G
يبحث غاري بريبل عن موظفين بدوام كامل لمطعمه في سيدني منذ آذار/مارس 2020. لكنه حتى الآن، لا يزال غير قادر على ملء تلك الوظائف.
النقاط الرئيسية
- يكافح الآلاف من أصحاب العمل في عدة قطاعات في أستراليا للعثور على العمالة الماهرة
- بعد حوالي عامين من تقييد السفر الدولي هناك نقص حاد في المهاجرين والمهاجرين المهرة في جميع أنحاء العالم
- أعلنت الحكومة الأسترالية مؤخراً عن عدد من التغييرات في التأشيرات التي ستزيد من عدد المهاجرين المهرة في أستراليا
يقول بريببل، صاحب مطعم Bistro St Jacques في ضاحية Redfern الداخلية بالمدينة: "خلال الوباء مباشرة، كنا نعلن باستمرار على منصات مختلفة ولم يكن هناك أي متقدمين".
في الواقع، بدلاً من مجرد البحث عن موظفين خلال أشهر العمل، أعلن بريبيل عن تلك الوظائف خلال فترات الإغلاق أيضاً.
عن تلك المرحلة يقول: "اعتقدت أن الناس سيقومون بالبحث عن عمل، لكن كان أمراً لا يصدق، لم يكن هناك أي متقدمين في تلك الفترة أيضاً".
عمل بريبل في قطاع المطاعم في نيوزيلندا وأستراليا لمدة 27 عاماً ويقول إنه دائماً ما يواجه صعوبة في العثور على موظفين.

Gary Prebble of Bistro St Jacques in Sydney. Source: Supplied
"في أستراليا ونيوزيلندا، لا يُنظر إلى أعمالنا على أنها اختيار مهني مرغوب فيه. وهناك أسباب واضحة لذلك: ساعات عمل غير مؤاتية وغير اجتماعية، في غياب معدل أجور مرتفع".
"نتيجة لذلك، هذه الشركات تظل على قيد الحياة إلى حد كبير بفضل المهاجرين".
لكن في غياب هؤلاء المهاجرين والعديد من حاملي التأشيرات المؤقتة الأخرى بسبب فيروس كورونا المستجد والقيود المفروضة على السفر والحدود، يقول بريبيل إن نقص الموظفين يسير من سيء إلى أسوأ.
"لقد عملت في مجال الضيافة إلى حد كبير طوال حياتي العملية ولم أشهد هذا المستوى من النقص من قبل".
ويكافح الآلاف من أرباب العمل في عدة قطاعات في أستراليا للعثور على العمالة الماهرة في الوقت الحالي.
وتقول عالمة الديموغرافيا ليز ألين: "لا يمكن إنكار وجود نقص حاد في المهارات في أستراليا".
"إذا نظرنا إلى البيانات المتعلقة بتوقعات احتياجات القوى العاملة في أستراليا، فإن أستراليا تتطلب أكثر مما يمكن أن يساهم به السكان المحليون ... نحن نتحدث عن 500,000 شخص كل عام للفترة المقبلة على المدى القصير".
النقص هو الأكثر حدة على الإطلاق
وفقاً لتقرير صدر مؤخراً عن المجموعة الاستشارية المستقلة Infrastructure Australia، بحلول عام 2023، قد تظل واحدة من كل ثلاث وظائف صناعية، أي حوالي 105,000 وظيفة شاغرة.
مع ذلك، فإن أستراليا ليست الدولة الوحيدة التي تعاني من هذه المشكلة.
بعد حوالي عامين من تقييد السفر الدولي، هناك نقص حاد في المهاجرين والمهاجرين المهرة في جميع أنحاء العالم، حيث تتسابق العديد من الدول المتقدمة لجذبهم إلى أراضيها.
ويقدم قانون الهجرة الجديد في ألمانيا، الذي يحتاج إلى 400 ألف عامل جديد سنوياً، تأشيرات عمل سريعة ويسمح للزوار بالبقاء في البلاد لمدة ستة أشهر للعثور على وظائف.
وأنجزت إسرائيل اتفاقاً لجلب عاملين في مجال الرعاية الصحية من نيبال.
من جهتها أعلنت كندا في تشرين الأول/أكتوبر عن برنامج الهجرة الأكثر طموحاً من نوعه، والذي سيسمح لها باستقدام 1.2 مليون مهاجر خلال السنوات الثلاث المقبلة.
ويقول تيم ريردون، كبير الاقتصاديين في رابطة قطاع الإسكان، "إنه سباق لجذب المهاجرين المهرة من قبل جميع الاقتصادات المتقدمة في الوقت الحالي، لا سيما في قطاعات البناء والتشييد.

Crowds of people are seen in the central business district of Sydney Source: AAP
"لقد تتبعنا النقص في العمالة الماهرة منذ عام 2000 وما نراه الآن هو النقص الأكثر حدة في المهارات".
إذاً، ما هي خطة أستراليا؟
أعلنت الحكومة الأسترالية مؤخراً عن عدد من التغييرات في التأشيرات التي ستزيد من عدد المهاجرين المهرة في أستراليا.
وتم إجراء تغييرات كبيرة على تأشيرة نقص المهارات المؤقتة (Subclass 482)، مما يمنح حامليها الحاليين بموجب جدول قصير الأجل والذين بقوا في أستراليا أثناء الوباء، إمكانية الحصول على الإقامة الدائمة بشكل أكثر سهولة.
وتقول ريبيكا باجيانو، المستشارة الخاصة في شركة الهجرة Fragomen، ومقرها بريزبان: "هذا التغيير مهم جداً".
في السابق، لم يكن هناك مسار أمام حاملي التأشيرات للحصول على الإقامة الدائمة التي يرعاها صاحب العمل. لكن مع هذه الإعلانات من وزير الهجرة أليكس هوك، فإن ما تقترحه الوزارة هو فتح الطريق إلى الإقامة الدائمة لهذه المجموعة المعينة لفترة زمنية مؤقتة، وهذا شيء مهم جداً".
كذلك أعلنت الحكومة أن حاملي تأشيرة الخريجين المؤقتين (الفئة الفرعية 485)، الذين لم يتمكنوا من السفر إلى أستراليا نتيجة لقيود المفروضة على الحدود، سيتمكنون من التقدم للحصول على تأشيرة بديلة.
وتقول باجيانو: "عندما تم إغلاق حدود أستراليا بسبب الوباء، لم يتمكن العديد من حاملي تأشيرة الخريجين المؤقتين من القدوم إلى أستراليا للعمل".
"لذلك بالنسبة لهذه المجموعة المعينة، أعلنت الحكومة أنها ستسمح بإعادة التقدم للحصول على تأشيرة أخرى ومنحهم فترة إقامة تتراوح بين عامين وأربعة أعوام، أو خمس سنوات بالنسبة لحاملي جوازات سفر هونغ كونغ أو حاملي جوازات السفر البريطانية".
وقالت وزارة الشؤون الداخلية في بيان إن قيود السفر منعت العديد من العاملين في الخارج من السفر إلى أستراليا، مما يعيق التعافي الاقتصادي.
وقال متحدث باسم الحكومة: "الحكومة ملتزمة بدعم التعافي الاقتصادي في أستراليا من خلال معالجة النقص الحاد في المهارات والقوى العاملة من خلال دعم القطاعات لجذب حاملي التأشيرات المهرة والاحتفاظ بهم".
هل أستراليا تقوم بدورها فعلاً؟
في حين ترحب الدكتورة ألين بمبادرات الحكومة لجذب المزيد من المهاجرين المهرة، فإنها تشعر "أن الوقت قليل جداً، وقد فات الأوان".
"تملك أستراليا برنامجاً فعالاً للهجرة. إلا أنه يفتقر إلى الترابط، وكانت هذه مشكلة طويلة الأمد لبرنامج الهجرة لدينا ... عدم وجود مسارات للأشخاص الذين ينتقلون من الوضع المؤقت إلى الدائم وما إلى ذلك".
وتضيف ألين: "هناك أيضاً الكثير من الصعوبات في قدرة الأشخاص على التنقل ضمن البرنامج، والقدرة على فهم حقوقهم ومسؤولياتهم".
سزاروب ثايت مواطن هندي يعيش في أستراليا منذ عام 2016.

An Indian national, Swarup Thite has been trying to become an Australian permanent resident for many years. Source: Facebook.com/swarup.thite
وهو حائز على بكالوريوس علوم في طب الأسنان من الهند، قبل مجيئه إلى أستراليا، حيث أكمل درجة الماجستير في الصحة العامة المتقدمة في جامعة ولونجونج.
يبلغ ثايت من العمر 29 عاماً ولغته الإنجليزية ممتازة، حيث حصل على 8.5 من 9 في نظام اختبار اللغة الإنجليزية الدولي.
مع ذلك، ومنذ حصوله على درجة الماجستير، لم يتمكن من الحصول على إقامة دائمة في أستراليا.
يقول ثايت: "بمجرد الدخول إلى السوق بعد الانتهاء من الماجستير، يبحث كل فرد في السوق عن محترفين ذوي خبرة".
"لأنني لم تكن لدي خبرة، لم يوظفوني. ولأنني لم أكن أقوم بهذا النوع من العمل، لم أحصل على علاقات عامة. لذلك لا توجد خبرة في العمل، ولا وظيفة. لا وظيفة، يعني لا علاقات عامة".
ويقول ثايت إن الحصول على إقامة دائمة في أستراليا أمر صعب للغاية.
"إنه إطار صارم للغاية شكلته الحكومة هنا ... عندما نقيم في هذا البلد لمدة عامين ونكرّس حياتنا ونحب هذا البلد، لماذا لا تبادلنا أستراليا الحب وتعطينا فرصة لإثبات كم نحن نستحق ذلك؟".
وتقول الدكتورة ألين إن سمعة أستراليا كمكان يرحب بالمهاجرين قد تضررت خلال الوباء.
"خلال كوفيد-19، رأينا الحدود مغلقة وتم الطلب من الأشخاص العودة إلى ديارهم في حين كانت أستراليا موطنهم. نتيجة لذلك، تسببنا بضرر شديد لأنفسنا من خلال معاملتنا للمهاجرين في أستراليا".
"أستراليا بحاجة إلى بذل جهد كبير للحصول على اعتراف بمدى ترحيبنا هنا. نحب أن نتحدث عن التماسك الاجتماعي، وعن مدى جودة العيش هنا. يجب أن نكون مكاناً رائعاً للعيش بالنسبة للجميع".
ويدعم ثايت هذا الرأي.
"أجد أن ترحيب الحكومة خجول للغاية، لأن ما نراه من الخارج، في بلداننا، هو أن هناك أرضاً جميلة مليئة بالفرص، تنتظر منا أن نتقدم".
"لكن عندما تقترب أكثر فأكثر، نجد أن المسألة أكثر صعوبة".
"نحن بحاجة إلى تغيير".
وتقول الدكتورة ألين إن أستراليا بحاجة لتغيير نظرتها تجاه المهاجرين.
"المهاجرون لا يسرقون الوظائف المحلية. لا يجعل المهاجرون المساكن باهظة الثمن. المهاجرون لا يدمرون بيئتنا الطبيعية".
"لقد أثبتنا خلال فترة كوفيد أهمية الهجرة لبقاء أستراليا. لذلك نأمل أن نتمكن من تغيير النظرة المحلية وطريقة التعامل مع المهاجرين، حتى نتمكن مرة أخرى من القول بفخر أن أستراليا أمة ترحب بالجميع".
ويقول بريبيل، الذي لا يزال ينتظر ملء وظيفتين في مطعمه بسيدني: "الشيء المؤكد الوحيد بشأن الوباء الحالي هو عدم اليقين".
إلا أنه يأمل أن تتغير الأمور في العام الجديد.
"كان هناك الكثير من الإبداع في العامين الماضيين خلال الوباء؛ أشياء لا تصدق قمنا بها في مجال الضيافة، وكانت ملهمة حقاً".
"لذلك أشعر بالكثير من التفاؤل وبأن أشياء جديدة ستحدث".