هذا ما كشفه تقرير جديد صادر عن "معهد الدراسات الأسرية الأسترالي"، والذي أشار إلى ما وصفه بـ"الانحدار المهني" الذي يعاني منه اللاجئون، حتى بعد مرور أكثر من عشر سنوات على وصولهم إلى البلاد.
ويشير التقرير إلى أن آلاف اللاجئين الذين كانوا يعملون كمدراء أو محترفين في مجالات مثل الأعمال وتقنية المعلومات والموارد البشرية، لم يتمكنوا من الحصول على وظائف مماثلة في أستراليا رغم إقامتهم الدائمة.
أرقام صادمة بعد عقد من الاستقرار
الدراسة التي شملت حوالي 2400 لاجئ من العراق وأفغانستان وإيران وميانمار، أظهرت أن نسبة العاملات في المناصب الإدارية أو المهنية قبل الوصول إلى أستراليا كانت تبلغ 30%، لكنها تراجعت إلى 17% بعد عشر سنوات. أما بين الرجال، فانخفضت النسبة من 19% إلى 10%.
وتبيّن أن ثلثي النساء اللواتي كنّ يشغلن مناصب إدارية أو مهنية في بلدانهن، لم يحصلن على أي وظيفة مدفوعة الأجر في أستراليا، بينما عملت الأخريات في مهن كالعناية الشخصية، والتنظيف، والمساعدة في التعليم أو المبيعات.
ومن أبرز العوائق التي تم توثيقها: صعوبة الاعتراف بالمؤهلات الأجنبية، وحاجز اللغة، لا سيما للنساء اللواتي لديهن أطفال دون سن الخامسة، إذ كنّ أقل عرضة بنسبة 84% لدخول سوق العمل مقارنةً بالرجال.
تكلفة اقتصادية بالمليارات
وفقًا لتقديرات (SSI)، فإن الاقتصاد الأسترالي يخسر ما يقارب 9 مليارات دولار سنوياً نتيجة عدم توظيف اللاجئين والمهاجرين وفقاً لمهاراتهم وخبراتهم. ويرى القائمون على الدراسة أن تمكين اللاجئين من ممارسة المهن التي يجيدونها لا يعود بالنفع فقط على الأفراد، بل على الاقتصاد والمجتمع ككل.
ويقول جون فان كوي، المشرف على الدراسة: "كلما تجاهلنا مؤهلات هؤلاء الأفراد وخبراتهم، خسرنا جميعًا. إنها خسارة مشتركة تتطلب استثماراً طويل الأمد في اندماجهم المهني."
الريادة خيار بديل والمرونة مفتاح للنجاح
ورغم التحديات، أظهرت الدراسة أن أكثر من خمس المشاركين تمكنوا من إنشاء أعمالهم الخاصة خلال العقد الماضي، وهي نسبة تفوق تلك المسجلة بين السكان المولودين في أستراليا. ويرى الباحثون أن هذا التوجه يعكس مرونة اللاجئين واستعدادهم لتجاوز العقبات من أجل تأمين مستقبل أفضل لعائلاتهم.
الطريق إلى الحل
رغم تحسن بعض آليات الاعتراف بالمؤهلات خلال السنوات الأخيرة، لا تزال هناك حاجة إلى إصلاحات أعمق وأكثر شمولاً. ويشير الباحثون إلى أن "الاندماج المهني" لا يمكن اختصاره بفترة زمنية محددة بعد الوصول، بل هو مسار طويل يتطلب دعماً مستمراً من المؤسسات الحكومية، وسوق العمل، والمجتمع.
واختتم فان كوي بالقول: "اللاجئون يملكون قصصًا مليئة بالصمود والتحدي، وقدرتهم على العطاء كبيرة. المهم أن نتيح لهم الفرصة لنرى ما يمكنهم تقديمه حقاً."