وزارة الزراعة الأسترالية أكدت أن الملاحظات الميدانية التي سجلها العلماء خلال بعثة بحثية في إطار البرنامج الأسترالي في القطب الجنوبي "تتوافق مع أعراض إنفلونزا الطيور"، لكنها شددت على أن الإصابة لم تُؤكَّد بعد وأن العينات ستُفحَص في المختبرات الأسترالية خلال تشرين الثاني/ نوفمبر.
وفيما لم تُسجّل وفيات غير معتادة بين طيور البطريق أو أنواع أخرى من الطيور البحرية، يواصل الباحثون مراقبة الوضع، في وقت تصف فيه الوزارة الحالة بأنها "جرس إنذار لضرورة الاستعداد الجاد لأي تفشٍّ محتمل".
هل الخطر قريب؟ العلماء يجيبون
يقول أستاذ الأمراض المعدية في الجامعة الوطنية الأسترالية سانجايا سيناياكي إن احتمال ظهور الفيروس في جزيرة هيرد "يذكّرنا بمدى سهولة انتقال العدوى عبر القارات"، مشيراً إلى أن الطيور المهاجرة تمثل الجسر الأخطر لنقل الفيروس إلى أستراليا.
وأضاف: "الطيور يمكنها الطيران لمسافات شاسعة، تماماً كما حدث في الولايات المتحدة، لذلك يجب أن نبقى في حالة يقظة دائمة".
ودعا سيناياكي السلطات إلى تعزيز المراقبة البيطرية قائلاً:
"عند ظهور أي أعراض مرضية بين الطيور أو الماشية، يجب أن نتحرك بسرعة — نجري الفحوص فوراً، ونفرض الحجر الصحي عند الحاجة".

The Heard Island is located more than 4,000km south-west of Perth in the Southern Ocean. Source: SBS
الحكومة: نحن مستعدون قدر الإمكان
وزيرة الزراعة الأسترالية جولي كولينز قالت في مؤتمر صحفي الجمعة إن البلاد "مستعدة قدر المستطاع" لأي احتمال، لكنها أكدت أن الوضع في جزيرة هيرد ما زال غير محسوم.
وحثّت كولينز المواطنين على عدم لمس الطيور النافقة والإبلاغ فوراً عن أي حالات نفوق جماعي عبر الموقع الرسمي birdflu.gov.au.
كما أشارت إلى أن الحكومة خصصت أكثر من 100 مليون دولار لدعم خطط المراقبة والاستجابة لأي تفشٍّ، وتوفير تمويل إضافي للمنظمات البيئية لرصد الحياة البرية.
كارثة بيئية تلوح في الأفق
تقول الباحثة جين يونغر من جامعة تسمانيا إن تفشياً محتملاً على جزيرة هيرد قد يشكل كارثة على الحياة البرية في المنطقة وفي أستراليا نفسها.
وتوضح أن الفيروس انتشر بسرعة في المحيط الجنوبي خلال الأشهر الستة الأخيرة، وأن وجهته التالية قد تكون جزيرة ماكواري الأسترالية، ثم البر الأسترالي.
"لقد شاهدنا معدلات نفوق ضخمة بين الفقمات في مناطق أخرى من العالم، وصلت في بعض الأحيان إلى 90% من صغارها خلال موسم التكاثر"، تقول يونغر، مضيفة أن الطيور البحرية أيضاً ستكون ضمن الضحايا الأوائل في حال وصول الفيروس.

Scientists will bring back samples on the icebreaker RSV Nuyina in November for testing. Source: AAP / Australian Antarctic Division
هل يشكل تهديداً للبشر؟
رغم أن انتقال فيروس H5N1 إلى الإنسان نادر، إلا أن منظمة الصحة العالمية أكدت تسجيل عشرات الإصابات البشرية خلال العامين الأخيرين، معظمها في صفوف العاملين في مزارع الدواجن، بينها حالة وفاة واحدة في الولايات المتحدة.
ويحذر العلماء من أن التحورات الجينية للفيروس قد تمكّنه من الانتقال بين أنواع جديدة من الثدييات، مثل الأبقار، ما يرفع خطر تطوره إلى فيروس قادر على العدوى بين البشر.
وقال سيناياكي:
"التحورات التي سمحت للفيروس بالقفز من الطيور إلى الأبقار كانت غير متوقعة. هذا تطور يجب أن نراقبه عن كثب لأن إنفلونزا الطيور قد تكون نواة الوباء العالمي المقبل."

Scientists are concerned H5N1 has spread among elephant seals on Heard Island. Source: Getty / Anadolu
بين الاستعداد والترقب
حتى الآن، تبقى أستراليا القارة الوحيدة في العالم التي لم تسجل تفشياً لسلالة H5N1، لكن موقعها الجغرافي ومسارات الطيور المهاجرة يجعلها في مرمى الخطر المستمر.
وفيما تبدي الحكومة ثقة بقدرتها على الاستجابة السريعة، يؤكد العلماء أن الوقاية تبدأ بالمراقبة المستمرة والوعي العام.
"إذا وصل الفيروس إلى هنا، فالأضرار على الحياة البرية ستكون حتمية، ولن يكون بوسعنا سوى المراقبة"، تقول يونغر، في تلخيص دقيق لهشاشة التوازن البيئي أمام وباء لا يرى بالعين المجردة.
