لم يكن الرجل الذي ولد في شتاء 1936 في جزر مضيق تورس يعلم أنه سيلعب دورا تاريخيا لإثبات أحقية شعبه في الأرض التي ولد وترعرع عليها.
على النقيض تماما: فولادة الطفل سامبو جاءت مع حزن فقدان أمه التي ماتت أثناء وضعه لها، ومع وفاة أمه بدأت رحلة التبني والحياة في بيت عمه مابو الذي منح قريبه الوليد اسم بيني مابو.
بعد عقدين من الزمان انتقل مابو لولاية كوينزلاند أملا في الحصول على عمل مجزي، لكن في أستراليا في ذلك الحين كان السكان الأصليون يعاملون معاملة ظالمة، ويحصلون على رواتب أقل من المستوطنين الأوروبيين.
عمل مابو إذاً تحت الشمس الحارقة في جمع محصول قصب السكر، وعاش على قوارب جمع اللؤلؤ كغطواص يجمع المحار ويكشف عن الكرات البيضاء باهظة الثمن، وتزوج مابو من بونيتا نيهوو وأنجبا عشرة أطفال.
بدأت مشاركة مابو في الحياة السياسية في عام 1967، العام الذي شهد الاستفتاء الذي قلص من صلاحيات الحكومة على الأبوريجينيين، ومنحهم حرية التنقل وامتلاك الأرض وغيرها من حقوقهم الطبيعية. بالنسبة لمابو مكنت نشاطاته الأبوريجينيين في الحصول على حقهم في الرعاية الصحية، وأسس مابو مدرسة للأطفال الأبوريجينيين في كوينزلاند.

Students of the Black Community School. Source: Mabo Family Collection
صراع استرجاع الأرض
في عام 1972 حاول مابو العودة لجزيرة مير التي ولد عليها لزيارة أبيه بالتبني المريض، لكن السلطات منعته من الوصول للجزيرة.
وفي عام 1974 أصبح استرجاع أراضي الأبوريجينيين محل اهتمام مابو الأكبر بعد لقائه باثنين من اساتذة التاريخ في الجامعة التي كان مابو يعمل بها كبستاني، أثناء نقاشات مابو مع خبراء التاريخ اصطدم بحقيقة أن أرض جزيرة مير التي ولد عليها هي أرض تملكها ملكة بريطانيا ولا تملكها أسرة مابو، ولذلك منع مابو من العودة إليها.
فعندما بدأ الاستيطان الأوروبي أعلنت الملكة القارة الأسترالية أرضا خالية من السكان ليحق للإمبراطورية البريطانية الاستيلاء عليها، حدث هذا على الرغم من وجود نصف مليون أبوريجيني على الأقل في القارة.

Eddie Mabo with his legal team. Source: SBS
بعد إلقائه لكلمة عن ملكية الأرض للأبوريجينيين في عام 1981، تواصل مابو مع المحامي جريج ماك اينتري الذي اقتنع بالعمل مع مابو لبحث قضية ملكية الأرض، وفي عام 1982 تقدم مابو وعدد من سكان جزر مير بدعوى أمام المحكمة الأسترالية العليا لمنحهم حق تملك الأرض، وعرفت القضية "بقضية مابو".
استمر نظر القضية أمام المحكمة لمدة عشر أعوام لكن المحكمة في اليوم الثالث من يونيو/ حزيران اعترفت بوجود الأبوريجينيين قبل الاستيطان واعترفت أيضا بنظام ملكية الأبوريجينيين للأرض.
كان هذا تطوراً جذريا في علاقة الأبوريجينيين بالحكومة الأسترالية.
للأسف لم يتمكن مابو من الاستمتاع بثمرة كفاحه الأكبر لاسترجاع أرضه و أرض الأبوريجينيين، فقد توفي مابو قبل الاعلان عن الحكم بخمسة شهور بعد معاناة مع مرض السرطان.
وبالرغم من وفاة مابو منذ 25 عاماً إلا أن ذكرى كفاحه من أجل استرداد حقوق الأبوريجينيين ومنحهم الرعاية الصحية والتعليم اللائق سيظل خالداً في ذاكرة أستراليا.