عاد المتظاهرون مجدداً إلى الشوارع أمس في بيروت وعدد من المناطق اللبنانية احتجاجاً على تعثّر تشكيل حكومة وازدياد حدّة الأزمة الاقتصادية والمالية وتخلّلت التظاهرات أمام المصرف المركزي مواجهات مع قوات الأمن أوقعت جرحى، في حلقة جديدة من مسلسل احتجاجي انطلق قبل ثلاثة أشهر بتظاهرات غير مسبوقة ضد الطبقة السياسية.
وفي المساء، أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع ولاحقت المئات من المتظاهرين الذين تجمعوا خارج البنك المركزي في الحمرا ما أجبرهم على التراجع بعد أن حاول البعض دخول الساحة خارج المبنى.
وقال المصدر نفسه إنّ المتظاهرين كسروا حجارة الرصف لإلقائها على الشرطة، وقام بعض المتظاهرين بتوزيع البصل لحماية أنفسهم من الغازات. كما حطّموا الواجهات الزجاجية للعديد من البنوك، والتي تبلور الكثير من الغضب العام، خاصة بسبب القيود المفروضة على عمليات السحب، وسط الأزمة الاقتصادية.

Source: AP
ونظم متظاهرون بعد الظهر في بيروت مسيرة باتجاه منزل رئيس الحكومة المكلف حسان دياب الذي لم يتمكن، بعد نحو شهر على تكليفه، من تشكيل حكومة اختصاصيين، وفق ما تعهّده.
ومساء أمس اعلنت قوى الأمن الداخلي أنّ "بعض المشاغبين في محيط مصرف لبنان المركزي عمدوا إلى الاعتداء على عناصر قوى الامن الداخلي محاولين الدخول إلى باحة المصرف وقاموا برشقهم بالحجارة والمفرقعات النارية وتحطيم بعض الممتلكات العامة والخاصة في شارع الحمرا، ما أدّى الى جرح عدد من عناصر مكافحة الشغب بينهم ضابط برتبة نقيب".
ولاحقاً، أعلن الدفاع المدني أنّ عناصره "قدّموا الإسعافات الأولية اللازمة إلى مجموعة من المواطنين من مدنيين وعسكريين تعرّضوا لإصابات طفيفة في شارع الحمرا" ونقلوا "بعض المصابين إلى مستشفيات المنطقة لتلقّي العلاج اللازم". ولم يعلن الدفاع المدني عن أي حصيلة للإصابات.

Source: AP
وتحت شعار "أسبوع الغضب"، عمد المتظاهرون إلى قطع طرق رئيسية في بيروت ومحيطها وفي عدد من المناطق بالإطارات المشتعلة ومستوعبات النفايات، كما أفاد مصورو وكالة فرانس برس. وتداول ناشطون دعوات لتنظيم مسيرات ومشاركة طلاب الجامعات والمدارس وقطع الطرق.
وخسر عشرات آلاف اللبنانيين وظائفهم أو جزءاً من رواتبهم خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة. ويشكو اللبنانيون من تقلص قدرتهم الشرائية مقابل ارتفاع الأسعار وعجزهم عن تسديد التزاماتهم المالية.

Source: EPA
وتقترب الليرة اللبنانية من خسارة نحو نصف قيمتها عملياً. ففيما لا يزال سعر الصرف الرسمي مثبتاً على 1507 ليرات مقابل الدولار، لامس الدولار عتبة 2500 ليرة في السوق الموازية. وتفرض المصارف قيوداً مشددة على عمليات السحب بالدولار، وتشهد فروعها بشكل شبه يومي إشكالات يثيرها زبائن يريدون الحصول على أموالهم.
وفي صيدا الجنوبية أصيب خمسة أشخاص بجروح طفيفة جراء اشتباك بين القوى الأمنية ومحتجين أغلقوا الطريق الفرعية في المدينة، بينما اعتصم آخرون. وردد المشاركون هتافات هاجمت المسؤولين السياسيين، وطالبت بتشكيل حكومة من الاختصاصيين المستقلين.

An anti-government protester carries a bank security camera after he broke it during ongoing protests against the Lebanese central bank's governor. Source: AP
عراقيل
ومنذ 17 تشرين الأول/أكتوبر، خرج عشرات الآلاف من اللبنانيين الى الشوارع والساحات وقطعوا الطرق احتجاجاً على أداء الطبقة السياسية التي يتهمها المتظاهرون بالفساد ويحملونها مسؤولية تدهور الوضع الاقتصادي وعجزها عن تأهيل المرافق وتحسين الخدمات العامة الأساسية.
وتسببت هذه الاحتجاجات باستقالة رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، ومن ثم تكليف دياب تشكيل حكومة إنقاذية في 19 كانون الأول/ديسمبر. وتراجعت مذاك وتيرة التظاهرات لتقتصر على تحركات تجاه المصارف أو تجمعات ونشاطات رمزية، في ما بدا افساحاً في المجال أمام دياب لتشكيل حكومة جديدة.
وشارك العشرات في المسيرة التي انطلقت من وسط بيروت، مرددين هتافات عدة بينها "انزل عالشارع يا شعبي" و"يلا ثوري يا بيروت"، لمطالبة دياب بالإسراع في تشكيل حكومة تنصرف لوضع خطة إنقاذية للاقتصاد.

Source: AP
الرئيس عون
وأقر رئيس الجمهورية ميشال عون الثلاثاء، في كلمة ألقاها خلال استقباله أعضاء السلك الدبلوماسي في لبنان، بأن "بعض العراقيل حالت دون" ولادة الحكومة التي يجب أن يكون لديها "برنامج محدد وسريع للتعامل مع الأزمة الاقتصادية والمالية الضاغطة، ومجابهة التحديات الكبيرة التي تواجه لبنان وكل المنطقة".
وأعلنت قوى سياسية عدة عدم نيتها المشاركة في الحكومة على رأسها "تيار المستقبل" بزعامة الحريري الذي استقال في نهاية تشرين الأول/أكتوبر على وقع غضب الشارع.