ارتفعت أسعار الذهب هذا العام، مدفوعة بمجموعة من العوامل، بما في ذلك عدم اليقين الاقتصادي وتهافت المستثمرين الأفراد على المعدن الأصفر.
شهد هذا الارتفاع الطويل أول انخفاض كبير له هذا الأسبوع، حيث انخفض بنحو 8% من ذروة يوم الاثنين عند حوالي 4,400 دولار أمريكي (6,768 دولار أسترالي) للأوقية، إلى ما يزيد قليلاً عن 4,000 دولار أمريكي (6,153 دولار أسترالي)، وهو أكبر انخفاض للذهب في يوم واحد منذ حوالي 12 عاماً.
هل كان الأمر يتعلق بفقاعة أم مجرد تصحيح متأخر؟
ما الذي تسبب في ارتفاع الذهب - وهبوطه الحاد؟
شهد الذهب ارتفاعاً كبيراً هذا العام، حيث سجل أفضل أداء له منذ عام 1979 مرتفعاً بأكثر من 50% منذ بداية عام 2025.
يأتي ذلك وسط حالة من عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي، لا سيما في الولايات المتحدة، وكلها عوامل تحفز الطلب على المعدن النفيس الذي يُعتبر تقليدياً أحد أصول «الملاذ الآمن».
فقد قامت البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم ببناء مخزونات من الذهب في محاولة لتنويع أصولها وتقليل اعتمادها على الدولار الأمريكي.
وشهد الشهران الماضيان ارتفاعاً حاداً، مع صعود الذهب بنحو 1,000 دولار أمريكي للأونصة.
وقال توني سيكامور، محلل السوق في IG، إن المحرك الرئيسي للارتفاع الكبير للذهب كان «دافعاً قوياً جداً» للشراء لدى المستثمرين الأفراد بسبب «الخوف من فقدان الفرصة».
وأوضح سيكامور أنه خلال 30 عاماً من مراقبة الأسواق، لم يشاهد شيئاً كهذا من قبل.
من جهته قال كاميرون جليسون، كبير استراتيجيي الاستثمار في أسهم بيتا، لبودكاست On the Money التابع لـ SBS إن المستثمرين في الذهب «يعانون من زيادة الوزن»، وقرروا «سحب الأموال من الطاولة».
أضاف: «لقد وصلنا إلى مستوى قرر فيه عدد كافٍ من المستثمرين أن هذا هو الحال لتقليص المراكز نظراً لحجم هذه المخصصات داخل محافظهم، ونتيجة لذلك نرى ارتداداً طفيفاً بشكل عام».
وصرح إسحاق بول، كبير مسؤولي الاستثمار العالمي في Oriania Private Wealth، لأس بي أس الإخبارية في وقت سابق من هذا الشهر أن الصناديق المتداولة في البورصة (ETFs) كانت تدفع الطلب على الذهب بشكل كبير في الأشهر الأخيرة.
وتعد صناديق الاستثمار المتداولة بمثابة صناديق تمتلك مجموعة من الأصول مثل الأسهم أو السندات ويتم شراؤها وبيعها مثل الأسهم الفردية في أسواق الأسهم.
قال بول: «أنت ترى هذا التمويل الضخم لسبائك الذهب من خلال صناديق الاستثمار المتداولة والمستثمرين الأفراد الذين يتسابقون للشراء بعد أن ارتفع السوق بنسبة 70 في المائة. أعتقد أن هذه كانت السردية الكبرى خلال هذا العام وخاصة الشهر الماضي.»
يقول المحللون إن «الخوف من الضياع» بين مستثمري التجزئة هو أحد المحركات الرئيسية للزيادة الحادة في أسعار الذهب. Source: Getty / Brendon Thorne/Bloomberg
كان هناك أيضاً تقلب عام في السوق مؤخراً، مع عمليات بيع مماثلة في العملات المشفرة والبنوك الإقليمية في وقت سابق من هذا الشهر.
وقال سيكامور إن «عاصفة مثالية» تشكلت لتهيئة الظروف التي أدت إلى التراجع.
ماذا سيحدث بعد ذلك؟
على الرغم من الانخفاض المفاجئ للذهب، من المهم تأطير الهبوط الليلي على خلفية ارتفاعه، بما في ذلك ارتفاعه بمقدار 1,000 دولار أمريكي خلال الشهرين الماضيين.
وقال سيكامور إن إحساسه هو أن «القارب يستقر»، حيث لا تزال هناك أسباب وجيهة على المدى المتوسط لشراء الذهب، لكن السؤال يبقى ما إذا كان سيستقر السعر فوق 4,000 دولار أمريكي أم سينخفض.
«تحركات الأسعار في الأسواق ليست خطية؛ فهي لا تتحرك فقط في اتجاه واحد. نحصل على هذه التحركات العدوانية إلى أعلى، تليها عودة سريعة كما رأينا. ولا يزال هذا الاتجاه مستمراً على المدى المتوسط».
«كانت هذه ارتدادة. سواء انتهى الأمر، لا نعرف الإجابة حتى الآن. لكن حتى لو ظل السعر دون 4,000 دولار أمريكي، فربما يتعين عليك أن تتخيل أننا سنجد على الأرجح مشترين يعودون إلى حيث كان يتم تداول الذهب قبل شهرين، بسعر 3,500 دولار أمريكي».
هناك بالفعل علامات انتعاش في سعر الذهب. يوم الأربعاء، ارتد الذهب إلى 4,145 دولاراً أمريكياً للأوقية.
وقال جليسون إن انخفاض الذهب كان بالتأكيد كبيراً، لكنه لن يستمر في الهبوط بشكل كبير على المدى الطويل.
«حجم هذا الانخفاض [حوالي 6 في المائة] لفئة أصول مثل الذهب كبير جداً. نحن لا نتحدث عن العملات المشفرة مثل البيتكوين. يعتمد الناس على الذهب كمخزن للقيمة ويمكن أن يكون ذلك مقلقاً عندما ترى مخزن القيمة هذا ينخفض في السعر بهذا الشكل».
أضاف، «ربما بالغ المستثمرون قليلاً الشهر الماضي، هذا الارتفاع القوي الذي شهدناه خلال شهري سبتمبر وأكتوبر. لكن على المدى الطويل، لا تزال تلك الدوافع في حالة عدم اليقين السائدة في العالم اليوم قائمة. لذا نعتقد أن المستثمرين سيستمرون في الاستثمار على المدى الطويل في صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب والصناديق المتداولة للذهب».
وقال محلل السوق في Capital.com كايل رودا: «لا تزال المقومات الأساسية للذهب قوية ومن المرجح أن تظل مدعومة بتوقعات خفض أسعار الفائدة الأمريكية والإسراف المالي في جميع أنحاء العالم والمخاطر الجيوسياسية».
وختم رودا قائلاً: «يبدو أن الوقت قد حان لعودة سوق الذهب إلى طبيعتها واستقرار أسعار الذهب، وإن ترافق ذلك على الأرجح مع بعض التقلبات السعرية في الأيام المقبلة».
