على الحشائش الخضراء اصطف عشرون طفلاً منتظرين دورهم في ركل كرة الرجبي ليغ نحو الهدف، أصوات صياح وضحك الأولاد والبنات تملأ الملعب الواسع، وعلى جانب الملعب يقف الآباء والأمهات لمشاهدة التدريب الذي تنظمه مؤسسة نيو ساوث ويلز رجبي ليغ في عدد من أحياء مدينة سيدني.
يقف لابا أبونصيف وزوجته جانيت يشاهدان تمرين الرجبي ليغ الذي يشارك فيه ابنتهما أنجلينا وعمرها ثمانية أعوام وشقيقها جايدن وعمره أربعة أعوام، الابن على وجه الخصوص يعشق اللعبة، ويقول لابا عنه: "طفلاي يحبان الرجبي، ابني يأكل وينام ويستيقظ وهو يلعب فوتبول."
أسرة أبونصيف التي تنحدر من أصول لبنانية ليست الوحيدة في الملعب، فخارج الإطار الأخضر تنتظر أسرة هاجرت حديثا من باكستان لأستراليا، وأسرة أخرى من الهند، وإيطاليا وغيرهم، وهي شريحة جديدة تستهدفها مؤسسة نيو ساوث ويلز رجبي ليغ ضمن مبادرة لتعريف الأطفال الذين يأتون من خلفية ثقافية متنوعة باللعبة المحبوبة في أستراليا.

أنجلينا أبونصيف عمرها ثمانية أعوام وشقيقها جايدن وعمره أربعة أعوام. Source: AAP
بدأت المبادرة العام الماضي في بانكس تاون كما تقول تراسي إدموندسون المتحدثة الرسمية لمؤسسة نيو ساوث ويلز رجبي ليغ، وكانت المفاجأة هو إقبال الأطفال من أصل هندي على الاشتراك في تدريبات الرجبي ليغ، الأمر الذي شجع المؤسسة هذا العام على التوسع في التجربة لتشمل أحياء غرب سيدني مثل ذا بوندز وبراماتا ومينشينبري مستهدفة الأطفال المنحدرين من أصول عربية وهندية وفلبينية.
بعد العام الأول تواصلت حكومة الولاية مع المؤسسة لدعم البرنامج كما تشرح إدموندسون: "ترى الجاليات أن الفكرة إيجابية، والحكومة تعتقد أن البرنامج رائع، فالبرنامج يساعد على تسهيل الاندماج الاجتماعي، كما أنه يمنح الأطفال الذين يأتون من خلفية ثقافية متنوعة فرصة اللعب وممارسة الرياضة."
لكن دعم اندماج المهاجرين في المجتمع وتسلية الأطفال هما جزء من هدف المبادرة وليس الهدف كله، فالرجبي ليغ يعلم أن المهاجرين الذين يأتون من خلفية ثقافية متنوعة قد يهتمون برياضات أخرى مثل الكريكيت وغيرها لشهرة هذه الرياضات في الوطن الأم، كما يوضح أسامة واجد ،أحد الآباء المنتظرين على جانب الملعب والذي هاجر لأستراليا من باكستان منذ عام: "الرجبي ليست لعبة كبيرة في باكستان، كنا نشاهد الكركيت وكرة القدم هناك."

Source: SBS
وإذا نشأ أطفال المهاجرين على حب هذه الألعاب فما هو مستقبل لعبة الرجبي ليغ أو الفوتي؟
في تقرير نشرته جريدة سيدني مورنينج هيرالد منذ ثلاثة شهور كشفت الجريدة أن نادي باراماتا إيلز يبحث عن وسائل جديدة لزيادة عدد المشتركين في النادي الذين يأتون من خلفية ثقافية متنوعة، وأن هناك إقبال كبير على الاشتراك في النادي من الجالية الهندية، كما كشفت إحصائيات الفريق أن عشرين في المائة من أعضاء النادي ومشجعيه ولدوا خارج أستراليا.
هذا التنوع الثقافي الذي استطاع نادي براماتا إيلز أن يحققه هو ما تسعى له مؤسسة نيو ساوث ويلز رجبي ليغ كما تقول إدموندسون: "هناك أدلة على تغيّر الخلفية الثقافية (للجمهور) والرياضة هي وسيلة رائعة لدمجهم في المجتمع (..) الرياضة تخلق فرصة للأهالي ليتعرفوا على بعضهم البعض، للاشتراك في النادي، ربما ليتطوعوا في التدريب أو التحكيم، من شأن هذا دمجهم في المجتمع في بيئة آمنة وبشكل لا يهددهم."

حسن و حمزة انتقلا لأستراليا منذ عام كمهاجرين من باكستان Source: SBS
بالنسبة للعديد من المهاجرين، لم تكن لعبة الرجبي ليغ معروفة في وطنهم الأم، لكن الحال مختلف بالنسبة للأسترالي من أصل هندي روشير باتيل، والذي احتفل بمرور عشرة أعوام على عضويته في نادي الرجبي ليغ الشهير باراماتا إيلز، اليوم أتى باتيل لتشجيع ابنته ميرايا والتي تبلغ من العمر خمس سنوات على اللعب والتي تشاركه حبه للعبة، يقول باتيل:"أذهب مع ابنتي لكل المباريات، نحب الجو العام والهتافات وألوان القمصان، ونشاهد سوياً ملخض المباريات، هي تحب اللعبة كثيراً وستستمر في هذا البرنامج."