يقام حفل مسابقة جمال الكون أواخر نوفمبر / تشرين الثاني في تايلاند، حيث تستعد المتوجة الحالية فيكتوريا ثيلفيغ لتسليم تاجها إلى خليفتها، وستكون الفلسطينية نادين أيوب من بين المتنافسات على اللقب.
تحمل ثيلفيغ لقب أول دنماركية تفوز بمسابقة ملكة جمال الكون، وأول شقراء تتوّج منذ فوز الأسترالية جينيفر هوكينز عام 2004.
انطلقت المسابقة منذ عام 1952، وشهدت لحظات وُصفت بالتاريخية، مثل مشاركة أول متسابقة محجبة من الصومال خديجة عمر، وأول متسابقة من السكان الأصليين في كندا آشلي كولينغبُل عام 2024.
وفي عام 2025، تمثل نادين أيوب محطة رمزية جديدة، بصفتها أول ملكة جمال لفلسطين.

Ashley Callingbull and Khadija Omar both made history at the 2024 Miss Universe competition. Credit: Getty Images / Hector Vivas
وفي المقابل، قُتل نحو 1200 شخص، بينهم 30 طفلا، وأُخذ أكثر من 200 رهينة في هجوم حماس، بحسب الحكومة الإسرائيلية.
ترى نادين أيوب في مشاركتها فرصة لتمثيل الهوية الفلسطينية وصمود المرأة على المسرح العالمي، وقالت في حديث لبرنامج SBS Dateline: انه "من المفترض أن تُظهر مشاركتي جانبا آخر من فلسطين، يتجاوز ما نراه في الأخبار والعناوين."
رحلة نادين أيوب نحو لقب ملكة جمال فلسطين
وُلدت نادين أيوب في الولايات المتحدة، وقضت طفولتها بالتنقل بين رام الله في الضفة الغربية والولايات المتحدة.
والدها من نابلس ووالدتها من الخليل، وهما مدينتان في الضفة الغربية.
وفي سن المراهقة، انتقلت العائلة إلى كندا، حيث أنهت دراستها الثانوية والجامعية، قبل أن تعود إلى رام الله. وهي اليوم تتنقل بين رام الله ودبي.
أول ظهور دولي لها كان في مسابقة ملكة جمال الأرض لعام 2022، حيث وصلت إلى التصفيات النهائية الخمس.
وكان من المقرر أن تشارك في مسابقة ملكة جمال الكون العام الماضي، لكنها أجّلت ظهورها بسبب الحرب في غزة.

In 2022, Ayoub represented Palestine in the Miss Earth competition, which is one of the ‘big four’ international pageants alongside Miss Universe, Miss World, and Miss International. She is pictured here with Miss Earth-Fire, Andrea Aguilera of Colombia, Miss Earth 2012 Mina Sue Choi of South Korea, and Miss Earth-Air Sheridan Mortlock of Australia. Credit: AAP / EPA / Francis R. Malasig
وأضافت "ذكرت نفسي طفلةً حالمة، مليئة بالأمل وحب الحياة، وأعرف أن هؤلاء الأطفال ليسوا مختلفين عني... إنهم يستحقون فرصة في هذا العالم."
وخلصت إلى القول إنها تتطلع إلى رؤية "فلسطين مزدهرة"، وأن يتمكّن الفلسطينيون من "النمو وتطوير بلادهم".
وأكدت أن مسابقة ملكة جمال الكون باتت "منصة تحتفي بالنساء، ليس بجمالهن فقط، بل بعملهن الإنساني والاجتماعي."
وتُعدّ مسابقة ملكة جمال الكون من أشهر مسابقات الجمال في العالم، إذ تابعها أكثر من 4.4 ملايين مشاهد في الولايات المتحدة عام 2017.
وتحصل الفائزة على لقب سفيرة للمنظمة وتسافر حول العالم للترويج لقضايا إنسانية.
الملكة الحالية فيكتوريا ثيلفيغ تولي اهتماما خاصًا بحقوق الحيوان والتوعية بالصحة النفسية، وزارت دولًا مثل فيتنام وكولومبيا والهند، وتتقاضى راتبًا سنويًا مقابل مهامها.
لكن رغم شهرتها، تظل هذه المسابقات مثار جدلٍ واسع حول دورها وتأثيرها.
الجمال والسياسة.. علاقة معقدة تتجاوز التتويج والأضواء
ترى الدكتورة هانا مَاكّان، أستاذة الدراسات الثقافية في جامعة ملبورن، أن أهمية مسابقات الجمال بالنسبة للحركات النسوية "لا يمكن التقليل منها"، مشيرة إلى أن الحركة النسوية اشتهرت باحتجاجها على مسابقة ملكة جمال أميركا عام 1968.
وقالت إن المحتجين حينها عرضوا ماعزا وحملوا لافتات تندد بتشييء النساء، وتحويلها الى سلعة وألقوا في "سلة مهملات الحرية" مجلات وأدوات تجميل وحمالات صدر، لافتة الى انه من هنا ولدت أسطورة "حرق حمالة الصدر النسوية".

The protest of the 1968 Miss America pageant was organised by the New York Radical Women group. Credit: Bev Grant / Getty Images
واستذكرت احتجاجات مسابقة ملكة جمال العالم عام 1996 في بنغالور الهندية، التي جمعت بين نسويات ويساريين وقوميين هندوس، وقالت إنهم جميعًا عبّروا عن رفضهم للتشييء، وانتقدوا تجاهل الفقر في ظل بريق المسابقة.
وأضافت أن بعض الناشطات توّجن حينها رمزيا "ملكة جمال الفقر" و"ملكة جمال المشردات".

Protesters held signs comparing the Miss America pageant to a cattle auction, and paraded sheep. Credit: AAP / AP
ونُقل عنه أنه وصفها بـ"ملكة الخنزيرات" و"ملكة التدبير المنزلي"، وهي عبارات عنصرية تجاه اللاتينيات.
واستعادت المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون تلك الواقعة خلال مناظرة الانتخابات عام 2016.

Donald Trump inn 2005 with Allie LaForce, Miss Teen USA 2005, Natalie Glebova, Miss Universe 2005, and Chelsea Cooley, Miss USA 2005. Credit: Getty Images / Carley Margolis / FilmMagic

Miss Universe 1996 Alicia Machado said then-Miss Universe owner Donald Trump made critical comments about her weight. Credit: AAP / AP / Lannis Waters / The Palm Beach Post
تحوّلات مسابقة "ملكة جمال الكون" عبر السنين
أجرت مسابقة ملكة جمال الكون في السنوات الأخيرة إصلاحات مهمة، من بينها إلغاء الحد الأعلى للعمر والسماح بمشاركة المتزوجات والمطلقات.
أشارت نادين أيوب إلى أنها تحترم هذا التوجّه نحو مزيد من الشمول، معتبرة أن المسابقة أصبحت تركز أكثر على القصص الشخصية والعمل الإنساني.
أسست أيوب منظمة "سيدات فلسطين" عبر مؤسسة ملكة جمال فلسطين، لدعم النساء والفتيات من خلال التعليم وتمويل المشاريع الصغيرة.
وقالت إنها "فخورة جدا" بهذا العمل.
كما تدير مؤسسة Olive Green Academy المتخصصة في الاستدامة وصناعة المحتوى والذكاء الاصطناعي.
لكن الجدل لا يزال قائمًا على وسائل التواصل الاجتماعي وبين المثقفين حول ما إذا كانت هذه المسابقات أداة حقيقية للتغيير.
ويقول المنتقدون إنها تروّج لمعايير جمال ضيقة وتخضع للنظرة الذكورية، خصوصا في فقرة ملابس السباحة.
سمحت المسابقة عام 2018 بمشاركة أول متسابقة متحوّلة جنسياً، وهي الإسبانية أنجيلا بونس، لكنها ما تزال تشترط أن تكون المشارِكة المتحوّلة قد خضعت لجراحة تأكيد النوع.
وأثار مقال في صحيفة ذا إندبندنت عام 2019 جدلًا واسعًا تحت عنوان ساخر"لنُحيِّ ملكة جمال الكون ، حيث يمكن للنساء جميعا أن يُعرَضن بملابس السباحة على المسرح العالمي بالتساوي."

In 2012, Miss Universe changed its rules to allow transgender women to compete. Spain's Angela Ponce was the first openly trans contestant. Credit: AAP / EPA / Rungroj Yongrit
وأضافت أن القضية ليست في "عرض الجسد"، بل في "العمل الذي يُستغل" لتحقيق مكاسب مالية.
وكشفت أن إيرادات المسابقة تبلغ نحو 93 مليون دولار سنويًا، في حين لا تتقاضى المشاركات أجورًا مقابل المنافسة.
وأكدت أنها "لا تنتقد النساء المشاركات"، بل تنتقد "الهيكل او المنظومة التي تستغلهن."
الهوية الوطنية ومسابقات ملكة الجمال
تطلب مسابقة ملكة جمال الكون من المتسابقات تجسيد بلدانهن على المنصة العالمية، ما يجعلها مساحة تُعرَّف فيها معايير الجمال الوطنية.
استخدمت الدكتورة هانا مَاكّان مثال الأسترالية جينيفر هوكينز، الفائزة بلقب 2004، وقالت إنها تحوّلت إلى رمز لأستراليا، مشيرة إلى أن "صورة الأمة اختُزلت في جسد امرأة بيضاء نحيفة تُستخدم في الحملات الإعلانية."
ورأت أن بعض فقرات المسابقة تحمل رسائل جيوسياسية، مثل فقرة الأزياء الوطنية. ففي عام 2023، ارتدت ملكة جمال روسيا زيا باسم "تاج الإمبراطورية الروسية"، ووصفته صحيفة نيويورك تايمز بأنه "إعلان صريح عن الطموح الإمبريالي الروسي."
شبّهت مَاكّان المسابقة بمهرجان يوروفيجن والألعاب الأولمبية بوصفها ساحة تتبلور فيها فكرة "الأمة"، وقالت "نحن نحتفل بممثلة وطننا، ونشعر بالفخر، لكن علينا ألا ننسى أن مفهوم الأمة والحدود هو بناء اجتماعي متخيل."
وأضافت أن وجود ملكة جمال فلسطين في هذه المسابقة يحمل أهمية سياسية وثقافية كبيرة، لأنه يؤكد أن "فلسطين أمة قائمة بحد ذاتها، وأن النضال من أجل الحرية يبدأ من تثبيت هذه الهوية."
وأوضحت أن ذلك لا يعني أن المسابقة خالية من الإشكالات، لكنها تمنح الفلسطينيين منصة رمزية لعرض هويتهم في الفضاء الدولي.
وختمت بالإشارة إلى أن أغلبية دول الأمم المتحدة باتت تعترف بدولة فلسطين، من بينها أستراليا التي أعلنت اعترافها في سبتمبر الماضي، إلى جانب بريطانيا وكندا، فيما تواصل الولايات المتحدة وإسرائيل رفض الاعتراف.
أما نادين أيوب، فقالت إن "ملكة جمال الكون هي أكبر منصة للاحتفاء بالنساء، أشبه بأولمبياد جمال النساء"، مؤكدة أن مفهوم الجمال تغيّر ليصبح أكثر ارتباطًا بـ"الجمال الداخلي، والصوت الإنساني، والدفاع عن القضايا المهمة."
وأضافت "أؤمن أن المسابقة ستكون فرصة ليرى العالم فلسطين من منظور مختلف .. من خلال الجمال والثقافة والفن والموضة والابتكار".
شارك
