هذه المرة الرابعة التي تستهدف فيها إسرائيل الضاحية الجنوبية منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار بينها وبين حزب الله حيّز التنفيذ أواخر تشرين الثاني/نوفمبر، بعد نزاع امتد لأكثر من عام على خلفية الحرب في غزة قبل أن يتحول إلى مواجهة مفتوحة في أيلول/سبتمبر 2024.
وأعرب الرئيس اللبناني جوزاف عون عن "إدانته الشديدة للعدوان الإسرائيلي"، مؤكدا في بيان أن "هذه الاستباحة السافرة لاتفاقٍ دولي (...) إنما هي الدليل الدامغ على رفض المرتكب لمقتضيات الاستقرار والتسوية والسلام العادل في منطقتنا".
وانضم اليه رئيس مجلس النواب نبيه بري في التنديد ب"الاستباحة الاسرائيلية المتواصلة لسيادة لبنان"، داعيا إلى موقف موحد "لكل اللبنانيين في مواجهة العدوانية الإسرائيلية التي لا تستهدف طائفة أو منطقة بعينها، بل كل لبنان واللبنانيين".
بدوره، دان رئيس الوزراء نواف سلام الضربات، داعيا المجتمع الدولي الى "تحمّل مسؤولياته في ردع إسرائيل عن مواصلة اعتداءاتها والعمل على إلزامها بالانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة".
وأظهرت لقطات مباشرة لتلفزيون وكالة فرانس برس كتلا من اللهب وأعمدة من الدخان تتصاعد أثناء الغارات.
وأحصت الوكالة الوطنية للاعلام اللبنانية الرسمية نحو 12 غارة، بينها غارتان "عنيفتان جدا".
وسمع مراسلو وكالة فرانس برس في العاصمة اللبنانية دوي انفجارين قويين على الأقل.
وصرح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أن الجيش هاجم أهدافا تابعة للوحدة الجوية في حزب الله بضاحية بيروت الجنوبية
نزوح جماعي
وأفاد مصور فرانس برس عن نزوح جماعي للسكان من الضاحية الجنوبية ترافق مع ازدحام مروري خانق في شوارعها، بينما قام كثيرون بإطلاق النار في الهواء لتحذير سكان المناطق المحددة بوجوب مغادرتها.
وقالت فيوليت التي تسكن في الضاحية الجنوبية لوكالة فرانس برس "غادرت البيت مع أولادي بعد ورود اتصال من مجهول يدعي انه جيش الدفاع الاسرائيلي"، مشيرة إلى شعورها بالخوف من أن يتعرض المبنى الذي تقيم فيه للقصف.
ونددت السلطات اللبنانية بالغارات التي جاءت عشية عيد الأضحى.
كما قال مكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان في بيان إن "الغارات التي تعرضت لها الضاحية الجنوبية لبيروت هذه الليلة أثارت حالة من الذعر والخوف المتجددين عشية عيد الأضحى المبارك".
وسبق الغارات توجيه أدرعي "إنذارا عاجلا" لإخلاء محيط مبانٍ محددة في "أحياء الحدث، حارة حريك، برج البراجنة". وتوجه للسكان "أنتم تتواجدون بالقرب من منشآت تابعة لحزب الله"، داعيا لإخلائها "فورا والابتعاد عنها لمسافة لا تقل عن 300 متر".
كما دعا أدرعي إلى إخلاء قرية عين قانا في جنوب لبنان التي تقع على بعد نحو 20 كيلومترا من الحدود الإسرائيلية، حيث قصف الطيران الحربي الاسرائيلي وفقا للوكالة الوطنية "مبنى كان هدد العدو باستهدافه".
مواقع الطائرات بدون طيار تحت الأرض
وفي بيان منفصل، أكد الجيش الاسرائيلي أنه سيستهدف "مواقع لتصنيع طائرات بدون طيار تحت الأرض تمّ إنشاؤها عمدا بين السكان المدنيين" في الضاحية الجنوبية التي تعد معقلا للحزب.
وقال "بعد استخدامها المكثّف للطائرات بدون طيار كعنصر مركزي في هجماتها الإرهابية ضد دولة إسرائيل، تعمل المنظمة الإرهابية على زيادة إنتاج المسيّرات للحرب المقبلة"، معتبرا ذلك "انتهاكا صارخا للاتفاقات بين إسرائيل ولبنان".
ونصّ اتفاق وقف إطلاق النار على انسحاب مقاتلي حزب الله من منطقة جنوب نهر الليطاني (على مسافة نحو 30 كيلومترا من الحدود)، وتفكيك بناه العسكرية فيها، في مقابل تعزيز الجيش اللبناني وقوة يونيفيل انتشارهما قرب الحدود مع إسرائيل. كما نصّ على انسحاب اسرائيل من الأراضي التي توغلت إليها في جنوب لبنان خلال النزاع.
وفتح الحزب المدعوم من إيران "جبهة إسناد" لغزة غداة اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023.
وكان رئيس الحكومة اللبناني أعلن الخميس تفكيك أكثر من 500 موقع ومخزن سلاح في المنطقة الممتدة جنوب نهر الليطاني منذ اتفاق وقف النار.
وقال سلام "الجيش اللبناني يواصل توسيع انتشاره وحتى الآن، فكّك جنوب الليطاني أكثر من 500 موقع عسكري ومخزن".
وكانت منطقة جنوب الليطاني تعتبر معقلا للحزب اللبناني الذي خرج منهكا من الحرب التي قتلت فيها إسرائيل عددا كبيرا من قياداته ودمّرت جزءا كبيرا من ترسانته.
ومنذ انتهاء الحرب، تواصل إسرائيل تنفيذ غارات جوية على مناطق لبنانية عدّة، مشيرة الى أنها تستهدف بنى تحتية وعناصر في حزب الله.
ويطالب لبنان المجتمع الدولي بالضغط عليها لوقف هجماتها والانسحاب من النقاط التي لا تزال متمركزة فيها داخل أراضيه.
شارك

