هذه القراءة للواقع الجديد في منطقة جنوب شرق آسيا ومحيطها جاءت من عدد من خبراء الاستراتيجيا العسكرية، بينهم أحد كبار الضباط السابقين في البحرية الأسترالية الأميرال جميس غولدريك. وقد كتب غولدريك مقالة بهذا الصدد في صحيفة الأستراليان اليوم مع آندرو شيرر وهو المستشار السابق لشؤون الأمن القومي في عهود حكومتيْ جون هاورد وتوني أبوت.
ودعا الكاتبان في هذه المقالة إلى سحب قوات البحرية الأسترالية من الشرق الأوسط وإعادة نشرها في المنطقة في ضوء ثلاثة تطورات خطيرة متسارعة. الأول، استفحال السجال بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية وسط مخاوف من انتقال المبارزة الكلامية إلى تقاذف صاروخي يؤدي إلى حرب كبرى. والتطور الثاني تعاظُم شبح الإرهاب في دول مجاورة مثل إندونيسيا والفيليبين حيث لأستراليا مصالح مهمة. والتطور الثالث يتعلق باستمرار التحديات أمام الملاحة البحرية الدولية في بحر جنوب الصين.
وقد اعتبر الأميرال المتقاعد أن الوقت حان لوضع استراتيجية دفاعية جديدة لأستراليا في ضوء هذه التطورات، معتبراً أن هذه الاستراتيجية يجب أن تقوم على إعادة ترتيب الأولويات، وإلاّ فإن قوة أستراليا ستضعف ونفوذها في المنطقة سيتراجع وأمنها سيكون مهدداً بشكل أكبر.
ولدى أستراليا حالياً أربع بوارج رئيسية في المنطقة مدعومة من عدد من القطع البحرية الأصغر حجماً، بسبب انهماك باقي البوارج والقطع في التزامات عالمية بالإضافة إلى انشغال جزء كبير من القوة البحرية في حماية الحدود ومراقبتها من قوارب طالبي اللجوء. وقد قررت الحكومة الأسترالية تزويد بوارجها الحربية بقوة صاروخية متطورة.

Australian warships Source: AAP
وتعوّل أستراليا أيضاً على أسطول غواصاتها الجديدة والمتطورة والتي ستوضع في الخدمة بعد سنوات لكي تحافظ على ميزان القوى في المنطقة. لكن يبدو أن الغواصات الجديدة التي تبنيها شركة فرنسية لأستراليا وعددها 12، لن تكون بالقوة المتوقعة منها.
هذا ما أعلنه الخبير في شؤون الدفاع البروفسور رودجر برادبيري من الجامعة الأسترالية الوطنية في كانبرا. البروفسور برادبيري لقّب الغواصات الجديدة بالنمور ذات الأسنان الحادة مثل السيف القاطع لكنها نمور مهددة بالانقراض، كما أضاف، بسبب التقدم التكنولوجي السريع الذي من شأنه أن يقضي على ميزتها الأساسية وهي استحالة اكتشافها من قبل العدو. وتوقع البروفسور برادبيري أن تتمكن التكنولوجيا المضادة من اكتشاف الغواصات ما سيحوّلها إلى "نعوش كلفتها مليارات الدولارات" على حد وصفه.