ويتوقع أن تصدر مساء الثلاثاء نتيجة الاستفتاء الذي بلغت نسبة المشاركة فيه 72% وشاركت فيه ايضا محافظة كركوك المتنازع عليها بين بغداد واربيل.
وعلى الرغم من ان النتيجة شبه محسومة لصالح الاستقلال، الا ان مسعود بارزاني، رئيس الاقليم الشمالي ذي الحكم الذاتي، سبق أن أعلن ان الاستفتاء لن يعني اعلانا تلقائيا للاستقلال، لكنه سيشكل بالاحرى نقطة الانطلاق "لمفاوضات جدية مع بغداد" حول هذه المسألة.
ودعي أكثر من خمسة ملايين ناخب للادلاء باصواتهم في الاستفتاء الذي جرى في المحافظات الثلاث من إقليم كردستان العراق، إربيل والسليمانية ودهوك، كما في مناطق متنازع عليها بين الأكراد والحكومة المركزية العراقية، مثل كركوك وخانقين في محافظة ديالى شمال شرق بغداد.
ومساء أعلن المتحدث باسم المفوضية الانتخابية شيروان زرار أن اكثر من 3،3 ملايين ناخب أدلوا بأصواتهم في الاستفتاء، أي 72,16% من المسجلين على قوائم الناخبين.
وفتحت مراكز الاقتراع ابوابها عند الساعة الثامنة صباحا (05,00 ت غ)، واقفلت في الساعة 19،00 (16,00 ت غ).
وأدلى بارزاني بصوته في ساعة مبكرة من الصباح في أربيل، وبدا مبتسما وهو يرتدي الزي الكردي.
وأقيم 12072 مركز اقتراع في عموم إقليم كردستان العراق والمناطق المتنازع عليها.
ــ "مآسي الماضي" ــ
ويشكّل الاستفتاء الذي دعا اليه بارزاني رهانا محفوفا بالمخاطر. وعبّرت دول مجاورة للعراق مثل تركيا وايران عن رفضها للاستفتاء، خشية ان تحذو الاقليات الكردية على اراضيها حذو اكراد العراق.
ويتوزّع الأكراد الذين يقدر عددهم بين 25 و35 مليون نسمة بشكل أساسي في أربع دول هي تركيا وايران والعراق وسوريا .
وكان بارزاني قال الاحد إن "الشراكة مع بغداد فشلت ولن نكررها. لقد توصلنا إلى اقتناع بأن الاستقلال سيتيح عدم تكرار مآسي الماضي"، مضيفا "توصلنا إلى قناعة بأن أيا كان ثمن الاستفتاء، فهو أهون من انتظار مصير أسود".
في المقابل، أكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الاحد في بغداد ان حكومته لن تعترف بالاستفتاء حول استقلال كردستان.
وفي رد فعل مماثل، صوّت مجلس النواب العراقي الاثنين تعبيرا عن رفضه للاستفتاء، على قرار يلزم رئيس الوزراء حيدر العبادي بنشر قوات في المناطق التي استولى عليها الاكراد منذ الاجتياح الاميركي عام 2003 .
وأصدر البرلمان مجموعة من القرارات ضد الاستفتاء، أبرزها "إلزام القائد العام للقوات المسلحة (حيدر العبادي) للحفاظ على وحدة العراق، نشر القوات في كل المناطق التي سيطر عليها الاقليم بعد 2003".
ومن الناحية الدستورية فان الحكومة باتت ملزمة بالامتثال الى قرار البرلمان.
وقال كريم النوري القيادي في منظمة "بدر"، ابرز فصائل الحشد الشعبي، ان "وجهتنا القادمة ستكون كركوك والمناطق المتنازع عليها المحتلة من قبل عصابات مسلحة خارجة عن القانون ولا تلتزم باوامر القائد العام للقوات المسلحة" في اشارة الى قوات البشمركة .
وتقع المناطق المتنازع عليها خارج المحافظات الشمالية الثلاث التي تشكل اقليم كردستان العراق، وكانت محط نزاع بين بغداد واربيل.
وتضم هذه المناطق محافظة كركوك الغنية بالنفط، ومناطق متفرقة في محافظات نينوى وديالى وصلاح الدين في شمال العراق وواسط في وسط البلاد.
حظر تجول في كركوك -
وفي كركوك انتهى يوم الاقتراع بإعلان حظر تجول في المدينة.
وانتشرت القوى الامنية في وسط كركوك والاحياء ذات الغالبية العربية والتركمانية التي شملها حظر التجول حصرا، لمنع اي احتكاك بين المحتفلين باستفتاء يريدونه مقدمة لتحقيق الحلم بدولة مستقلة في المستقبل، وأقليات رافضة للانفصال عن بغداد.
ومساء الاثنين قال ضابط رفيع في قيادة شرطة كركوك ان الوضع الأمني في المدينة "مستقر"، مؤكدا ان "حظر التجول سيرفع خلال ساعات في عموم كركوك".
واوضح الضابط لوكالة فرانس برس ان "اللجنة الامنية في محافظة كركوك فرضت حظرا للتجوال منعا لوقوع احتكاك او ردات فعل من هنا وهناك قد تربك الوضع الامني وتثير المشاكل في كركوك".
واضاف ""غدا دوام رسمي في عموم دوائر كركوك، وسيتم رفع حظر التجوال خلال الساعات القادمة ويعاد فتح منافذ كركوك وعودة الحياة بشكل طبيعي. ان بعض احياء كركوك تشهد وضعا طبيعيا جدا".
من جهته أكد مصدر في مفوضية الاستفتاء في كركوك ان "عمليات العد والفرز بدأت بشكل فعلي وسيتم الاعلان عبر مركز المفوضية في اربيل عن نسب المشاركة خلال الايام الثلاثة المقبلة".
- ردود فعل -
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الاثنين انه سيغلق قريبا الحدود البرية مع كردستان وهدد بوقف صادراته النفطية عبر تركيا.
وقال اردوغان خلال منتدى في اسطنبول "هذا الاسبوع سنتخذ اجراءات. سنوقف حركة الدخول والخروج" عند معبر خابور الحدودي، مضيفا ان صادرات النفط من كردستان العراق ستتوقف حين تقوم تركيا "باغلاق الانبوب".
وكانت الحكومة العراقية طلبت الاحد من كل الدول ان تحصر التعامل معها في كل العمليات المرتبطة بالنفط.
ويبلغ متوسط انتاج كردستان العراق من النفط 600 الف برميل يوميا يتم تصدير 550 الفا منها الى تركيا عبر ميناء جيهان.
وأغلقت إيران الاثنين حدودها مع كردستان العراق. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي "بطلب من الحكومة العراقية، أغلقنا حدودنا البرية والجوية" مع الإقليم، واصفا الاستفتاء بأنه "غير قانوني وغير مشروع".
الا ان وزارة الخارجية الايرانية عادت واصدرت بيانا جاء فيه ان "الحدود البرية بين ايران ومنطقة كردستان العراق مفتوحة، هذه الحدود لم تغلق. في الوقت الراهن، ان المجال الجوي فقط مغلق بين ايران وهذه المنطقة".
وتثير هذه الضغوط التي يمكن ان تخنق اقليم كردستان اقتصاديا، قلق الناخبين الاكراد، رغم حماستهم للاستفتاء.
وفي نيويورك اعرب الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش الاثنين عن قلقه ازاء احتمال أن يسفر الاستفتاء الى "زعزعة الاستقرار"، داعيا بغداد واربيل إلى حل خلافاتهما عبر الحوار.
وقال غوتيريش في بيان انه "قلق إزاء الآثار المحتملة المزعزعة للاستقرار التي قد تنجم عن استفتاء اليوم في إقليم كردستان العراق"، مؤكدا "احترامه سيادة العراق ووحدة اراضيه" و"ضرورة حل جميع القضايا العالقة بين الحكومة الفدرالية وحكومة إقليم كردستان عبر الحوار والتسوية البناءة".
وفي سوريا، تجمع مئات الاكراد في القامشلي (شمال شرق) للاحتفال باستفتاء إقليم كردستان العراق، ورقصوا وغنوا وحملوا الاعلام الكردية.