بعد حصار محكم فرضته منذ العام 2013 وحملة عسكرية عنيفة بدأتها في 18 شباط/فبراير، باتت قوات النظام تسيطر على أكثر من تسعين في المئة من مساحة الغوطة الشرقية، التي تعد خسارتها ضربة موجعة للفصائل المعارضة.
وتوصلت روسيا تباعاً مع فصيلي حركة أحرار الشام في مدينة حرستا وفيلق الرحمن في جنوب الغوطة الشرقية، الى اتفاقي اجلاء للمقاتلين والمدنيين الى منطقة ادلب (شمال غرب)، تم تنفيذ الأول ويستكمل تنفيذ الثاني الأحد، فيما لا تزال المفاوضات مستمرة بشأن مدينة دوما، معقل جيش الاسلام.
وخرجت خلال ساعات النهار تدريجياً الحافلات واحدة تلو اخرى من جنوب الغوطة عبر ممر عربين. وأوردت وكالة الانباء السورية الرسمية "سانا" أن "62 حافلة على متنها 4327 من المسلحين وعائلاتهم" كانت مستعدة للمغادرة.
وينص الاتفاق الذي توصل اليه فيلق الرحمن اثر مفاوضات مع روسيا، على اجلاء نحو سبعة الاف شخص من زملكا وعربين وعين ترما وحي جوبر الدمشقي، في عملية بدأت السبت.
وقال مراسل لفرانس برس إن الحافلات انتظرت لساعات ليلاً على طريق دولي على أطراف دمشق بإنتظار اكتمال القافلة تمهيداً للانطلاق الى ادلب.
وشاهد ركاباً يخرجون من الحافلات لتدخين السجائر أو لتناول بسكويت تم توزيعه عليهم.
وقال المقاتل أبو محمد (27 سنة) لفرانس برس "قررت المغادرة لأحافظ على حياة زوجتي وأطفالي".
وأوضح أبو يزن، شاب في العشرينات "أنا مدني ولم أحمل السلاح، هجّرت من منطقتي بعد قصف عنيف جداً".
وتعرضت الغوطة الشرقية منذ 18 شباط/فبراير لحملة عسكرية عنيفة، تمكنت خلالها قوات النظام من تضييق الخناق وبشكل تدريجي على الفصائل وتقسيم مناطق سيطرتها إلى ثلاثة جيوب منفصلة، ما دفع بمقاتلي المعارضة الى القبول بالتفاوض.
وخلال شهر من العمليات العسكرية، قتل اكثر من 1630 مدنياً بينهم نحو 330 طفلاً على الاقل.
بانتظار مصير دوما
في غضون ذلك، ما زال مصير مدينة دوما، كبرى مدن الغوطة الشرقية مجهولاً مع انتظار نتائج مفاوضات تجرى مع مسؤولين روس.
ويرجح المرصد السوري لحقوق الانسان أن تؤدي المفاوضات إلى اتفاق يقضي بتحويلها الى منطقة "مصالحة" على أن تعود اليها مؤسسات الدولة مع بقاء مقاتلي "جيش الإسلام" من دون دخول قوات النظام.
وتتواصل منذ أيام عدة حركة النزوح من دوما عبر معبر الوافدين شمالاً، وأفادت وكالة سانا بخروج 1092 مدنيا الاحد.
ووضع النظام السوري، مطلع هذا العام، الاولوية لاستعادة السيطرة على الغوطة الشرقية، التي تحظى برمزية كبيرة لقربها من العاصمة وتعد من أولى المناطق التي شهدت تظاهرات احتجاج مناهضة للنظام في عام 2011.
وخلال سنوات النزاع، شهدت مناطق سورية عدة بينها مدن وبلدات قرب دمشق عمليات إجلاء لآلاف المقاتلين المعارضين والمدنيين بموجب اتفاقات مع القوات الحكومية إثر حصار وهجوم عنيف، أبرزها الأحياء الشرقية في مدينة حلب نهاية العام 2016.
حمّل تطبيق أس بي أس الجديد للإستماع لبرامجكم المفضلة باللغة العربية.