تقول لورين، وهي أمريكية تعيش في بريزبن (طلبت عدم ذكر اسمها الحقيقي)، إن لهجتها الأمريكية كانت تفتح باباً دائماً للنقاش حول السياسة الأمريكية، وهو أمر لم تكن تفضّله أثناء حياتها اليومية. وبعد أن استعانت بمدرّب لهجات وأدخلت بعض اللمسات الأسترالية على نطقها، شعرت بالارتياح.
“أصبح من المريح ألا أكون الممثلة غير الرسمية للولايات المتحدة في الحي”، تقول لورين، مضيفة أن متابعة الأخبار الأمريكية باتت تشبه “مشاهدة البيت الذي نشأت فيه وهو يحترق”.
أسئلة لا تنتهي عن السياسة
تحدثت أس بي أس إلى عدد من الأمريكيين المقيمين في أستراليا، وأجمع معظمهم على أنهم يتلقّون أسئلة متكررة حول الأوضاع السياسية في بلادهم، سواء في العمل أو في الأماكن العامة أو حتى خلال لقاءات عابرة.
تقول المحامية المتخصصة في شؤون الهجرة ميليسا فينسنتي، وهي مواطنة مزدوجة الجنسية تقيم بين سيدني وهاواي، إن النقاشات السياسية باتت مرهقة في بعض الأحيان.
"أحياناً لا أريد حتى أن أفتح فمي… أريد فقط أن أذهب لقص شعري”، تقول.أما مالوري فيش، المقيمة في ملبورن، فتؤكد أن الحديث عن السياسة الأمريكية أصبح تجربة متعبة نفسياً.
"أشعر بارتفاع ضغط الدم فور طرح الموضوع"، تقول، مشيرة إلى أن الفضول الأسترالي مفهوم، لكنه يتكرر معها عدة مرات في الأسبوع.
تراجع صورة الولايات المتحدة
تشير بيانات صادرة عن مركز بيو للأبحاث إلى تراجع صورة الولايات المتحدة في العديد من الدول منذ العام الماضي، في ظل انخفاض الثقة بالرئيس ترامب. ووفقاً للاستطلاع، تحتل أستراليا مرتبة متقدمة بين الدول التي أبدت نظرة سلبية تجاه الولايات المتحدة، حيث عبّر 71% من المشاركين عن آراء غير إيجابية.
كما أظهرت استطلاعات أخرى أن غالبية الأستراليين قلقون من تأثير رئاسة ترامب على الديمقراطية والأمن العالمي.
كوري ألبرت، الباحث في جامعة ملبورن، والذي عمل سابقاً ضمن إدارة الرئيس جو بايدن، يرى أن هذه التفاعلات اليومية “كاشفة” لطريقة نظر العالم إلى ما يجري في الولايات المتحدة.
"الناس يتحدثون إليّ وكأنني هربت من بلد غير آمن"، يقول، معتبراً أن ذلك يعكس حجم القلق العالمي مما يحدث هناك.
Mallory Fish and her husband Rob are both Americans in Australia. She says they "constantly grapple with the guilt and stress of ageing parents against the uncertainty and turmoil of the US right now". Source: Supplied
حضور أمريكي محدود… واهتمام واسع
وبحسب بيانات مكتب الإحصاء الأسترالي لعام 2024، يعيش نحو 118 ألف شخص من مواليد الولايات المتحدة في أستراليا، وهي جالية صغيرة نسبياً مقارنة بجاليات أخرى.
ورغم ذلك، تحتل السياسة الأمريكية حيزاً واسعاً في الإعلام الأسترالي، مع تغطية مكثفة لملفات مثل الهجرة، والاقتصاد، والعلاقات الدولية، والخلافات السياسية داخل واشنطن.
يقول الكاتب والمحلل السياسي بروس وولب إن دونالد ترامب يمتلك "قدرة فريدة على جذب كل الانتباه"، ما ينعكس مباشرة على أولويات التغطية الإعلامية.
ويضيف: "نستيقظ كل صباح لنعرف ما الذي حدث في واشنطن… وهذا يزاحم الأخبار المحلية".

Jack Cutler was born in New York, but lived in Australia for part of his childhood before returning to the US for university. Now a Sydney resident, he says it's "incredibly distressing" seeing how unstable things have become in the US. Source: Supplied
من أوباما إلى ترامب: تحوّل في النظرة
يشير مراقبون إلى أن الاهتمام الأسترالي بالولايات المتحدة بدأ يتزايد خلال عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، لكنه تحوّل إلى اهتمام مكثف ومشحون في عهد ترامب.
وتستعيد شيلبي لين، التي انتقلت من الولايات المتحدة إلى أستراليا قبل أكثر من عشر سنوات، هذا التحوّل بوضوح.
وتضيف: “انتقلت في زمن كان فيه الأستراليون معجبين بكل ما هو أمريكي، ثم شاهدت هذا الإعجاب يتلاشى مع بداية عهد ترامب”.

Source: SBS / Pew Research Center
مشاعر متناقضة بعيداً عن الوطن
بالنسبة لكثير من الأمريكيين في أستراليا، تخلق المسافة عن الوطن مزيجاً معقّداً من المشاعر.
تقول آشلي، المقيمة في ريف ولاية فيكتوريا:
“أشعر بالامتنان للاستقرار والرعاية الصحية هنا، لكن في الوقت نفسه أشعر بالحزن على ما يحدث في بلدي”.وتضيف:
“أنا فخورة بكوني أمريكية، وأحب شعبي، لكن قلبي مثقل بما يجري هناك”.
شارك


