بصفته أبًا لطفل يبلغ من العمر 11 عامًا، يتبنى راهول بوخاريل نهجًا حذرًا في ما يتعلق بإتاحة الإنترنت لابنه. وعلى الرغم من أن ابنه يمتلك حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن بوخاريل وزوجته يراقبان نشاطاته عبر الإنترنت بشكل دائم.
وقال بوخاريل، الذي يدير مدرسة لغات في مدينة ملبورن: "نحرص على متابعة تفاعلاته على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل إذا كان قد تواصل مع غرباء أم لا". ورغم ذلك، فإنه يدرك أن وسائل التواصل الاجتماعي تمثل وسيلة قيمة للتواصل عبر الثقافات والحدود.
Rahul Pokharel believes social media helps kids like his son to connect with family overseas. Credit: SBS Nepali / Sapana Phuyal (inset) and Pexel / Kampas Production
في أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي، أصبحت أستراليا أول دولة في العالم التي تمنع الأطفال والشباب دون سن 16 من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، بعد أن صوت البرلمان الفيدرالي لصالح تشريع الحظر الذي سيُنفذ في وقت لاحق من هذا العام. هذا الحظر سيؤثر على كيفية استخدام الأطفال والشباب الأستراليين لمنصات مثل فيسبوك، تيك توك وغيرها.وفي تعليق له على القانون، قال رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي إن الهدف من هذا التشريع هو تقليل الأضرار التي تسببها هذه المنصات للأطفال. ولكن، رأى الخبراء في قانون الإعلام، فيث غوردون، أن الحظر يشكل "أداة صارمة" و"قرارًا سريعًا وغير مدروس"، مشيرين إلى أن الشباب المتأثرين بالحظر قد يتجاوزون هذا القانون باستخدام شبكات VPN.
من جهة أخرى، يرى البعض أن هذه التغييرات قد تؤدي إلى عزلة أكبر للأطفال من المجتمعات متعددة الثقافات الذين قد يعانون بالفعل من صعوبة في إيجاد شعور بالانتماء. قال راميش خاكا، وهو أب لمهاجرين، إنه شاهد العديد من الأطفال من هذه العائلات وهم يعزلون أنفسهم عن عائلاتهم ويصبحون أكثر انطوائية.
وأضاف خاكا: "الكثير من العائلات التي أعرفها تملك منازل مكونة من طابقين. الأطفال غالبًا ما يكونون في غرفهم العلوية، يستخدمون هواتفهم المحمولة أو أجهزة الكمبيوتر المحمول للدخول على وسائل التواصل الاجتماعي لساعات، بينما لا يعرف الآباء ما الذي يقوم به أطفالهم".
تجد أريا بهاتاراي، التي بلغت 16 عامًا ، نفسها خارج نطاق الحظر. وقالت في حديثها مع أس بي أس : "استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يساعدني أنا وأصدقائي على البقاء على اتصال مع بعضنا البعض". لكن لويس غيمير، التي تبلغ من العمر 10 سنوات، لن تكون محظوظة مثلها، حيث سيؤثر الحظر على قدرتها على التواصل مع عائلتها في الخارج.
Shreeyam Sapkota (left), Arya Bhattarai (centre), and Rishan Shrestha (right) are among the “lucky” ones who will escape the social media ban when it comes into effect later this year. Credit: SBS Nepali / Sameer Ghimire
مسؤولية وسائل التواصل الاجتماعيفي الآونة الأخيرة، أعلنت شركة ميتا أنها ستنهي برنامج التحقق من الحقائق الذي تقدمه أطراف ثالثة في الولايات المتحدة، وستستبدله ببرنامج "ملاحظات المجتمع" الذي يشبه ذلك الموجود على منصة "إكس" التي يملكها الملياردير إيلون ماسك.
وقد صرح ألبانيزي قائلاً: "أقول لوسائل التواصل الاجتماعي أن لديها مسؤولية اجتماعية ويجب عليها الوفاء بها". وأضاف: "نحن في أستراليا سنقف دائمًا في مصلحة بلدنا، ولن نتراجع عن قراراتنا".
أما أنو كويرالا، وهي معلمة في مدرسة نافي بالتشوتاري للغات في جنوب شرق ملبورن، فقد أيدت الحظر الحكومي واعتبرت أنه سيساعد الأطفال على النمو والتطور بعيدًا عن التأثيرات السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي. وقالت: "أفضل أن أرى الأطفال يركزون أكثر على دراستهم". وذكرت أنَّ استخدام وسائل التواصل الاجتماعي قد يعرض الأطفال لمحتوى ضار، وقد يؤدي إلى آثار نفسية وصحية غير مرغوب فيها.
Anu Koirala is a teacher and a mother. Credit: SBS Nepali / Sapana Phuyal (inset) and Pexel / Yan Krukau
التواصل رغم المسافاتالدكتور أنوبام بوخاريل، استشاري الطب النفسي المقيم في ملبورن، أكد على أن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تلعب دورًا في الحفاظ على الاتصال الاجتماعي رغم المسافات. ومع ذلك، فقد أشار إلى أن الحظر يعد خطوة جيدة لحماية الأطفال من التنمر عبر الإنترنت. وأضاف: "كما هو الحال مع التصنيف العمرى للأفلام والبرامج التلفزيونية، فإن تطبيق معيار العمر على وسائل التواصل الاجتماعي يعد أمرًا جيدًا لضبط الوصول إلى هذه المنصات".
ورغم ذلك، ترى كريتي ريجمي، مستخدمة لتطبيق تيك توك وطالبة في الصف الثامن، أن الحظر لن يمنع التنمر عبر الإنترنت. وقالت: "حتى إذا أزلت وسائل التواصل الاجتماعي، سيظل الناس يتنمرون في المدرسة أو على مواقع أخرى".
Dr Anupam Pokharel says the ban will help young people. Credit: Supplied by Anupam Pokharel (inset) and Pexel / Designecologist
في النهاية، يظهر أن التغييرات في وسائل التواصل الاجتماعي في أستراليا لعام 2025 ستؤثر بشكل كبير على المجتمعات متعددة الثقافات، وستخلق تحديات جديدة في كيفية التواصل والحفاظ على الروابط العائلية والاجتماعية عبر هذه المنصات. ومع ذلك، تبقى الآراء متباينة حول مدى فاعلية هذه السياسات في معالجة المشكلات المرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعي.للاستماع إلى أحدث التقارير الصوتية والبودكاست، اضغطوا على الرابط التالي.