غرفتان إحداهما حمراء والأخرى خضراء، تكونان النظام التشريعي الاسترالي. معاً تمثلان القلب النابض للحياة السياسية الاسترالية وأحياناً معتركاً عنيفاً لانتخابات طاحنة ومواجهاتٍ تاريخية يشهدها الاستراليون بترقب وقلق، بينما تحدد نتائجها مصائر الملايين.
ورغم أهميتهما البالغة، يجهل الكثير من الأستراليين بطريقة عملهما المثيرة للاهتمام.
فتتمتع أستراليا بنظامٍ تشريعيٍ يضمن تمثيل جميع الولايات والمقاطعات بكفاءة مبتكرة. مهمته مناقشة قضايا الدولة المطروحة على أعضائها، وسن التشريعات التي يتم إدراجها في القانون الأسترالي بعد التصديق عليها من كلي المجلسين. مجلس النواب الفدرالي ومجلس الشيوخ الفدرالي. كما يتم تعيين الحكومات والوزراء ورؤساء الوزراء بشكلٍ مباشر من كلي المجلسين.
إذا اختلط عليكم الاثنان فليس عليكم من حرج. قد يبدو الأمر معقداً ولكن إليكم شرحاً مبسطاً لوظيفة المجلسين والهدف منهما.
The Australian Federal Parliament. House of Representatives aka lower house (Right) and The Senate aka the upper house (Left). Source: AAP
مجلس واحد لا يكفي؟
عندما صمم الأوائل النظام التشريعي الأسترالي، واجهوا تحدياً صعباً. كيف يمكن الحفاظ على قيم الديمقراطية والتمثيل العادل لكل الاستراليين بالرغم من اختلاف موارد وحجم والتعداد السكاني للولايات المختلفة؟
إذا اعتنقنا مبدأ التمثيل العادل، فيجب أن يحمل صوت كل أسترالي نفس القوة الإنتخابية لاختيار السياسيين والتصويت في القضايا المهمة.
ولذلك كل مقعد في مجلس النواب يمثل 100،000 أسترالي، فتحصل نيو ساوث ويلز على سبيل المثال، على 47 مقعداً ليعكس تعدادها السكاني كأكبر ولاية أسترالية.
أما فيكتوريا فلديها 37 مقعداً لأن تعدادها السكاني أقل. وسيزداد عدد النواب من فيكتوريا إلى 38 في الانتخابات القادمة ليعكس النمو السكاني الذي شهدته الولاية.
ولكن بهذا المنطق، لدى مقاطعة أراضي الشمال مقعدان فقط. ومقعدان آخران لمقاطعة أراضي العاصمة.
لا أمل للولايات الصغرى
إذا حرص النظام على تحقيق التمثيل العادل لكل أسترالي، طغت مصالح الولايات الكبرى على الصغرى وأصبحت الولايات الأقل تمثيلاً، بلا حول ولا قوة في المجلس التشريعي أمام أخواتها الأكبر. وهو ما ينافي القيم الديمقراطية.
ولذلك كان من الضروري إنشاء مجلس الشيوخ ليغالب مجلس النواب في نظامٍ متداخل يعطي كليهما صلاحيات لتحجيم عمل وموازنة قوى الآخر.
فيعتمد توزيع المقاعد في مجلس الشيوخ حسب عدد الولايات وليس سكانها. ولذلك تحصل كل ولاية على 12 مقعداً بغض النظر عن تعدادها السكاني. أما المقاطعتان فتحصلان كل منهما على مقعدين.
Federal parliament resumes with some members taking part remotely for the first time in history. (AAP) Source: AAP
وليست هذه الفوائد الوحيدة لانعقاد مجلسين تشريعيين، فوجود مجلسين يصعّب احتمالية سيطرة جهة أو فئة أو حزب واحد على كل مراكز صنع القرار، فتتمركز القوة السياسية في نقطة واحدة.
مجلس النواب الفدرالي
يشمل مجلس النواب الفدرالي 151 مقعداً تقسم ما بين الولايات على النحو التالي:
نيو ساوث ويلز 47
فيكتوريا 37
كوينزلاند 30
غرب أستراليا 16
جنوب استراليا 10
تازمانيا 5
مقاطعة أراضي العاصمة 3
مقاطعة أراضي الشمال 2
بحسب الدستور يجب أن يتم اختيار رئيس الوزراء من مجلس النواب وغالباً ما يقع الاختيار على رئيس الحزب أو الائتلاف الحاكم أو بمعنى آخر الحزب أو الائتلاف الحائز على أغلبية المقاعد في مجلس النواب.
ومن أهم وظائف مجلس النواب طرح مشاريع القوانين ومناقشتها وطرح القوانين المتعلقة بتخصيص الأموال أو اقتطاع جزء من ميزانية الدولة.
من أبرز النواب الفدراليين اليوم رئيس الوزراء سكوت موريسون ووزير الخزانة جوش فرايدنبيرغ وزعيم المعارضة أنطوني ألبانيزي و نائبة رئيس اللجنة البرلمانية المشتركة لتطبيق القانون آن علي.
ويتم انتخاب أعضاء مجلس النواب كل 3 سنوات، بحسب الدستور.
مجلس الشيوخ الفدرالي
أما مجلس الشيوخ فوظيفته الأولى مراقبة عمل مجلس النواب والموافقة أو الاعتراض على القوانين المرفوعة منه.
فبالرغم من القوى العديدة التي تتمثل في مجلس النواب، إلا ان مجلس الشيوخ الأصغر يستطيع حجب أو رفض ما يصدر من قوانين. في تلك الحالة يعود مشروع القانون إلى مجلس النواب للتعديل وإعادة التصويت. إذا تمت الموافقة عليه مجدداً يرفع مرةً أخرى لمجلس الشيوخ.
ولن يتم التصديق عليه واعتباره قانوناً إلا بعد موافقة مجلس الشيوخ.
بالمقابل لا يستطيع أعضاء مجلس الشيوخ اقتراح أو طرح مشاريع قوانين إلا في حالاتٍ خاصة. ومنها غياب مجلس النواب أو في حال كان أحد أعضاء مجلس الشيوخ حاملاً لاحدى الحقائب الوزارية.
ويشمل مجلس الشيوخ 76 مقعداً تقسم على النحو التالي: تحصل كل ولاية على 12 مقعد والمقاطعتان على مقعدين لكل واحدة.
Representation of seats by party in the 45th and 46th Australian Senate. Source: Parliament of Australia
ومن أبرز اعضاء مجلس الشيوخ وزير المالية ماتياس كورمان ووزيرة الخارجية ماريز باين ووزيرة الدفاع ليندا رينولدز. ويتم انتخاب أعضاء مجلس الشيوخ كل 6 سنوات.
صوت الأستراليين
بالإضافة إلى مناقشة القوانين العامة، تضم لائحة المهام المسؤول عنها المجلسان العديد من الوظائف الأخرى. تقوم على متابعاتها حفنة من اللجان الخاصة التي تركز على قضايا بعينها أو جزئية تستدعي تشكيل فريق عمل متخصص يضم خبراء قانونيين وغيرهم من غير السياسيين.
ويستطيع الجميع حضور أو مشاهدة جميع جلسات المجلسين من على الموقع الالكتروني للبرلمان الفدرالي، بالبث المباشر أثناء انعقادها. كما يمكنكم متابعة أجندة المواضيع المطروحة والنواب والأعضاء المشاركين.
ففي نهاية المطاف أصوات الاستراليين تحدد بشكل مباشر أسماء من ينتهي بهم الأمر في سدة الحكم.
في الحلقة القادمة نناقش كيفية عمل الأصوات التفضيلية والانتخابات الفدرالية.
