واصل المتظاهرون تجمعاتهم في مواجهة قوات الأمن العراقية في بغداد التي تدخل مرحلة حظر التجول بدءا من الساعة الخامسة من فجر الخميس (03,00 ت غ) "حتى إشعار آخر"، بعد يومين من الاحتجاجات التي أسفرت عن مقتل تسعة أشخاص.
واستثنى الحظر استثناء العاملين في الدوائر الخدمية كالمستشفيات ودوائر الكهرباء والاسالة والمسافرين من وإلى مطار بغداد و الاسعاف والحالات المرضية من قرار حظر التجوال.
ويبدو أن الحكومة التي شكّلت قبل عام تقريباً، اتخذت خيار الحزم في مواجهة أول امتحان شعبي لها، رغم أن ذلك لم يثن المحتجين الذين واصلوا تدفقهم مساء إلى نقاط التجمع المركزية في بغداد ومدن جنوبية عدة.
ضحايا

Protesters react to tear gas fired by Iraqi security forces during a demonstration in Baghdad, Iraq, Wednesday, Oct. 2, 2019. Source: AP
وقتل خمسة متظاهرين بالرصاص مساء الأربعاء في الناصرية بمحافظة ذي قار إضافة إلى شرطي، غداة مقتل متظاهر في المدينة التي تبعد 300 كيلومتر جنوب بغداد، بحسب ما أعلن مسؤول محلي، من دون تحديد مصادر النيران.
في المقابل، قتل متظاهران منذ الثلاثاء في بغداد، حيث امتدت التظاهرات لتطال أكثر من ستة أحياء في العاصمة.
وأقدم متظاهرون في أحياء عدة من بغداد على إشعال إطارات وقطع طرق رئيسية، بحسب ما أفاد مراسلون. وكان أعلن حظر التجول في النجف والناصرية.
ويسعى المحتجون للتوجه إلى ساحة التحرير في وسط العاصمة، التي تعتبر نقطة انطلاق تقليدية للتظاهرات في المدينة، ويفصلها عن المنطقة الخضراء جسر الجمهورية حيث ضربت القوات الأمنية طوقاً مشدداً منذ الثلاثاء.
وقررت السلطات العراقية التي أعادت في حزيران/يونيو افتتاح المنطقة الخضراء التي كانت شديدة التحصين وتضم المقار الحكومية والسفارة الأميركية، إعادة إغلاقها مساء الأربعاء، منعاً لوصول المتظاهرين.
وعادة ما يتخذ المتظاهرون من المنطقة الخضراء وجهة لهم لرمزيتها السياسية، خصوصاً أنها شهدت عام 2016 اقتحاماً نفّذه أتباع رجل الدين مقتدى الصدر.
ودعا الصدر مناصريه مساء الأربعاء إلى "إضراب عام" لإسناد المتظاهرين.
وأعلن مجلس محافظة بغداد أنّه قرّر تعطيل العمل يوم الخميس في كلّ الدوائر التابعة له، الأمر الذي سيسمح لقوّات الأمن بتعزيز نفسها وتشديد قبضتها في مواجهة المتظاهرين.

Iraqi security forces prevent anti-government protesters from reaching Tahrir Square in central Baghdad, Iraq, Wednesday, Oct. 2, 2019. Source: AP
واتهمت الحكومة العراقية "معتدين" و"مندسين" بالتسبب "عمداً بسقوط ضحايا بين المتظاهرين".
والأربعاء، استخدمت قوات مكافحة الشغب مجدداً الرصاص الحي لتفريق مئات المتظاهرين الذين خرجوا للمطالبة بمحاسبة الفاسدين ومكافحة البطالة، وصولاً إلى رفض تنحية قائد عسكري يتمتع بشعبية، في بغداد والناصرية والنجف جنوباً.
وأفاد مراسلون أن القوات الأمنية اعتدت على فريق صحافي، واعتقلت صحافياً آخر.
ومنذ مساء الأربعاء أيضاً، بدا صعباً الدخول إلى مواقع التواصل الاجتماعي مع بطء شديد في شبكة الإنترنت.
ميدانيا ، وفي حي الزعفرانية بجنوب العاصمة، حيث أقدم متظاهرون على حرق إطارات، سمع أزيز رصاص على غرار يوم الثلاثاء في وسط بغداد، في محيط ساحة التحرير التي انطلقت منها التظاهرة.
وقالت مصادر طبية إن أكثر من 400 شخص اصيبوا بجروح في مختلف انحاء العراق، مشيرة إلى أن تسعة منهم على الأقل أصيبوا بالرصاص الحي في بغداد، وان آخرين كانوا يعانون الاختناق نتيجة استنشاق الغاز المسيل للدموع أو أصيبوا خلال عمليات التدافع.
نفي حكومي

Anti-government protesters set fire and block roads in front of the Ministry of Higher Education and Scientific Research in Baghdad, Iraq. Source: AP
من جانبها، نفت الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي، تعطيل الدوام الرسمي ليوم غد الخميس. وقالت وكالة الأنباء العراقية في تغريدة على تويتر "يوم غد الخميس دوام رسمي في جميع دوائر الدولة".
جاء ذلك بعد ان أعلن مجلس محافظة بغداد، اليوم ا تعطيل العمل ليوم غد الخميس في كل الدوائر التابعة له.
وكانت قد أصدرت وزارة التربية قراراً جديد بتأجيل امتحانات الدور الثالث ليوم غد في عموم البلاد الى يوم السبت.
بائعة المناديل
وفي شأن متصل، أثار مقطع فيديو لبائعة مناديل عراقية وهي توزع المناديل على المتظاهرين، تفاعلا واسعا عبر مواقع التواصل الإجتماعي. وانتشر مقطع الذي تظهر فيه امرأة عراقية قال فيه بعض المغردين على تويتر إنها بائعة مناديل خرساء، وهي توزع المناديل على المتظاهرين مجانا. ولم يتسن لنا التأكد من صحة هذا بشمل مستقل.
قمع
وفرقت قوات الأمن التظاهرات في بغداد ومدن عدة من جنوب البلاد بالقوة، أولاً بخراطيم المياه والغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي. بعيد ذلك، وفي العاصمة خصوصاً، استخدمت قوات الأمن الرصاص الحي الذي أطلقته في الهواء لساعات في ساحة التحرير.
وبينما كانت عائلة المتظاهر الأول الذي قتل في بغداد تواريه الثرى في منطقة مدينة الصدر ، ندد المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء سعد معن بـ"المندسّين" الذين يسعون إلى "نشر العنف".
بعد ذلك، علّق الرئيس العراقي برهم صالح على تويتر بالقول إنّ "التظاهر السلمي حقٌ دستوري (...) أبناؤنا في القوات الأمنية مكلّفون بحماية حقوق المواطنين".
من جانبها، أعربت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس-بلاسخارت عن "قلق بالغ"، داعية السلطات إلى "ضبط النفس في التعامل مع الاحتجاجات".
من جهته دعا رئيس البرلمان محمد الحلبوسي إلى التحقيق في الموضوع، على غرار الصدر الذي يرفع راية مكافحة الفساد.
أما عبد المهدي، فقد أصدر بياناً قال فيه "نحيي أبناء قواتنا المسلحة الأبطال الذين أظهروا قدراً عالياً من المسؤولية وضبط النفس" في وجه "المعتدين غير السلميين (...) وتسببوا عمداً بسقوط ضحايا بين المتظاهرين".