وتوافد المصريون بين التاسعة صباحا (7,00 ت غ) والتاسعة مساء الاثنين إلى مكاتب الاقتراع لاختيار رئيس للجمهورية وهو منصب يشغله السيسي منذ 2014 ويتوقع أن يعاد انتخابه لولاية ثانية مدتها أربع سنوات.
وتجرى الانتخابات على مدى ثلاثة أيام لإتاحة أكبر فرصة مشاركة لقرابة 60 مليون ناخب، من إجمالي 100 مليون مصري هم عدد سكان البلد العربي الأكبر ديموغرافيا.
وكان الرئيس بين أول المقترعين حيث أظهره التلفزيون الرسمي يدلي بصوته في مدرسة بحي مصر الجديدة وسط إجراءات أمنية مشددة. وبعد ظهر الإثنين، وفي مدرسة عابدين الثانوية وسط القاهرة، أدلى منافسه الوحيد، رئيس حزب الغد موسى مصطفى موسى بصوته.
وقبيل ادلائه بصوته قال موسى لوكالة فرانس برس "لا يوجد أي مشاكل وأدعو الجماهير للمشاركة بقوة". وتعتبر نسبة المشاركة الرهان الأساسي في هذه الانتخابات.
في مؤتمر صحافي بعد انتهاء الاقتراع في اليوم الأول، قال المتحدث باسم الهيئة الوطنية للانتخابات محمود الشريف إن المحافظات التي شهدت الإقبال الأعلى هي "القاهرة والجيزة والاسكندرية والشرقية وشمال سيناء".
لكنه لم يعط نسبا أو مؤشرات أولية للاقتراع.
وتابع الشريف "كان هناك اقبال كثيف في لجان العاصمة الادارية الجديدة". وتشنّ قوات الأمن المشتركة من الجيش والشرطة منذ شباط/فبراير الماضي عملية عسكرية شاملة على الجهاديين تتركز في وسط سيناء وشمالها.
وفي الانتخابات الرئاسية الاخيرة، بلغت نسبة المشاركة بعد يومين من الاقتراع 37% وقررت السلطات حينها تمديد التصويت لمدة يوم لترتفع نسبة المشاركة إلى 47،5%.
-طبول ورقص أمام اللجان-
وشهدت اللجان في مناطق الهرم بغرب القاهرة ومصر الجديدة بشرقها طوابير انتظار وَقَف فيها بين 25 إلى 30 ناخبا معظمهم ينتمي إلى الفئة العمرية الكبيرة.
ويقول عادل سميح (66 عاما) الذي يعمل استشاري تأمين، إنّ "المشكلة في الشباب نفسه، ولا نستطيع اقناعهم بشيء، انا ابني مضاد لي في الرأي بعض الشيء".
وأمام معظم لجان الاقتراع في المنطقتين يتكرر مشهد المواطنين الذين يرقصون ويعزفون الأغاني ويرفعون صور السيسي تعبيرا عن تأييدهم الشديد له.
واستنادا الى مشاهدات مراسل فرانس برس من أمام لجنة اقتراع في منطقة "نزلة السمان" غرب القاهرة وبالقرب من أهرامات الجيزة، وقفت مجموعة أفراد يحملون المزامير والطبول ويعزفون أغنية "تسلم الأيادي .. تسلم يا جيش بلادي" في وجود أحد راقصي التنورة.
وفي حي الترجمان الشعبي وسط العاصمة، كانت توزع بعض الهدايا على الناخبين، حسب مراسل فرانس برس.
وشملت الهدايا وجبات غذائية خفيفة عليها ملصق علم مصر وكتب عليها "تحيا مصر - مع تحيات مؤسسة الأزهري"، وهي تتبع رجل أعمال يستورد أدوات مكتبية وبها زجاجة مياه وبسكويت وعصير وفاكهة.
-انتشار للجيش والشرطة-
وانتشرت قوات الجيش والشرطة حول المنشآت الحيوية والمقار الانتخابية التي أقيمت في المدارس لتأمين عملية الاقتراع خصوصا بعد انفجار استهدف الجمعة موكب مدير أمن الإسكندرية وأسفر عن مقتل عنصري شرطة. وتوعد تنظيم الدولة الاسلامية بمهاجمة المنشآت ذات الصلة بالانتخابات والسياح في جميع أنحاء مصر.
- دعوة إلى الصبر -
وانتشرت لافتات التأييد للرئيس المصري حيث تم رفع صوره الى جانب اسماء التجار او رجال الاعمال او الشركات التي مولت هذه الحملة الدعائية.
ورغم أن الانتخابات لم تسبقها حملة انتخابية بالمعني الحقيقي الا أن السيسي ضاعف من ظهوره العلني في مناسبات معظمها افتتاح مشروعات نفذت او سيبدأ تنفيذها.
وفي العام 2014، كان السيسي يحظى بشعبية واسعة بين المصريين الذين كانوا يرون فيه "المنقذ" القادر على اعادة الاستقرار الى البلاد بعد فوضى سادت اثر انتفاضة العام 2011 التي أسقطت حسني مبارك.
غير ان الأزمة الاقتصادية والعودة الى نظام مشابه، إن لم يكن أكثر تسلطا من نظام مبارك الذي حكم مصر بلا منازع على مدى 30 عاما، قد تسببا في تآكل بعض هذه الشعبية.
وفي حوار اجرته معه المخرجة السينمائية المصرية ساندرا نشأت وبثته كل القنوات المحلية، دعا السيسي المصريين الى أن "يصبروا قليلا"، في اشارة غير مباشرة الى شكواهم من الارتفاع الكبير في تكاليف المعيشة.
وفي العام 2016 أطلق السيسي برنامجا طموحا للإصلاح الاقتصادي من اجل الحصول على قرض قيمته 12 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات من صندوق النقد الدولي.
ومن بين الإصلاحات التي أجريت، تحرير سعر صرف الجنيه المصري ما أدى الى ارتفاع كبير في الاسعار أثّر بشدة على الأسر المصرية.
- لا احتجاج -
غير ان ارتفاع الأسعار لم يؤد الى احتجاجات في البلاد لان السيسي، وهو خامس رئيس مصري يأتي من الجيش منذ اسقاط الملكية في العام 1952، يحكم بيد من حديد بعد ان عزل سلفه الاسلامي مرسي عام 2013. وتفيد منظمة "مراسلون بلا حدود" ان 30 صحافيا مسجونون حاليا في مصر. كما تم حجب قرابة 500 موقع على شبكة الانترنت.