في أحد أيام شتاء عام 1993، وضعت والدة روز (اسم مستعار) بعض الأغراض في حقيبة، حملت طفلتها الصغيرة، واستقلت سيارة نيسان قديمة، تاركة وراءها حياة مضطربة وزوجًا غاضبًا.
كانت روز تبلغ حينها خمس سنوات، ولم تكن تعلم أنها لن ترى والدها مجددًا طوال طفولتها.
تتذكر روز تلك اللحظة بوضوح: "كانت أمي مصممة، عيناها مليئتان بالقلق. دفعتني إلى السيارة وانطلقت، لكن والدي لاحقنا بسيارته. حاول اعتراض طريقنا وكدنا نصطدم به".

Rose and her mother lived a life on the run after she was abducted, changing their identities. Source: Supplied
وعلى مدى 14 عامًا، عاشت روز في الظل، تتنقل مع والدتها من ولاية إلى أخرى، دون وثائق رسمية، ولا رعاية صحية، ولا أصدقاء ثابتين.
تقول روز: "كانت أمي عالَمي الوحيد، لكنها كانت أيضًا مصدر خوفي الأكبر. إذا شككت في روايتها أو تمردت، كانت تعاقبني بالصراخ، أو التجاهل، أو نوبات الغضب".
ولم تكن الحياة مع والدتها عنيفة جسديًا، لكنها كانت مليئة بالتحكم، والإكراه، والعزلة.

Moving constantly, Rose and her mother often stayed in share houses or properties rented under the names of her mother's boyfriends. Source: Supplied
ولم يُسمح لها باللعب في الخارج ليلًا خوفًا من انكشاف أمرهما. تقول: "كنا نعيش في حالة خوف دائم من الشرطة... وكانت أمي تقنعني أن السجن أو دار الرعاية سيكونان أسوأ".
أما والد روز، فظل يبحث عنها طوال هذه السنوات، مقدمًا نداءات عبر الإعلام. في ذلك الوقت، كانت الشرطة قد أصدرت مذكرة توقيف بحق الأم، لكن دون نتيجة.
محامية شؤون الأسرة، غابرييلا بوماري، تؤكد أن اختطاف أحد الوالدين لطفله دون موافقة الطرف الآخر يُعد جريمة، خاصة إذا خالف أحدهما أوامر المحكمة.

Gabriella Pomare is a lawyer specialising in parental abduction cases, working to return children home to Australia. Source: Supplied
تضيف: "شهدنا تزايدًا في هذه القضايا، سواء داخل أستراليا أو عبر حدودها. وفي بعض الحالات، يُستخدم القانون الدولي واتفاقية لاهاي لإعادة الأطفال من الخارج".
وفقًا للإحصائيات، يشكل اختطاف الوالدين نسبة صغيرة من حالات الاختفاء في أستراليا، لكن تأثيره النفسي على الطفل طويل الأمد.
الباحثة سارة وايلاند تقول إن مثل هذه الحالات تُعامَل أحيانًا باستخفاف: "يعتقد البعض أن الطفل بخير طالما هو مع أحد والديه، لكن الحقيقة قد تكون مختلفة تمامًا".
تقول روز إن والدتها كانت تعاني من اضطرابات نفسية واضحة. "كانت مكتئبة ومعزولة. كنت أعرف أنها بحاجة إلى مساعدة، لكن لم أكن أستطيع الحديث مع أحد".

Rose says her childhood was isolating and "cult-like". Source: Supplied
ولم يكن رد الفعل كما توقعت. لم يُظهر أحد دهشة، ولم تبدأ رحلة العلاج أو إعادة التأهيل فورًا.
اليوم، تعيش روز محاولة دائمة لفهم ماضيها، ولمعالجة أثر الحرمان والعزلة. "كأنني خرجت لتوي من كهف، وأتعلم الآن كيف أعيش وسط الناس".