يواجه البرلمان الأسترالي مشكلة في تمثيل التنوع الحاصل فيها. حيث أوضح تقرير صادر عام 2018 عن اللجنة الأسترالية لحقوق الإنسان أن 4.1 % فقط من جميع البرلمانيين جاؤوا من خلفية غير أوروبية مقارنة مع حوالي21% من عامة السكان.
وتنعكس نفس هذه النسبة على مجلس الوزراء اليوم؛ فواحد فقط من 24 وزيرًا موجودين حالياً جاء من خلفية غير أوروبية، وهو وزير السكان الأصليين الأستراليين كين وايت.
يقول القائم بأعمال مدير مختبر سيدني للسياسات والمفوض الأسترالي السابق للتمييز العنصري، البروفيسور تيم سوتفوماسان: "إن هذه الأرقام لم تتغير، وليس متوقعاً أن تتغير بعد الانتخابات الفيدرالية في 21 مايو".

Minister for Indigenous Australians Ken Wyatt speaks to the media during a press conference at Parliament House in Canberra, Tuesday, August 17, 2021. Source: AAP Image/Lukas Coch
وأضاف: "في الشكل الحالي، علينا مضاعفة عدد البرلمانيين من غير الأوروبيين بخمسة على الأقل للوصول إلى ما يُمثل شخصيتنا الحديثة اليوم." فإذا لم يكن لدينا برلمان يعكس صورتنا، فسيعاني من شرعيته. وهذا سيعني أن هؤلاء الأشخاص الموجودون في مجتمعنا لا يرون أنفسهم جزءًا من المؤسسات الرئيسة التي تشكلنا".
فحوالي نصف الأستراليين ولدوا خارجها أو لديهم والد واحد على الأقل مولود في الخارج. ولكن عندما يتعلق الأمر بالبرلمان، يبدو أن أستراليا تبدو متراجعة خلف دول أخرى.
ففي المملكة المتحدة، يشكل المواطنون من الأقليات العرقية 10%من مجلس النواب، ومجلس العموم، مقارنة بـ 14% من السكان. وينتمي 6% من أعضاء مجلس اللوردات إلى الأقليات العرقية.
وفي الولايات المتحدة، 23%من السياسيين في مجلس النواب ومجلس الشيوخ ينتمون إلى أقليات عرقية أو إثنية، مقارنة بـ 36% من السكان.
إذا لم يكن لدينا برلمان يعكس صورتنا، فسيعاني من شرعيته. تيم سوتفوماسان
يقول البروفيسور سوتفوماسان:" إن الأستراليين يدركون هذا التفاوت مما زاد من حالة الإحباط لديهم."
ويضيف: "الأهم من ذلك كله، هو الخطر المتمثل بشعور المواطنين في مجتمعاتنا بأنهم مستبعدون من مؤسساتنا مع إحساسهم أنهم مواطنون من الدرجة الثانية".
"فإذا لم تعالج أحزابنا السياسية الرئيسة هذه المشكلة وفكرت جدياً في التنوع الثقافي بوضع أهداف لمرشحيها لضمان وجود تمثيل أكبر لمجتمعنا، فسيصعب رؤية تغيير في الوقت القريب."

Dr Tim Soutphommasane Source: AAP
هل أثرت المادة 44 على تنوع برلماننا؟
قبل خمس سنوات، هدد قسم من الدستور الأسترالي يبلغ عمره 116 عامًا بإلغاء الحكومة. فالمادة 44 تحظر على أي شخص من الرعايا أو المواطنينن - أو يحق له التمتع بحقوق أحد الرعايا أو المواطنين – يتبع لجهة أجنبية أن ينتخب في البرلمان. وبالإجمال، تنازل 15 سياسيًا عن جنسيتهم المزدوجة، مما كلف حكومة تورنبول آنذاك أغلبية مجلس النواب لفترة وجيزة. و بعد خمس سنوات، خسر كلا الحزبين الرئيسين مرشحًا بسبب هذا قانون 44.
في أوائل شهر أبريل، انسحب مرشح حزب العمال لمقعد هيوز في سيدني بيتر تسامبالاس من السباق الانتخابي لأن وضع جنسيته اليونانية الأسترالية المزدوجة بقي دون حل.
وبعد أسبوع، استقال السناتور الليبرالي بن سمول بعد أن تبين أنه يحظى بالمواطنة النيوزلندية. لكنه تخلى لاحقاً عن جنسيته النيوزيلندية وسُمح له بالعودة لمتابعة مسار الحملة.
تقول خبيرة القانون الدستوري البروفيسور شيريل سوندرز من جامعة ملبورن إن هذه المادة من الدستور تمت كتابتها في سياق مختلف تمامًا.

Constitutional law expert Cheryl Saunders says a treaty could provide more rights for Indigenous Australians. Source: NITV
وتضيف:" في الواقع، فقد استخدمت فذ ذلك القسم من الدستور عبارة "خاضع أو مواطن لجهة أجنبية"، وبالتالي فإن السؤال المطروح هو: ماهي الجهة الأجنبية في عام 1901 عندما دخل الدستور الأسترالي حيز التنفيذ، بينما كانت أستراليا لا تزال مستعمرة داخل الإمبراطورية البريطانية؟ "
وتوضح:" فعلياً، لم تكن أي دولة في تلك الإمبراطورية البريطانية الكبيرة جدًا في ذلك الوقت قوى أجنبية، لذا فقد تغير السياق بشكل كبير، وخلَّف لنا موقفًا علينا بحث كيفية معالجته."
لتغيير أي جزء من الدستور، تحتاج أستراليا إلى إجراء استفتاء، وسيتطلب ذلك الأمر وقتاً طويلاً ومكلفًا. لكن في بلد غالبًا ما يُشاد به باعتباره أنجح الدول المتعددة الثقافات على وجه الأرض، تقول البروفيسور سوندرز:" إنه لا شك في أن المادة 44 تشكل مشكلة."
وتوضح: " إنها مشكلة لبلد متعدد الثقافات، ولحسن الحظ أنه متعدد الثقافات، ويحظى بكثير من المواطنين مزدوجي الجنسية." "فمن حيث الجوهر، تمنعهم المادة 44 من التمتع بحق سياسي رئيس؛ وهو الترشح لمنصب منتخب على المستوى الوطني "
المجتمعات تشعر وكأنه أمر "مُسلَّم به "
لن يؤدي تغيير المادة 44 إلى إصلاح التمثيل في البرلمان، فمعظم السياسيين الذين تأثروا به ينتمون إلى خلفية أوروبية. لكن بعض أعضاء المجتمعات المتنوعة ثقافيًا يقولون إنها تشكل جزءًا من صورة أكبر للحواجز الهيكلية التي تمنعهم من المشاركة في السياسة.
فاولر في جنوب غرب سيدني معقل حزب العمال، لكن الحزب أثار الغضب هناك العام الماضي عندما أغفل المحامي المحلي تو لي، وهو فيتنامي أسترالي، لاختيار كريستينا كينيلي، السياسية المهنية المولودة في الولايات المتحدة، والتي عاشت على بعد 50 كيلومترًا.
وتوضح السيدة لو: "هناك شعور بأننا، كمجتمع، نعتبر كأمر مفروغ منه، حيث ينزل المرشحون بالمظلات وهم ليسوا بالضرورة من المحليين ولا يعكسون بالتالي التنوع داخل المجتمع ".

Local lawyer Tu Le intended to nominate for the lower house seat of Fowler in Sydney's south west. Source: Supplied
وتضيف السيدة لو إن العوائق التي تحول دون مشاركة الأستراليين غير البيض كثيرة ومتنوعة، وتعتقد أن الأمر يحتاج لكثير من الإرادة من كلا الحزبين السياسيين الرئيسين لإزالتها.
وتوضح: " يجب البدء وبشكل طبيعي تعزيز المعرفة حول آلية العمل المؤسسي وليس الاتكاء على اتصالاتك وعلاقاتك فهذه بعض الأشياء.
"كما أن هناك إحساسًا إلى حد ما بأننا ما زلنا ضيوفًا في هذا البلد، وليس لدينا الحق في أشياء مثل الترشح للبرلمان."
فيما قال متحدث باسم حملة الحزب الليبرالي إن الحزب لديه "تاريخ يفخر به بتقديم مرشحين من خلفيات متنوعة تعكس مجتمعنا الكبير متعدد الثقافات".
قبل الانتخابات الفيدرالية، قالوا إن الحزب "فخور بتقديم مرشحين ونواب ينتمون إلى مجموعة متنوعة من الخلفيات المهنية ... [و] سيستمر في دعم الأشخاص ذوي الخلفيات المختلفة والخبرة الحياتية في مناصب قيادية، مثل الوزير وايت ". فيما لم يرد حزب العمال على طلب للتعليق.
بينما هناك عدة أحزاب تخوض الانتخابات الفيدرالية، بالإضافة إلى مرشحين مستقلين.
يمكنكم أيضاً الاستماع لبرامجنا عبر هذا الرابط أو عبر تطبيق SBS Radio المتاح مجاناً على أبل وأندرويد.