عادت قضية الهجرة إلى الأضواء مع تطورين متزامنيْن يؤكدان وجود رغبة حقيقية لدى القطاعات الأسترالية المختلفة التي تمثل مجتمع الأعمال والنقابات والمنظمات الأهلية والحكومية لاستقبال أعداد مرتفعة من المهاجرين سنوياً.
التطور الأول بدا لبعض المراقبين مفاجئاً: إذ جاء ضمن وثيقة واحدة موقعة من كبار الشركات وممثلي المصالح التجارية من جهة، واتحاد نقابات العمال الأسترالية من جهة ثانية، بالإضافة إلى منظمات إجتماعية واثنية من جهة ثالثة، في وحدة نادرة قلما شهدتها البلاد.
طالبت هذه الوثيقة التاريخية الحكومة الفدرالية بإبقاء المعدل الحالي والمرتفع من المهاجرين على حاله، وهو 190 ألف مهاجر سنوياً، محذرةً من المساس بهذا المعدل، ومعتبرة أن خفضه، بموجب اقتراحات سابقة، ستكون له تداعيات إقتصادية وإجتماعية سلبية.
وأعرب الموقعون على الوثيقة التي نُشرت أولاً في صحيفة الأستراليان قبل أن تتداولها باقي وسائل الإعلام بما فيها شبكة SBS عن قلقهم من انحراف النقاش حول الهجرة عن مساره الحقيقي، بحيث يتم التركيز على تخويف الرأي العام من المهاجرين فيما يجري تجاهل الفوائد الاقتصادية لهجرة المهارات إلى أستراليا.
ومن الموقعين على الوثيقة مجلس الهجرة، مجلس الخدمات الاجتماعية، اتحاد مجالس الجاليات الإثنية، مجلس الاستقرار، مجلس قطاع الأعمال ومجلس الصناعات واتحاد النقابات.
وتزامن هذا التطور مع خطاب ألقته رئيسة حكومة نيو ساوث ويلز غلاديس بيريجيكليان ليلة أمس، دعت فيه إلى إبقاء معدل الهجرة على حاله، رافضة بذلك اقتراحات بخفضها نُقلت عن رئيس الوزراء السابق توني أبوت.
لكن بيريجيكليان التي ترأس أكبر الولايات الأسترالية طالبت بأن تكون لحكومات الولايات كلمة في سياسة الهجرة بحيث لا تكون هذه السياسية حكراً على الحكومة الفدرالية.
وفي موقف يعبّر عن نظرتها لكيفية استيعاب المهاجرين واستقرارهم، دعت بيريجيكليان إلى ضرورة بناء مناطق جديدة تربط بين المدن الرئيسية وضواحيها من جهة، والأرياف من جهة ثانية. وأشارت إلى أن مثل هذه المشاريع يجب أن تشمل أيضاً بناء شبكة من القطارات السريعة لكي تربط المدن والمناطق الجديدة والأرياف بعضها ببعض، فيستفيد الاقتصاد الوطني بقدر الإمكان من المهاجرين الجدد.
ولم توضح بيريجيكليان رؤيتها لكيفية جذب المهاجرين والمواطنين إلى المناطق الجديدة، لكنها شدّدت على ضرورة أن يعي المهاجرون أن الانتماء إلى أستراليا يترافق مع واجبات أهمها أن يكون المواطن مسؤولاً بحيث يعطي المجتمع شيئاً مما قدّمه له.