رغم الارتفاع العام في أسعار المساكن عبر البلاد، فإنّ التقرير يؤكد أن المنزل النموذجي المؤلف من ثلاث غرف نوم وحمّامين داخل منطقة مهدّدة بالفيضانات يُباع بأقل بنحو 75 ألف دولار من منزل مشابه في منطقة آمنة.
"العقوبة المناخية" تصيب أصحاب المنازل
وصفت الرئيسة التنفيذية لمجلس المناخ، أماندا ماكنزي، هذه الظاهرة بأنها "عقوبة الكوارث" التي يدفعها أصحاب المنازل في المناطق الهشة بيئياً، مشدّدةً على أن التغيّر المناخي لم يعد خطراً مستقبلياً، بل واقعاً اقتصادياً ملموساً.
وقالت ماكنزي في تصريحها:
"على الناس أن يدركوا أنّ هذه المخاطر حاضرة بيننا الآن، وأنها تُفاقم من عدم المساواة داخل المجتمع الأسترالي."وبحسب التقرير، فإن منزلاً واحداً من كل ستة في أستراليا يقع في منطقة معرّضة للفيضانات، أي ما يعادل أكثر من مليونين من أصل 11 مليوناً و700 ألف منزل.


كوينزلاند ونيو ساوث ويلز في الصدارة
كانت ولايتا كوينزلاند ونيو ساوث ويلز الأكثر تضرراً من تراجع القيم العقارية، بينما جاءت تاسمانيا وإقليم العاصمة الأسترالية في أدنى قائمة المتأثرين.
وشهدت مدينة بريسبان أكبر انخفاض في القيم، إذ خسر أصحاب المنازل في الأحياء القريبة من نهر بريزبين، مثل تشلمر وغرايسفيل، نحو 10.6% من قيمة ممتلكاتهم، أي ما يعادل ثلاثمئة وثلاثة آلاف دولار تقريباً لكل منزل.
وفي غرب سيدني، بلغ متوسط الخسارة في منطقتي بيت تاون وماكغراثز هيل نحو 8.7%، أي ما يقارب 363 ألف دولار للمنزل الواحد.

Former prime minister Scott Morrison inspects a flood-damaged property in Sydney's McGraths Hill in 2022, where property values have since dropped by nearly 9 per cent. Source: AAP / Dean Lewins
حلم السكن الأرخص... فخ الفيضانات
ورغم أنّ البعض يرى في انخفاض الأسعار فرصة للحصول على منزل بتكلفة أقل، فإنّ ماكنزي تحذّر من "الوهم الخطير" وراء ذلك.
"هذه ليست صفقة رابحة، بل مأزق حقيقي. في كثير من هذه المناطق، تكرّرت الفيضانات مرات عدّة خلال خمس سنوات، ما جعل التأمين صعباً أو مستحيلاً."وتضيف أن أصحاب المنازل في المناطق الأقل دخلاً هم الأكثر عرضة للتأثر، إذ تتضاعف معاناتهم عند وقوع الكوارث بسبب غياب التأمين أو صعوبة إعادة البناء.
الأحياء الثرية ليست بمنأى عن الخطر
حتى المناطق الراقية لم تسلم من التراجع. ففي ضاحية ميرميد بيتش الساحلية في غولد كوست، انخفضت قيم العقارات بنسبة 7.8%، رغم أن أقل من عُشر المنازل تقع فعلياً ضمن مناطق الخطر.
ويرجّح التقرير أن الكوارث الأخيرة مثل الإعصار المداري السابق ألفريد ساهمت في تعزيز مخاوف المشترين، ما أثّر على سمعة المنطقة العقارية.
إلا أن بعض الوجهات السياحية الثرية، مثل نوسافيل ونوسا هيدز، أظهرت قدرة على الصمود، إذ طغت جاذبية الإطلالات البحرية ونمط الحياة الفاخر على المخاوف البيئية، وإن مؤقتاً.

A damaged Putt Putt golf course at Mermaid Beach following ex-Tropical Cyclone Alfred in early 2025. Source: AAP / Dave Hunt
من يتحمّل "فاتورة المناخ"؟
يشير تقييم المخاطر المناخية الوطني الصادر عن الحكومة الأسترالية في أيلول/ سبتمبر الماضي إلى أنّ التغيّر المناخي قد يُكلّف سوق العقارات أكثر من 600 مليار دولار بحلول عام 2050.
وترى ماكنزي أنّ هذه الأرقام "تكشف التكلفة الحقيقية التي يتحمّلها الناس الآن"، داعيةً إلى تعديل قوانين التخطيط الحضري لمنع بناء مساكن جديدة في المناطق عالية الخطورة، وإلى برامج حكومية لشراء العقارات المتضررة.
وتضيف:
"من غير المنصف أن يتحمّل الأفراد وحدهم هذه التكاليف، إذ لم يكن أحد يدرك حجم المخاطر في السابق. ينبغي أن تتقاسمها الدولة والمجتمع."
المناخ.. من قضية أخلاقية إلى أزمة اقتصادية
تختتم ماكنزي بدعوة واضحة إلى التحرك الجاد لمواجهة التغيّر المناخي وتسريع التحوّل نحو الطاقة المتجددة:
"هذا ليس نقاشاً أخلاقياً عن مستقبل أفضل فحسب، بل قضية اقتصادية ضاغطة نعيشها اليوم."
