كان بيردستو، البالغ من العمر ثمانية وعشرين عاماً آنذاك، يمارس هوايته المفضلة في صيد أسماك الباراموندي برفقة كلبه الصغير "ديغ ديغ"، حين باغته التمساح من الخلف، وغرز أنيابه في ساقه اليسرى قبل أن يجرَّه بعنف داخل المياه محاولاً ابتلاعه.
صراع يائس مع "لفة الموت"
يروي الشاب، الذي عاش لحظات مرعبة، أن التمساح نفَّذ عليه أكثر من مرة ما يُعرف بـ "لفة الموت" وهي الطريقة التي يستخدمها لتمزيق فريسته، مسبِّباً له كسوراً خطيرة في ركبتيه وإصابات بالغة في ذراعه. بل إن بيردستو اضطر إلى التضحية بأحد أصابعه ليستعيد ذراعه من بين فكي التمساح.
ورغم محاولته المستميتة للتشبّث بجذع إحدى أشجار المانغروف، كان يدرك أن النهاية تقترب، قبل أن تغيّر صرخة واحدة مجرى حياته.
سيجارة تُغيّر المصير
في تلك اللحظات، كانت سيدة تدعى رايلين موتون تقف في موقف سيارات قريب من حانة مجاورة وهي تدخن سيجارة، لتلتقط أذناها فجأة صرخات الاستغاثة. سارعت إلى تنبيه صديقها كيفن بيفن، الذي اندفع نحو موقع الحادث.
وجود بيفن ساعد في إرباك التمساح، قبل أن ينجح مع آخرين في جرّ بيردستو إلى برٍّ آمن، بينما تولى شبان مطاردة التمساح بالحجارة والعصيّ لإبعاده.

The saltwater crocodile that attacked Todd was captured after the attack. Source: Supplied
رحلة علاج طويلة
تم نقل الشاب المصاب إلى مستشفى "كيرنز" حيث قضى ثلاثة أشهر كاملة خضع خلالها لأربع عشرة عملية جراحية معقّدة لإصلاح الأضرار البالغة في ساقيه وذراعه. وبرغم الإصابات الجسدية والنفسية، تمكّن بيردستو بفضل العزيمة والدعم الطبي من استعادة قدرته على المشي والعودة إلى ممارسة حياته تدريجياً.

Todd stayed in hospital for three months recovering from the attack. Source: Supplied
درس غير الحياة
اليوم، وبعد مرور أربعة عشر عاماً على تلك التجربة القاسية، يعترف بيردستو أن الحادثة غيّرت شخصيته ونظرته إلى العالم. يقول: "أصبحت أقل اكتراثاً بالماديات، وأكثر تمسكاً بالعيش ببساطة والاستمتاع باللحظات الصغيرة".
وعلى الرغم من أنه لا يزال يشعر بالقشعريرة كلما تذكّر تفاصيل الهجوم، إلا أنه لم يتخلّ عن هواية الصيد، لكنّه أصبح أكثر حذراً عند الاقتراب من المياه.

Todd's mum Cathy visiting him in hospital while he was recovering. Source: Supplied
امرأة وسيجارة… عنوان للنجاة
ويؤكد الناجي الأسترالي أن الفضل في حياته يعود لتلك المرأة التي سمعت صرخاته بينما كانت تدخن سيجارة، مضيفاً: "لو لم تكن هناك في تلك اللحظة، لما كنت على قيد الحياة اليوم".
حادثة بيردستو لا تظل مجرد قصة نجاة مثيرة، بل تذكير مؤلم بقوة الطبيعة وأهمية الانتباه إلى المخاطر الكامنة في الحياة البرية شمال أستراليا، حيث يعيش البعض جنباً إلى جنب مع أحد أخطر المفترسات في العالم.