من الحرق بالماء إلى التسميد البشري: كيف يُعيد الأستراليون التفكير في طقوس الموت؟

في مدينة هوبارت الهادئة، تخضع جثمان امرأة لعملية تُعرف باسم "التحلل المائي القلوي" أو "الحرق بالماء". في هذه التقنية، يوضع الجسد داخل حجرة فولاذية ساخنة تبلغ حرارتها نحو 93 درجة مئوية، حيث تُضاف مواد قلوية تقوم بتفكيك الأنسجة، حتى لا يتبقى سوى العظام وبعض المعادن المزروعة في الجسم إن وُجدت.

A split image - on the left is a man holding the mineral remains of a bone in his gloved hand above a tray of ashes. On the right is a man in a field next to a vertical, white box on wheels

Water cremation and upright burials are some ways Australians are reimagining death. Credit: Upright Burials, SBS

للاستماع إلى أحدث التقارير الصوتية والبودكاست، اضغطوا على الرابط التالي.


رغم أن اسمها يوحي بالنعومة، فإن ما يجري هو عملية كيميائية قوية تُشبه ما يحدث طبيعيّاً خلال الدفن، لكنها تستغرق ساعات قليلة بدلاً من سنوات. ويقول لوك كريبس، أحد مؤسسي أول منشأة للحرق المائي في تسمانيا: "إنها طريقة لتفكيك الروابط الكيميائية في الجسد بلطف".

دفن طبيعي وبدلات فطرية

إلى جانب الحرق بالماء، تزداد شعبية "الدفن الطبيعي" في بعض الولايات الأسترالية. هنا يُلف الجسد بكفن بسيط أو يُلبس ملابس قابلة للتحلل، ويوضع مباشرة في الأرض دون تابوتٍ مزخرف أو مواد كيميائية لتحنيطه، وفي بعض المقابر يُدفن الشخص واقفاً.

أما الابتكار الآخر فيُعرف بـ"البدلة الفطرية"، وهي بدلة تحتوي على أبواغ فطرية -
وهي خلايا تكاثرية تُنتجها الفطريات (مثل الفطر) وتُستخدم لنشرها في البيئة - وميكروبات تُسرّع من التحلل، وتُقلل من السموم، وتُغذي التربة من خلال تحويل الجسد إلى غذاء حيّ للطبيعة.

الحرق بالماء: لطيفٌ وأكثر استدامة

يُعتبر التحلل المائي القلوي خياراً أكثر استدامة من الحرق بالنار، حيث يُنتج انبعاثات أقل بنسبة تصل إلى 90%. كما أن السائل الناتج عنه، الخالي من الحمض النووي والمواد الضارة، يمكن استخدامه لتغذية التربة.
A man wearing a green apron, large red rubber gloves and a perspex face mask holding a bucket.
Brandon Cooper pouring out the potassium hydroxide for the water cremation to make the solution alkaline. Source: SBS
ولكن، ورغم فوائده البيئية، لا تزال هناك تحديات تتعلق بتقبُّل هذه التقنية اجتماعياً. بعض الناس يرفضون الفكرة بدعوى أن الجسم يُغسل بـ"الماء"، أو أن ما تبقّى منه يُصرف في نظام المياه، رغم أن المواد الناتجة تكون آمنة تماماً.
A split image of (left) A man next to a metal box in a paddock and (right) a street sign reading Kurweeton Rd.
In Kurweeton Cemetery in Victoria, people are being buried upright in their natural burial. Credit: Upright Burials

الجنازات في مواجهة المستقبل

مع توقّع بلوغ أستراليا "ذروة الوفاة" مع تقدُّم عمر جيل "الطفرة السكانية"، تواجه صناعة الجنازات تحديات متزايدة، من نقص أراضٍ للدفن في المدن الكبرى، إلى ارتفاع تكاليف الجنازات، إذ بلغت تكلفة الحرق في عام 2023 نحو 8000 دولار، مقارنة بـ6300 دولار فقط في عام 2019.

وتشير الإحصاءات إلى أن نحو 70% من الأستراليين يختارون الحرق، إلا أن هذا الرقم قد يشمل نسبة صغيرة ممن خضعوا للحرق بالماء، ما يُظهر أن الخيارات البديلة بدأت تشق طريقها بهدوء.

ماذا عن التسميد البشري؟

رغم أنه غير مسموح به بعد في أستراليا، إلا أن ما يُعرف بـ"التسميد البشري" — أو التحلل الطبيعي العضوي — أصبح قانونياً في أكثر من عشر ولايات أمريكية. تُحوِّل هذه التقنية الجسم إلى تربة غنية بالمواد العضوية، في عملية تُعد من أكثر الطرق استدامة وتقديراً للبيئة.
A man with a long grey beard reaching into an open wooden box containing earth, inside a room.
Body composting is gaining popularity in the US, with at least 10 states allowing the process — and others set to follow. Source: Getty / Hyoung Chang

بين التقاليد والابتكار

ومع كل هذه الخيارات، لا تزال المخاوف حاضرة، لا سيما لدى العائلات التي ترغب في طقوس مألوفة ومحترمة. يقول أحد الباحثين من فريق DeathTech في جامعة ملبورن: "عندما يتعلق الأمر بالموت، لا مجال للخطأ. لا يمكنك إعادة الجنازة في اليوم التالي إذا حدث خلل."

لكن مؤسسي منشأة التحلل المائي في تسمانيا واثقون بأن الخيارات الجديدة ستجد طريقها تدريجيًّا إلى المجتمع، مع تزايد الوعي بمزاياها البيئية والإنسانية.
A gloved hand holding a bone.
The mineral bone remains that are left after a water cremation is completed, before they are ground into ash. Source: SBS
Iللاستماع إلى أحدث التقارير الصوتية والبودكاست، اضغطوا على  الرابط التالي.

أكملوا الحوار عبر حساباتنا على  فيسبوك و انستغرام.

اشتركوا في  قناة SBS Arabic على يوتيوب لتشاهدوا أحدث القصص والأخبار الأسترالية.

شارك

نشر في:

By Michelle Elias
تقديم: George Gharam
المصدر: SBS

تحديثات بالبريد الإلكتروني من أس بي أس عربي

.سجل بريدك الإلكتروني الآن لتصلك الأخبار من أس بي أس عربي باللغة العربية

باشتراكك في هذه الخدمة، أنت توافق على شروط الخدمة وسياسة الخصوصية الخاصة بـ "SBS" بما في ذلك تلقي تحديثات عبر البريد الإلكتروني من SBS

Download our apps
SBS Audio
SBS On Demand

Listen to our podcasts
Independent news and stories connecting you to life in Australia and Arabic-speaking Australians.
Personal journeys of Arab-Australian migrants.
Get the latest with our exclusive in-language podcasts on your favourite podcast apps.

Watch on SBS
Arabic Collection

Arabic Collection

Watch SBS On Demand