رحلاتٌ تلغى فجأة ومن دون سابق إنذار، قطارات بالكاد تسير لتعود إلى التوقف، والمذيع يكرر الاعتذار تلو الآخر! حصل ذلك يوم الاثنين، وتكرر يوم الثلاثاء بشكل أسوأ، وصباح اليوم لم يكن أفضل حالاً. أهلاً بكم إلى سيدني موديل 2018! وما أدراكم بسيدني اليوم؟ وحدهم ركاب القطارات يعرفونها على حقيقتها.
قطار معلق بين السماء والماء فوق جسر الهاربر الشهير. الدقائق تمر ثقيلةً رتيبة، وهو يرفض التحرك. ركابه محظوظون! على الأقل يسرّحون عيونهم في الخليج الساحر ويحلمون لو يركبوا أحد القوارب الصغيرة الراسية في مياه الخليج أمام بيوت القرميد والجزر الصغيرة الخضراء. أما أولئك العالقون في أنفاق محطتيْ "وينيارد" و"تاون هول"، فبئس المصير! هناك الحر الشديد والهواء المفقود! ولا تصادف العيون سوى الوجوه العابسة وكل أنواع الهواتف التي يحملها الركاب لإبلاغ من ينتظرهم بأن مشوارهم طويل.
وفي معمعة الازدحام والفوضى تضيع الأسباب! بعض التقارير يلوم العواصف الرعدية التي شهدتها سيدني على مدى اليومين الماضيين، وكأن المدينة وشبكة قطاراتها من الكرتون لتتبلل ولا تعود تصلح لشيء. بعضها الآخر يضع الحق على الموظفين. يقال إن أعدداً كبيرة منهم غابت في إجازة مَرَضية مفاجئة. يا للصدفة!
وتكر سبحة التكهنات حول الأسباب. هناك من يلوم سياسات حكومة نيو ساوث ويلز والتي تقوم على اقتطاعات في الدوائر وخفض لعدد الموظفين، فيما يلوم آخرون الجدول الجديد لرحلات القطار والذي ألغيت فيه رحلات إلى مناطق مكتظة بالسكان ولا سيما في غرب سيدني لتتحوّل محطات أساسية مثل "غرانفيل" إلى محطات ثانوية.
واليوم أطل السياسيون على الناس ليدلوا بما لديهم فيكتمل المشهد! زعيم المعارضة العمالية في الولاية لوك فولي وصف ما حصل بالأمر المخزي، معرباً عن قلقه على صحة الناس جراء الاكتظاظ في المحطات التي تقع داخل الأنفاق، ومطالباً الحكومة بالتعويض للركاب.
أما وزير المواصلات في الولاية آندرو كونستانس فقد رفض دفع أي تعويضات، مكتفياً بالاعتذار، ومعتبراً أن دائرته هي التي تحتاج إلى المال لا الركاب! ولم ينسَ الوزير أن يلوم الطقس والنقص في عدد السائقين.
وفيما رئيسة حكومة الولاية غلاديس بيريجيكليان غائبة عن السمع في إجازتها السنوية، تبقى أسئلة كثيرة بلا جواب. من المسؤول فعلاً عما حصل؟ هل من مساءلة أو محاسبة لهم؟ رأسُ مَن يجب أن يتدحرج؟