شدد الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، على أن بلاده ستجري انتخابات رئاسية بعد أربع سنوات، وفق الإعلان الدستوري و"مبدأ التشاركية لا المحاصصة" ، مشيرا الى ان دمشق تعمل مع "الدول الفاعلة" على مستوى العالم، للضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي التي احتلتها في جنوب سوريا، بعد الثامن من ديسمبر 2024.
واعتبر الشرع أن سعي إسرائيل لإقامة منطقة منزوعة السلاح في جنوب سوريا من شأنه أن يدخل بلاده في "مكان خطر"، فيما توغلت مجدداً القوات الإسرائيلية في منطقة الكروم الغربية في محيط بلدة بيت جن بريف دمشق الغربي، في حين منعت قوات سوريا الديمقراطية "قسد" إقامة أي احتفالات بسقوط نظام الأسد في مناطقها.
نسير في الاتجاه الصحيح ونسعى لأن نكون نموذجا للاستقرار في المنطقةأحمد الشرع
واوضح الشرع خلال جلسة حوارية ضمن أعمال "منتدى الدوحة 2025" قائلا "نسعى لأن نكون نموذجاً حياً للاستقرار في المنطقة. وقد أدرك العالم ذلك.. نسير في المسار الصحيح، وكل الخطوات التي اتخذناها صبت في مصلحة سوريا العامة".
وبشأن التوغلات والغارات الإسرائيلية على سوريا، منذ سقوط نظام الرئيس السابق بشار الاسد ، في ديسمبر كانون الاول الماضي، قال الشرع "تحاول إسرائيل تصدير الأزمات، وأصبحت دولة تقاتل الأشباح، وتبرر ذلك بمخاوف أمنية".
وأضاف أن "سوريا أرسلت رسائل إيجابية للسلام والاستقرار الإقليمي، وسبق أن أوضحنا أننا غير معنيين بتصدير الأزمات، بما في ذلك لإسرائيل، لكن إسرائيل قابلت سوريا بعنف شديد، وتعرضنا لاختراق كبير للأجواء السورية وصلت لأكثر من ألف غارة وأكثر من 400 توغل آخرها ما ارتكبته في منطقة بيت جن، التي راح ضحيتها أكثر من 25 مدنياً".
ولفت الشرع إلى أن سوريا تحاول الضغط على إسرائيل من خلال إقناع الدول الإقليمية الفاعلة بمطالبتها بالانسحاب إلى ما قبل 8 من ديسمبر 2024، وشدد في هذا الصدد "مصرون على وجوب احترام اتفاق 1974 الذي صمد لأكثر من 50 عاماً ".
إسرائيل دولة تصدر الأزمات والبحث عن إقامة منطقة عازلة سيدخلنا في مكان خطرأحمد الشرع
واتهم أحمد الشرع، إسرائيل بتصدير الأزمات إلى دول أخرى، قائلًا إنها "أصبحت تخوض حربا ضد الأشباح"، ومضى الى القول "العبث في هذا الاتفاق رغم أنه يحصل على إجماع دولي والبحث عن اتفاقات أخرى، مثل إقامة منطقة عازلة، ربما يدخلنا في مكان خطر"، في إشارة إلى اتفاق فض الاشتباك بين القوات السورية والإسرائيلية في أعقاب حرب أكتوبر 1973.
واوضح أن إسرائيل قابلت سوريا بعنف شديد، ماضيا الى القول "تعرضنا لاختراق كبير للأجواء السورية وصلت لأكثر من ألف غارة وأكثر من 400 توغل آخرها ما ارتكبته في منطقة بيت جن، التي راح ضحيتها أكثر من 25 مدنيا".
و أضاف الشرع قائلا"إسرائيل دائماً تصدر الأزمات إلى الدول الأخرى محاولة الهروب من المجازر المروعة التي ترتكبها في غزة فتحاول أن تصدر الأزمات، وتبرر كل شيء بالمخاوف الأمنية، وتقيس على 7 اكتوبر تشرين الأول 2023 ما يحصل من حولها، بينما سوريا منذ التحرير أرسلت رسائل إيجابية لإرساء دعائم الاستقرار الإقليمي"، لافتاً إلى أن العالم يؤيد انسحابها من الأراضي التي احتلتها في سوريا.
وخلص الى التذكير بالقول "أما بالنسبة للمنطقة منزوعة السلاح، فهناك تساؤلات أبرزها من سيحمي هذه المنطقة؟ وإسرائيل دائماً ما تقول إنها تخشى أن تتعرض لهجمات من جنوب سوريا".
وتابع مبينا ان "هناك مفاوضات الآن جارية والولايات المتحدة الأمريكية منخرطة معنا في هذه المفاوضات".
وكانت القوات الإسرائيلية توغلت مجدداً في منطقة الكروم الغربية في محيط بلدة بيت جن بريف دمشق الغربي حيث دخلت قوة مؤلفة من 3 دبابات و5 آليات في التقاطع المعروف باسم مفرق باب السد وسرية الدبابات، على الطريق الواصل بين مزرعة بيت جن بريف دمشق وكل من قرى حضر وجباثا الخشب وطرنجة بريف القنيطرة.
كما عمدت القوات الإسرائيلية إلى إطلاق النار في الهواء بشكل متقطع بهدف ابعاد رعاة المواشي عن محيط المنطقة. بينما نظم سوريون من عدة محافظات، أمس، وقفة في البلدة، تنديداً بالانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة.
الرئيس السوري أحمد الشرع يتحدث مع كريستيان أمانبور في منتدى الدوحة، 6 ديسمبر كانون الاول 2025
واردف قائلا " من خلال الاستثمارات ستحقق سوريا الاستقرار، لذلك طالبنا واشنطن برفع عقوبات قيصر، إذ لا ينبغي أن يكون أداة في محاسبة الشعب حالياً".
واشار الشرع الى ان ادارة الرئيس دونالد ترامب" تدعم مسار رفع العقوبات، وأغلب دول العالم تنتهج النهج ذاته. لا ينبغي أن يكون تطور سوريا مرهوناً بعقوبات فرضت على أشخاص".
وتطرق الشرع إلى الإشكالات التي وقعت في مناطق سورية عدة، ومنها أحداث الساحل، قائلا "نعمل على محاسبة المسؤولين، ونعتقد أن سوريا تسير بمسار إيجابي وهناك نمواً اقتصادياً سيظهر تدريجياً وتحسن بالبيئة الخدمية مثل الكهرباء، ونعمل على تطوير هذا القطاع".
واضاف "سوريا حضارة عمرها 1400 سنة ومؤلفة من مختلف الأديان، لا نستطيع القول إن الثورة كانت سنية فحسب، لأن مكونات الشعب السوري كانت طرفاً فيها، فالمسيحيون تأذوا من النظام السابق، بل دفع العلويون ضريبة ممارسات النظام".
وقال الشرع: "ورثنا مشكلة كلنا فيها ضحايا وحصلت نزاعات، وشكلنا لجاناً لتقصي الحقائق، واستقبلنا لجاناً دولية لذات الغرض، وأعلن عن محاكمات بحق بعض المتهمين"، مبيناً أن "من بدأ بهذه المشكلات أشخاص من فلول النظام السابق".
وذكر أن "سوريا دولة قانون"، لافتاً إلى أن "تعزيز مبدأ القانون والمحاسبة وتعزيز دور المؤسسات هو طريق الحكومة لضمان حقوق كاف الأطياف، ونسعى لتطبيق مبدأ التشاركية لا المحاصصة".
الانتخابات جاءت متناسبة مع المرحلة الانتقالية ولا يجب ربط بناء الدولة بالأشخاص بل بالمؤسساتأحمد الشرع
وعن الانتخابات وموعد إجرائها، قال الرئيس السوري "سوريا بلد قائم على نظام الانتخابات، وربما استخدم بطريقة خاطئة سابقاً، لسنا مستعدين حالياً لإجراء انتخابات على المستوى البرلماني، ومع ذلك خضنا غمار الانتخابات بطريقة تتناسب مع المرحلة الانتقالية".
وأشار إلى أن الانتخابات جاءت منسجمة مع متطلبات المرحلة الانتقالية، مؤكداً أنه لا يجب ربط بناء الدولة بالأشخاص بل بالمؤسسات التي تشكل الأساس في إدارة البلاد. كما أكد الرئيس السوري أن بلاده كانت تعيش في عزلة خطيرة، ماضيا الى القول "عشنا في عزلة كبيرة خلال الـ60 عاماً الماضية".
وأضاف ان "مبدأ اختيار الشعب لمن يحكمه أساسي، وهذا مسار يليق بسوريا حالياً، لكن التحدي قائم ونحن في مرحلة بناء الدولة من جديد مع الاتكال على إرث سوريا التاريخي ونسير في نهج بناء المؤسسات لبناء الدولة دون الارتباط بأشخاص بل يجب أن نكون دولة مؤسسات".
وعن الوقت الذي ستجري فيه الانتخابات، قال الشرع إن "سوريا بعد تحرير دمشق أجرت مؤتمراً دولياً شاملاً انبثق منه إعلان دستوري مؤقت ريثما يكتب الدستور، وهو ما منح صلاحية للرئيس الحالي، أن يستمر لمدة 5 سنوات تبدأ بعدها الانتخابات.
وأشار إلى أنه "خلال هذه السنوات سيتم سن العديد من القوانين، وسيكتب الدستور لعرضه على الشعب"، لافتاً إلى أن "الدستور هو مرجعية الحكم في سوريا، مضى منه عام والمتبقي 4 سنوات".
وبرر الشرع هذه المدة بالقول إن سوريا تحتاج إلى إعداد البنية التحتية القانونية والدستورية قبل إجراء انتخابات تمثيلية حقيقية، مؤكدًا أن بلاده ليست جاهزة في هذا الوقت لإجراء انتخابات، رغم أنها خاضت انتخابات "تناسب المرحلة الانتقالية".
وفي الوقت الذي يحتفل فيه السوريون بالذكرى الأولى لسقوط نظام بشار الأسد، أصدرت هيئة الداخلية في إقليم شمال وشرق سوريا التابعة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، أمس، تعميماً يقضي بمنع إقامة أي تجمعات أو فعاليات جماهيرية أو اجتماعية في عموم مناطق الإقليم يومي 7 و8 ديسمبر الجاري.
على صعيد آخر، انطلقت في العاصمة البلجيكية بروكسل، يوم السبت، أعمال الملتقى التشاوري السوري الذي تنظمه شخصيات سياسية وأكاديمية وثقافية على مدى يومين لبحث "شكل الدولة" و"تقييم المرحلة الانتقالية".
شارك
