أستراليا تحيي يوم التأمل الوطني بعد أسبوع على الهجوم الدامي في شاطئ بونداي

تحي أستراليا يوم تأمل وطني بعد مرور أسبوع على هجوم شاطئ بونداي، فيما نُكست الأعلام ودُعي الأستراليون إلى اشعال الشموع والوقوف دقيقة صمت، في مشهد تضامن واسع مع المجتمع اليهودي والضحايا.

Large sea of floral tributes outside Bondi Pavilion.

المشيعون يضعون الزهور ومظاهر التكريم في موقع مجزرة شاطئ بوندي خلال الأسبوع الماضي Source: AAP / Mick Tsikas

للاستماع إلى أحدث التقارير الصوتية والبودكاست، اضغطوا على الرابط التالي.

تحي أستراليا، الأحد، يوم التأمل الوطني لتكريم ارواح الضحايا الذين قتلوا في الهجوم الدامي الذي استهدف مهرجاناً للاحتفال بعيد الهانوكا في شاطئ بونداي .

وانزلت الأعلام على المباني الحكومية الى نصف السارية ، مع اضاءة معالم بارزة باللون الأصفر، تعبيراً عن التضامن مع المجتمع اليهودي، في حين ستضيء حزم ضوئية سماء شاطئ بونداي فوق مبنى "بونداي بافيليون"، حيث وُضعت آلاف الزهور ورسائل التعزية منذ وقوع الهجوم.

ودعت السلطات الأستراليين إلى اشعال شمعة ووضعها عند نوافذ منازلهم، ثم الوقوف دقيقة صمت عند الساعة 6:46 دقيقة مساءً بتوقيت الساحل الشرقي، وهو التوقيت الذي بدأ فيه الهجوم الدموي الذي استهدف المحتفلين بعيد هانوكا واسفر عن مقتل 15 شخصا .

وتجمع حشد من مئات الأشخاص عند مبنى بوندي بافيليون مرتدين اللون الأبيض لإحياء ذكرى مرور أسبوع على المأساة التي شهدها الشاطئ ، حيث وُضعت الزهور والشموع والرسائل، في مشهد جسّد ما وصف بـ"الحزن الجمعي".

وبدأت المراسم بأداء أغنية "في مكان ما فوق قوس قزح"، وهي أغنية ألفها هارولد أرلن ويب هاربورغ، تلتها دقيقة صمت تكريما لارواح الضحايا.

و يخيّم الحرّ الخانق على سيدني، وقبيل أيام من عيد الميلاد، كان من المعتاد أن تسود الأجواء مشاعر احتفالية. لكن المشهد مختلف هذه المرة، إذ تُنصب الشاشات على الممشى استعداداً لمراسم تأبين مساء اليوم، فيما تحلّق مروحيات الشرطة في سماء المنطقة.

وكان من بين الحاضرين في التجمع عند مبنى بونداي بافيليون وزيرة الخدمات الاجتماعية تانـيا بليبرسك، والحاكمة العامة سام موستين، والنائبة المستقلة عن دائرة كويونغ مونيك راين، إضافة إلى النائبة عن دائرة وارينغا زالي ستيغال، والنائبة السابقة عن غولدستين زوي دانيال.

رفع الأعلام الى نصف السارية فوق جسر ميناء سيدني

ورفعت الأعلام الأسترالية وأعلام السكان الأصليين فوق جسر ميناء سيدني ولكن الى نصف السارية حداداً واحتراماً لضحايا المأساة

وكانت الحكومة الفيدرالية اكدت ان العلم الأسترالي سيُرفع نصف سارية على جميع المباني والمنشآت التي تشغلها الدوائر والوكالات الحكومية على مستوى الكومنولث وولاية نيو ساوث ويلز.
ما تحتاجه البلاد في هذه المرحلة هو التكاتف وليس التحريض
رئيس حكومة ولاية نيو ساوث ويلز كريس مينز
وقال رئيس حكومة ولاية نيو ساوث ويلز، كريس مينز، إن ما تحتاجه البلاد في هذه المرحلة هو التكاتف وليس التحريض، محذّراً من تداعيات الدعوات لاستهداف المجتمعات المهاجرة.

وأوضح مينز، في مقابلة تلفزيونية، أن الحكومة ستدعم الدعوة إلى لجنة تحقيق ملكية في الهجوم، مشدداً على أن "آخر ما نحتاجه الآن هو هجوم على المهاجرين أو مجتمعاتهم"، وأضاف أن المجتمع اليهودي "يدفن ضحايا الهجوم على شاطئ بونداي ويستحق أن يفعل ذلك بسلام وكرامة".

وأكد أن مواجهة هذه المأساة لا تكون "بمزيد من الكراهية"، داعياً الأستراليين إلى القيام بخطوات إيجابية لإعادة بناء الانسجام المجتمعي بعد أسبوع وصفه بـ"المروّع".

الدعم من المجتمعات غير اليهودية محلّ تقدير كبير

وقال حاخام كنيس نيوتاون في سيدني، إيلي فيلدمان، إن المجتمع اليهودي في أستراليا لا يزال يعيش حالة صدمة عميقة، داعياً الأستراليين في مختلف أنحاء البلاد إلى مواصلة إظهار التضامن والدعم.

وأوضح فيلدمان، في حديث لهيئة الإذاعة الأسترالية (ABC)، أن ما جرى لا يمكن اختزاله بالأرقام، مؤكداً أن الضحايا "أشخاص فقدوا حياتهم، وآخرين يعانون، فيما لا يزال بعضهم في المستشفى".

وأشار إلى أن الدعم الذي تلقاه المجتمع اليهودي من المجتمعات غير اليهودية كان "مؤثراً للغاية ومحل تقدير كبير"، لافتاً إلى أن أتباع ديانات مختلفة وقفوا إلى جانب المجتمع اليهودي خلال الأسبوع الماضي.

وأضاف أن مظاهر التضامن تجلّت على المستوى الشعبي، حيث بادر الجيران إلى وضع الزهور أمام الكنيس، وترك الرسائل وكتابة القصائد، معتبراً أن هذه المبادرات "مؤثرة للغاية وتحظى بتقدير عميق".

وقال الرئيس التنفيذي لمنظمة "غريف أستراليا"، كريستوفر هول، إن الحزن الجمعي يظهر عندما يسعى الناس إلى مشاركة مشاعر الفقد مع الآخرين، موضحاً أن التجمعات والطقوس "تمنح الأفراد شعوراً بالاعتراف بألمهم، وتسهم في استعادة الإحساس بالأمان والترابط".

وأشار إلى أن هذا التلاقي قد يكون أيضاً "فعل مقاومة" في مواجهة الإرهاب، مؤكداً أن طاقة الحزن غالباً ما تبحث عن منفذ، سواء عبر التضامن، أو العمل المجتمعي، أو المبادرات الإنسانية.

من جهته، قال الحاخام جورج مردخاي من كنيس إيمانويل في وولاهرا إن المجتمع اليهودي يعيش حالة حزن جماعي، لكنه عبّر عن امتنانه لموجة الدعم الواسعة من المجتمع الأسترالي الأوسع.

وأوضح أن مشاعر الغضب والخوف والحزن تتداخل، لكنه لفت إلى أن التضامن الذي لمسه في الشارع "بعث دفئاً كبيراً"، مشيراً إلى أن كثيرين بادروا إلى التعبير عن وقوفهم إلى جانب اليهود في هذه المرحلة الصعبة.

وأضاف أن المجتمع اليهودي ينظم لقاءات استماع جماعية لإتاحة المجال أمام الأفراد للتعبير عن حزنهم، في إطار طقسي يقوم على الإصغاء واحترام مساحة المتحدثين، باعتبار ذلك جزءاً من عملية الشفاء.

وشدد الحاخام مردخاي على أهمية عدم تسييس الحزن، مؤكداً أن الأيام السبعة التي تلي الدفن تُعد وقتاً مقدساً في التقاليد اليهودية، مخصصاً لمواساة أهل الفقد، داعياً إلى احترام هذه المساحة الإنسانية.

وقال " الطريقة التي ننظم بها أنفسنا في هذه المساحات الدائرية هي أن الشخص المتحدث سيحمل شيئا طقسيا، وأثناء حملهم لهذا الشيء، فهذا وقتهم، ومسكهم. ونحن، وكل من في الدائرة، علينا أن نشارك أو نستمع بنشاط. لا يسمح لنا بمقاطعة ذلك الشخص أثناء حديثه والتعبير عن حزنه. ونحن نشهد حزنهم ونستمع حتى مع اختلافاتهم، حتى عندما يصعب علينا سماع ذلك ربما".

وختم بالقول إن السماح لجميع الأستراليين بالحزن معاً قد يفتح الباب لاحقاً لحوار أعمق وبناء علاقات أكثر متانة، معرباً عن ثقته بأن المجتمع الأسترالي قادر على تجاوز هذا الفصل المظلم من تاريخه.

من جهته أوضح الحاخام يوسي فريدمان أن فترة الحداد الأولى في اليهودية، المعروفة بـ"شيفاه"، تمتد سبعة أيام وتشمل طقوساً خاصة داخل المنازل، مشيراً إلى أن وضع الحجارة عادةً ما يرمز إلى ديمومة أثر الراحلين ، ماضيا الى القول " ما نضعه عادة هو حجر .. حجر يمثل الديمومة لا يذبل أو يتعفن، وهذا يرمز إلى إرث أحبائنا وأنهم تركوا أثرا دائما علينا وعلى العالم "، لكنه اعتبر أن النصب الزهري في بونداي يحمل رسالة تضامن مؤثرة من غير اليهود.

وفي السياق ذاته، قالت المديرة التنفيذية لمركز "فينيكس أستراليا" للصحة النفسية ما بعد الصدمة، البروفسورة نيكول سادلر، إن الأحداث الصادمة على هذا المستوى تُنتج طبقات متعددة من الحزن، ولا تقتصر آثارها على المجتمع المستهدف مباشرة.

وبيّنت أن الهجوم لم يزعزع الشعور بالأمان فحسب، بل مسّ رمزية المكان ذاته، مشيرة إلى أن بونداي كان يُنظر إليه باعتباره فضاءً للراحة والترفيه، ما عمّق الإحساس بالخسارة لدى شرائح واسعة من المجتمع.

وأضافت أن مثل هذه الأحداث تعطل البنى الاجتماعية التي تساعد المجتمعات عادة على التعافي، ما يجعل استعادة الشعور بالحياة الطبيعية أكثر تعقيداً.

وفي محاولة لاستعادة هذا الإحساس، شارك مئات الأشخاص في سباحة تذكارية فجراً قبالة شاطئ بونداي، حيث تجمع قرابة سبعمئة شخص في البحر، بينما تابع آخرون من الشاطئ والممشى، في فعالية هدفت إلى تكريم الضحايا والتعبير عن التضامن.

وقالت كورتني موران من نادي "بونداي بنغوينز" للسباحة، إن الفعالية شكّلت طقساً جماعياً بسيطاً، يتيح للناس التعبير عن مشاعرهم حين تعجز الكلمات عن ذلك.

وكان رئيس الوزراء أنتوني ألبانيزي قد أعلن أن الحكومة الفيدرالية تعمل مع المجتمع اليهودي لترتيب يوم حداد وطني في العام الجديد، على أن يُحدد موعده لاحقاً، مؤكداً استمرار التحقيقات الأمنية في الهجوم.

أكملوا الحوار على حساباتنا على فيسبوك وانستغرام.
اشتركوا في قناة SBS Arabic على YouTube لتشاهدوا أحدث القصص والأخبار الأسترالية.

شارك

6 مدة القراءة

نشر في:

آخر تحديث:

By Catriona Stirrat

المصدر: SBS


Share this with family and friends


تحديثات بالبريد الإلكتروني من أس بي أس عربي

.سجل بريدك الإلكتروني الآن لتصلك الأخبار من أس بي أس عربي باللغة العربية

باشتراكك في هذه الخدمة، أنت توافق على شروط الخدمة وسياسة الخصوصية الخاصة بـ "SBS" بما في ذلك تلقي تحديثات عبر البريد الإلكتروني من SBS

Download our apps
SBS Audio
SBS On Demand

Listen to our podcasts
Independent news and stories connecting you to life in Australia and Arabic-speaking Australians.
Personal journeys of Arab-Australian migrants.
Get the latest with our exclusive in-language podcasts on your favourite podcast apps.

Watch on SBS
Arabic Collection

Arabic Collection

Watch SBS On Demand