Key Points
- البرنامج، المفتوح أمام اللاجئين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عامًا، يمنح تأشيرة دائمة للأشخاص الذين يتم اختيارهم للمشاركة فيه.
- يسمح للاجئين بمتابعة مؤهلاتهم في التمريض أو الهندسة المدنية أو التكنولوجيا أو الاقتصاد والأعمال التجارية
- يعمل هذا المسار كبرنامجٍ تجريبي وسيضم 20 مشاركًا في عام 2026.
أطلقت أستراليا مسارا جديدا يمنح اللاجئين الشباب بين 18 و30 عامًا تأشيرة دائمة لمتابعة دراستهم الجامعية في مجالات حيوية ضمن مسعى لتمكينهم من التعليم والاستقرار الدائم والمساهمة في الاقتصاد والمجتمع الأسترالي.
وبدأ الشاب اليمني أسامة فصلاً جديداً في حياته بعد سنوات من الترقّب، إذ أصبح أول لاجئ يصل إلى أستراليا عبر المسار الجديد الذي يمنح تأشيرة دائمة للشباب اللاجئين في الفئة العمرية بين 18 و30 عاماً لمتابعة دراستهم في مجالات مثل التمريض والهندسة والتكنولوجيا وإدارة الأعمال.
يُنفَّذ البرنامج كتجربة تجريبية تضم 20 مشاركاً فقط عام 2026، ليفتح أمامهم باب الاستقرار والتعليم والمستقبل الآمن في أستراليا.

Osamah's family fled Yemen when he was a teenager and has lived much of his life feeling like his future was 'on hold', but he is now in Australia as part of a new refugee settlement pathway. Source: Supplied
ويقول إن حياته كانت "متوقفة" منذ سنوات شبابه الأولى ، فقد اضطر مع عائلته إلى الفرار من اليمن عام 2017، بعد أن اجتاحت الحرب البلاد وتسببت في نزوح أكثر من 2.5 مليون شخص.
واضاف "لم تكن مقوّمات الحياة موجودة منذ أن اندلعت الحرب، لا ماء ولا كهرباء"، ، ماضيا الى القول "كنا نعيش في العاصمة، وحين سيطر الحوثيون اضطررنا للانتقال إلى مدينة أخرى، ثم إلى ثالثة، قبل أن يقرر والداي أنه لم يعد هناك مكان آمن لنا، فهربنا من اليمن."
الخيار الوحيد أمام العائلة كان ماليزيا.
وصل أسامة الى ماليزيا وهو في السادسة عشرة مع والديه وثلاثة من إخوته الأكبر سناً، لتبدأ مرحلة جديدة من الغموض واللايقين.
ويقول إنهم عاشوا هناك بصفة مؤقتة، على تأشيرة تشبه التأشيرة السياحية، دون أي اعتراف قانوني بوضعهم كلاجئين.
وتابع " نظرا لعدم وجود شيء اسمه وضع لاجئ في ماليزيا، يمكنك فقط التسجيل لتصبح لاجئا لدى مفوضية شؤون اللاجئين، ولكن ليس لديك أي حقوق في ماليزيا، ولا يمكنك العمل، ولا يمكنك الدراسة في المدارس العامة أو الخاصة، ولا يمكنك أن تعيش حياة طبيعية، ولا يمكنك حتى مغادرة ماليزيا، إذا غادرت كلاجئ فمن المرجح أن يتم إدراجك في لائحة سوداء ولا يمكنك العودة بعدها"
وزاد قائلا "كانت العائلة عاجزة عن الرجوع إلى اليمن، لكنها أيضاً بلا وطن تستقر فيه".
تعليم بلا أفق عمل
بمساعدة أحد أفراد العائلة تمكن أسامة من دراسة التقنيات الحيوية (Biotechnology) في جامعة "مالايا"، لكن القيود القانونية حرمته من الحصول على عمل رسمي بعد التخرج.
ويروي أسامة أن زملاءه انطلقوا إلى سوق العمل، بينما بقي هو عالقاً في مكانه قائلا ""ما كنت قادر أكمّل حياتي .. كل شيء كان معلّقا ، اليوم اصبحت أعرف إن لدي فرصة، وإذا تعبت واجتهدت فأني سأحصد النتيجة."
ويضيف مبتسما "تركنا اليمن بحثاً عن مكان أفضل… مكان نستطيع ان نسميه وطن. واليوم أستراليا صارت هذا المكان."
وصل أسامة إلى ملبورن يوم الاثنين، ليكون أول المستفيدين من برنامج توطين الطلبة اللاجئين (Refugee Student Settlement Pathway – RSSP)، وهو مبادرة تجريبية تمنح اللاجئين الدائمين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاماً تأشيرة إنسانية خاصة تسمح لهم بالاستقرار الدائم في أستراليا ومتابعة دراستهم العليا في مجالات محددة مثل التمريض والهندسة المدنية والتكنولوجيا وإدارة الأعمال والاقتصاد.
البرنامج يهدف إلى خلق مسار تكميلي ومستدام للاجئين الشباب ليتابعوا تعليمهم في أمان ويساهموا لاحقاً في المجتمع الأسترالي.
رغم بقاء عائلته في ماليزيا، يقول إنهم يشعرون بالفخر والسعادة لرؤيته يحقق حلمه.
وسينضم أسامة مطلع عام 2026 إلى جامعة ملبورن لدراسة الماجستير في التقنيات الحيوية.
استقبال دافئ ومجتمع داعم
عند وصوله إلى المطار، كان في استقباله مجموعة من طلبة جامعة ملبورن، ضمن مبادرة مجتمعية ترافق الطلبة اللاجئين الجدد وتساعدهم على التأقلم.
يقول أسامة إنه شعر بدفء كبير منذ اللحظة الأولى، سواء من طلاب الجامعة أو من العائلة المضيفة التي استقبلته في ملبورن.
واضاف ان اختياره لمجال التقنيات الحيوية لم يكن صدفة، فهو يؤمن بقدرتها على "تغيير حياة البشر".
ومضى الى القول "انا مهتم بالهندسة الوراثية والعلاج الجيني… فكرة أننا ممكن نُعالج أمراض كنا نظنها مستعصية، أو حتى نمنعها قبل أن تظهر، شيء يثير الدهشة".
كيف يعمل المسار الجديد؟
يمنح البرنامج التجريبي المشاركين تأشيرة خاصة ضمن الحصة السنوية لأستراليا من اللاجئين (20 ألف شخص لعام 2024-2025).
ويُعد هذا المسار أول نموذج من نوعه يتيح للجامعات أن تلعب دوراً مباشراً في استقدام اللاجئين الشباب وتمكينهم من التعليم والعمل والاستقرار الدائم.
وقدمت مؤسِّستا منظمتين غير ربحتين، هما سالي بيكر من منظمة Refugee Education Australia وستيف كوزنز من منظمة Skill Path، فكرة برنامج توطين الطلبة اللاجئين (RSSP) إلى الحكومة الأسترالية، ونجحتا في إقناعها بتبنّي المشروع.
وتولت "Skill Path" اختيار الطلبة ومطابقتهم مع الجامعات المناسبة.
وتقول مديرة Skill Path، لـ SBS News:" اخترنا طلبة واعدين عالقين في بلدان عبور مثل ماليزيا والهند وتايلاند. ليس لديهم فرصة ليكملوا دراستهم أو يرجعوا لبلدانهم، وكانوا بحاجة إلى حل واقعي."
وتضيف "نحن قادرون ان نمنحهم تأشيرة لجوء دائمة، ونلحقهم بجامعات أسترالية كطلبة محليين، ليستكملوا دراستهم ويستقروا هنا بشكل دائم."
واشارت كوزنز أن الاختيار ركّز على التخصصات التي يعاني منها السوق الأسترالي من نقص في الكفاءات، مثل التمريض والهندسة والتكنولوجيا.
وأشارت إلى أن البرنامج استلهم فكرته من تجربة كندا المعروفة باسم Student Refugee Program التي نفذتها مؤسسة World University Services Canada.
واشارت الى انه "لحظة وصولهم، تستقبلهم الجامعة، وتوفر دعماً أكاديمياً ونفسياً، إضافة إلى مجموعة ترحيب طلابية من المتطوعين لمساعدتهم في الاندماج والتأقلم."
وتؤكد أن البرنامج "يقوده المجتمع قبل أي شيء".
الآثار المستقبلية للبرنامج
ويرى أبو الرضوي ، نائب وزير الهجرة الأسترالي الأسبق، أن البرنامج الجديد يسهم في تقليل حافز اللاجئين في دول العبور على ركوب القوارب إلى أستراليا، مشيرًا إلى أنه يفتح لهم مساراً آمناً ومنظماً.
لكنه شدد على ضرورة توفير دعم شامل للمشاركين، يشمل تعلم اللغة الإنجليزية، وتدريباً مهنياً، ومساندة نفسية واجتماعية لضمان نجاح التجربة ومنع أي استغلال محتمل.
من جانبه علق وزير الداخلية الأسترالي توني بيرك لـ SBS News:حول هذا الموضوع قائلا ""نحن بلد جيد، وهذه الفرصة ستكون تحولاً حقيقياً في حياة هؤلاء الطلبة."
وأوضحت الورقة الحكومية الخاصة ببرنامج الهجرة الإنساني أن الحكومة ستراجع نتائج التجربة سنوياً، لتقرر ما إذا كان يمكن تحويل البرنامج التجريبي إلى برنامج دائم.
اليوم، يجلس أسامة في ملبورن متأملاً بداية جديدة، بعد سنوات من العيش في المجهول ، ويقول بابتسامة هادئة "أخيرًا، أٍستطيع أن أقول إن حياتي بدأت فعلاً."


