يستضيف مهرجان ملبورن السينمائي الدولي هذا العام فيلما فلسطينيا بعنون العمدة أو "Mayor" للمخرج الأمريكي ديفيد أوزيت.
وتدور أحداث الفيلم التسجيلي السياسي الفكاهي حول رئيس بلدية رام الله المسيحي موسى حديد، خلال فترة ولايته الثانية.
وخلال الفيلم يسعى العمدة إلى جعل مدينة رام الله جميلة ومكانا كريما للعيش رغم ضيق حال المعيشة وتقييد حركة السكان. ويقول المخرج الذي أنتج الفيلم على مدار عامين أن أهداف العمدة حديد المباشرة هي إعادة ترميم الأرصفة، وجذب المزيد من السياحة، وتخطيط احتفالات عيد الميلاد في المدينة وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
وقال أوزيت لأس بي أس عربي24 "أردت أن أعرض رام الله بطريقة سينمائية للغاية، بالطريقة التي ستبدو بها إذا كان هذا فيلما من العصر الذهبي لهوليوود"
ويضيف: "كنت أرغب في تصوير فيلم عن بلدية رام الله، لذا كان من الطبيعي أن أتتبع رئيس البلدية. لكنني انجذبت أيضًا إلى شخصيته. اذ أنه يتمتع بروح الدعابة وبشخصية كاريزمية. لقد ألهمتني حقيقة أنه، سواء وافق ناخبيه على قراراته أم لا، الا انهم متفقين على انه عادل وغير فاسد. كما كانت لديه طموحات واضحة بالنسبة لرام الله، وتخيلت أن التصوير معه أثناء محاولته تحقيق هذه الأهداف سيشكل قصة الفيلم."
"كنت أعلم أنه من خلال عينيه لن أتمكن أبدًا من إظهار صورة كاملة لرام الله، لكن يمكنني على الأقل أن أريكم نسخته من رام الله وما هي أحلامه كأحد أبناء المدينة."
وعن اختيار الفيلم للعرض في مهرجان ملبورن السينمائي الدولي، وكيفية تفاعل الأستراليين أو استيعابهم للفيلم يعتقد أوزيت أن الفيلم سيثير الكثير من المشاعر حول الظلم والاحتلال.

"Mayor" Director David Osit speaks to SBS Arabic24 while screening the film at MIFF. Source: Supplied
وقال "أتخيل أن ذلك يجب أن يثقل كاهل بعض الأستراليين كما هو الحال بالنسبة لبعض الأمريكيين. كلا البلدين يشتركان في تاريخ مروع من العنف ضد السكان الأصليين لأرضهم."
وأضاف "أعتقد أن هذه ستكون مواجهة غير مريحة ولكن من الضروري أن يواجه الغربيون أنفسهم بهذا التاريخ، وكيف انه ما زال مستمرا حتى في الوقت الحاضر."
اما عن دور السينما في عرض وربط الفلسطينيين في الداخل والفلسطينيين المهاجرين وبقية العالم يقول أوزيت إنه ومنذ الدقائق الأولى للعرض كان يرغب في اشعار المشاهد بعظمة المكان وكرامته.
"أشعر أن هذا الشعور قد أزاله الاحتلال - فتاريخ فلسطين وثقافتها نابضة بالحياة وجميلة بشكل لا يصدق، ولا يُسمح لها بالتألق في مواجهة كل ما يتعين على فلسطين التعامل معه. لذلك أردت أن تبدو رام الله جميلة، وأن تنقل إحساسًا بالفخامة. أعتقد أن هذا تذكير مهم حتى بالنسبة لفلسطيني الشتات أو للمقيمين الحاليين فيها."
وأكد "سيسعدني كثيرًا إذا شاهد الفلسطينيون في الخارج وفي فلسطين الفيلم وشعروا أنه حتى الغرباء يمكنهم رؤية جمالها."

Palestinian Christians take part in a Christmas parade in the West Bank city of Ramallah, 22 December 2016. Source: EPA
وقال يقول أوزيت إن رام الله مدينة ساحرة بالنسبة له من نواح كثيرة وبأنها مدينة لا مثيل لها في أي مكان آخر في فلسطين، ولكنها تحتوي على الكثير من التركيبات الاجتماعية الفلسطينية المعقدة.
"يبلغ تعداد سكانها 60 ألف شخص فقط، الا أنها توحي بأنها مدينة وقرية في ذات الوقت. رام الله مليئة بالحانات والنوادي والمقاهي. وسكانها مثقفين جدا ويحملون تقديرات علمية عالية وعالمية. ويوجد فيها أيضا مخيمات للاجئين داخل وحول حدود المدينة. إنها غنية وفقيرة، منتصرة ومكافحة، كل هذا في آن واحد."
وشرح أوزيت السبب في انجذابه إلى الفيلم قائلا "قبل أن أبدأ في إنتاج أي فيلم، أحتاج إلى معرفة أن هناك سؤالًا أو سؤالين كبيرين على الأقل أريد الإجابة عليها بنفسي. في حالة العمدة، كان هذا السؤال: "كيف تدير مدينة عندما لا يكون لديك بلد؟"

Mayor Hadid with Director David Osit. Source: Supplied
وأضاف "بصفتي غربيًا عنها، كنت أرغب في إضافة صور جديدة إلى فكرة كيف يمكن أن تبدو فلسطين للأشخاص الذين لم يسبق لهم زيارتها، وشعرت بأن هذه القصة هي الطريقة المثلى للقيام بذلك."
ويضيف المخرج الأمريكي أن الناس يتعلمون حب شيء ما ليس لأنهم يتلقون معلومات عنه، ولكن عندما يكون لديهم تجربة عاطفية معه.
"التزمت دائمًا بهذه القاعدة وتأكدت من أن الفيلم لا يتعلق بمحاولة إعطائك أكبر قدر ممكن من المعلومات حول رام الله، بل كان يدور حول إعطائك تجربة عاطفية لما يدور في أحداث الحياة هناك."
أما عن اذا ما كان هناك صعوبات واجهته أثناء تصوير الفيلم التسجيلي قال: "كان الناس مرحبين بشكل لا يصدق ولم أواجه أي مشاكل. أعتقد أن الناس معتادون على توجيه الكاميرات إليهم." وأضاف "بالنسبة للبعض كان من اللطيف أن يروا أن اهتمامي الأساسي كان تصوير محادثاتهم حول شجرة عيد الميلاد، أو الحديقة الجديدة في رام الله. كنت مهتمًا بنفس الأشياء التي كانوا مهتمين بها."

"Mayor" movie poster Source: Supplied
وقال أوزيت إن الأشهر الأولى من الربيع في رام الله من أجمل الأيام التي يمكن قضاؤها في أي مكان في العالم.
"هناك نسيم خفيف دائم وضباب جميل يلف المدينة في الصباح ويتلاشى في ضوء الشمس السخي."
كما قضى وقتا طيبا للغاية عند الذهاب إلى جلسات التصوير في مكتب البلدية وإلقاء التحية على الجميع لشرب القهوة والتخطيط للأسابيع العديدة القادمة من التصوير.
"كانت هذه اللحظات مريحة ورائعة للغاية لأنني كنت أعرف ان هناك عمل جيد في قيد التحضير، وكان الأشخاص الذين دعوني للتصوير متحمسين لدعمه. بالنسبة لي، ليس هناك شعور أفضل من أن أكون صانع أفلام موثوق به من قبل الأشخاص الذين أصورهم."
شارك



