كانت الشرطة قد أعلنت اليوم، إلقاء القبض على رجل يبلغ من العمر أربعةً وثلاثين عاماً، من ولاية نيو ساوث ويلز، وذلك في قلب مدينة ملبورن مساء السبت، بتهم متعددة من بينها تعريض حياة الآخرين للخطر، والتسبب بأضرار جنائية باستخدام الحريق، وحيازة سلاح محظور. ومن المقرر أن يمثل أمام المحكمة في نفس اليوم للنظر في طلبات الإفراج بكفالة.
جاءت هذه التطورات بعدما أقدم رجل ملتحٍ، مساء الجمعة، على سكب مادة سريعة الاشتعال على باب كنيس "East Melbourne Hebrew Congregation" التاريخي، ثم أشعل النار قبل أن يلوذ بالفرار. وتمكنت فرق الإطفاء من احتواء الحريق سريعاً عند المدخل، بينما أُجبر نحو عشرين شخصاً كانوا داخل المبنى على الفرار.
وقال الوزير بيرك، في تصريح له أمام الكنيس الذي يعود تاريخه إلى مئة وخمسين عاماً: "ما نراه هنا ليس مجرد جريمة كراهية، بل هو هجومٌ على أستراليا بأكملها". وأضاف: "صحيح أنه لم يُصَب أحدٌ بجروح جسدية، لكن الضرر النفسي والمعنوي الذي لحق بالمجتمع اليهودي في أستراليا وبالنسيج الوطني لا يمكن إنكاره".
مطالبات بتدخل وطني وتحقيقات في دوافع الحادث
الشرطة الأسترالية أكدت أن التحقيقات جارية لمعرفة دوافع المشتبه به، وما إذا كانت الحادثة تُعد عملاً إرهابياً. كما لم تستبعد السلطات وجود ترابط محتمل بين هذه الحادثة واعتداءين آخرين وقعا في الليلة نفسها.
ففي حادثة منفصلة، أقدم متظاهرون على تحطيم واجهة مطعم "Miznon" وسط مدينة ملبورن، وقلبوا الطاولات والكراسي، مرددين شعارات من بينها: "الموت لجيش الدفاع الإسرائيلي". وقد ألقي القبض على متظاهر يبلغ من العمر ثمانيةً وعشرين عاماً، قبل أن يُفرج عنه لاحقاً على ذمة التحقيق.
ويُشار إلى أن أحد مُلّاك سلسلة مطاعم Miznon، شاحَر سيغال، هو متحدث باسم "صندوق غزة الإنساني" الذي أثار جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية، لا سيما بعد تورطه في توزيع مساعدات على القطاع الذي يتعرض لحصار وقصف إسرائيلي مستمر منذ هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر قبل نحو عامين.
رغم تزامن الأحداث، نفت مجموعات مؤيدة للقضية الفلسطينية أي صلة لها بحريق الكنيس، وأصدرت بياناً أكدت فيه رفضها استهداف دور العبادة، واعتبرت أن اختيار المطعم جاء بسبب علاقة مالكه بالصندوق الإنساني المثير للجدل.
وفي حادثة ثالثة وقعت بعد ساعات من الهجومين، تم تخريب ثلاثة سيارات وجدار تابع لمحل تجاري في منطقة "Greensborough" شمال شرق المدينة، مع إشعال النار في إحدى السيارات وكتابة عبارات معادية للسامية على الجدران. الشرطة أشارت إلى أن المحل كان قد استُهدف سابقًا من قبل نشطاء مؤيدين لفلسطين.

Damage is seen to the exterior of the East Melbourne Hebrew Congregation. Source: AAP / James Ross
ردود فعل محلية ودولية
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طالب الحكومة الأسترالية باتخاذ "كل الإجراءات اللازمة" لمنع تكرار مثل هذه الهجمات. وفي منشور على منصة "X"، وصف نتنياهو الهجمات بأنها "جرائم كراهية خطيرة" تستهدف اليهود والمجتمع الإسرائيلي.
من جهته، أعرب الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ عن إدانته الشديدة لما وصفه بـ "العمل الحقير"، في حين شدد رئيس الوزراء الأسترالي، أنتوني ألبانيزي، على أن هذه الهجمات تمثل أعمال عنف وجُبُن وتطرّف لا مكان لها في المجتمع الأسترالي، مؤكدًا دعم الحكومة الفيدرالية للتحقيقات عبر تقديم الدعم الأمني والاستخباراتي.
كما دعت المعارضة الأسترالية رئيس الوزراء إلى عقد اجتماع طارئ لـ"مجلس الوزراء الوطني" لمواجهة تصاعد معاداة السامية، وهو ما طالبت به المتحدثة باسم المعارضة ميليسا ماكينتوش، قائلة: "لماذا لم يُدعَ لاجتماع طارئ حتى الآن رغم تكرار هذه الاعتداءات؟".
خلفية ومخاوف أمنية متزايدة
يُشار إلى أن هذه الهجمات تأتي بعد سبعة أشهر من اندلاع حريقٍ كبير في معبد يهودي آخر تابع لطائفة "أداس إسرائيل" جنوب ملبورن، أدى إلى تدمير مبنيين بالكامل دون تسجيل إصابات، بينما لا تزال التحقيقات جارية ولم تُوجَّه أي اتهامات حتى الآن.
ويعكس تكرار مثل هذه الحوادث تنامي التوترات الدينية والسياسية في أستراليا، في ظل التداعيات المستمرة للحرب في غزة، وتصاعد الخطاب المتطرف في بعض الأوساط.