق أبي في تأسيس فريق نسائي لرياضة التجديف، فانضمننا إليه وكنت أنا وأخواتي أولى المشاركات الرياضيات فيه منذ إنشائه."
عشنا حياة غير تقليدية
وتابعت الحجة عبله رحلة الذكريات لأيام زمان في لقاء لها مع أس بي أس عربي24 قائلة: "بور فؤاد منطقة متعددة الثقافات وراقية جدا كانوا يقولون عنها وكأنها قطعة من فرنسا."
وتطرقت الحجة عبله الى أهمية دور الأم والأب في تربية الأبناء خاصة في الصغر وتأسيسهم على المبادىء الصالحة والقيم السليمة وهي تستذكر ما طبعه أهلها فيها وبأخوتها من مبادىء راسخة وقيم رفيعة: "كنا نشطاء جدا في المجتمع منذ الصغر، علمتنا أمي الطبخ والخياطة، الى الآن أخيط الثياب لي ولأولادي."
الأهل هم أول من يلحظون مواهب الأبناء وينموها
وأثنت الحجة عبله على ما ثمار التربية الصالح واهتمام الأهل وتغذيتهم لمواهب الأبناء: "الأولاد عجينة في أيدي الأهل يشكلونها ويخرجون منها مواهب باهرة."
الحجة عبلة متعددة الأسفار واعتادت الرحلات الطويلة منذ صباها وكانت أغلبيتها بهدف المشاركة في البطولات والمنافسات الرياضية: "علمتنا هذه الأسفار الكثير، وغرست فينا قيما عديدة، تعلمت إحترام الوقت والمواعيد، الإستقلالية والإتكال على النفس والتحلي بحس المسؤولية، كما أتقنت حسن التعامل مع الناس وأمورا حياتية واكتسبت المهارات المتنوعة كتوضيب الشنط وتنظيم المهام والعمل تحت الضغط وهذه القيم ساعدتنا عندما كبرنا."
وأكملت الحجة عبله نقا صورة الصبية الحالمة ابنة بور فؤاد قائلة: "كنت أحب التمثيل، تمتعت برغبة المحاولة والإنفتاح لاختبار أي فرصة أو نشاط من رياضة او تمثيل أو خياطة."
وهذه هي الخطوط العريضة لهجرة الحجه عبله قادوس والإستقرار في أستراليا بحسب مكا ورد على لسانها.
سبب الهجرة
وصلت في عمر 18 وأختي الكبرى في عمر ال19 سنة، لم نكن ندرك سبب الهجرة أو الدافع لهذا القرار، الأهل دائما ينظرون الى ما هو أفضل لأولادهم، سافرنا بعد سنة واحدة من نهاية الحرب وكان الوضع لا يزال غير مستقرار بما كانت هناك أسباب سياسية لم نكن نفهمها ولكننا نعرف أن سببا وجيها دفع بأهلنا لإتخاذ قرار الهجرة.
الإندماج في المجتمع الأسترالي
كان الإندماج سهلا علينا نحن الذين اعتدنا على اللغات المختلفة، أتينا من مجتمع متعدد الثقافات فلم نواجه صعوبات كبيرة في الإستقرار، وبدأت العمل من اليوم التالي ليوم وصولنا الى أستراليا.
خبرة عملية
عملت كممرضة في مشتشفى قريب من منزل مكان استضافتنا، في تلك الأيام كانت مهنة التمريض تجمع ما بين الدراسة والتطبيق في آن معا.
ولكني لم أحب التمريض فتابعت دراستي في مجال المحاسبة.
دعم الزوج
زوجي كان أبا محبا وزوجا مثاليا، كان يخدم الناس ويشجعني على الخياطة ويشتري لي الصوف من المدينة، ويتباهى بفخر و يظهر إعجابه بما أصنع وأنتج أمام الناس.
التكيرم والتقدير
كل واحد يثمر في المكان الذي يوجد فيه، لا شيء يثنيني عن الخدمة والعطاء، الرضى عن النفس هو الأهم، ومن أفضل ما يعمل الإنسان، تربية الأولاد بالمثل على نفس القيم والاخلاق التي تربينا عليها، لو حصلت على تكريم أم لا، أنا فرحانة مع نفسي وسأكمل المشوار الذي بدأته في خدمة الناس، الخدمة هي الهواء الذي أتنشقه، حياتي تصبح مملة ان توقفت عن الخدمة ولم أساعد أحدا.
مصر في القلب
ما زلت مصرية، لم نتغير أبدا، داخل البيت نطهو ونلبس ونعيش حسب تقاليدنا وعاداتنا، ربما الشيء الوحيد هو اللغة، مصر دائما في قلبي.