داخل مستشفى ناصر في خان يونس، سادت أجواء الحزن والغضب، حيث احتشد العشرات لتشييع جثمان الرجل الذي لم يكن يحمل سلاحًا، بل سعى فقط لتلبية نداء أطفاله الجائعين.
بحسب شهادات محلية، كان حسام برفقة شقيقه وأقاربه عندما توجهوا فجر الأحد إلى مركز توزيع جديد أقيم في رفح. وهناك، كما يؤكد شهود، أُطلقت النار على الحشود المتجمّعة في منطقة دوار العلم، ما أدى إلى حالة من الفوضى والرعب، سقط خلالها عشرات الضحايا بين قتيل وجريح.
اللجنة الدولية للصليب الأحمر أكدت أن مستشفاها الميداني في رفح استقبل 179 مصاباً، توفي 21 منهم فور وصولهم. وأفادت بأن جميع الجرحى أكدوا أنهم كانوا يحاولون الوصول إلى موقع توزيع المساعدات، وأن معظم الإصابات نجمت عن طلقات نارية وشظايا.
من جهتها، نفت السلطات الإسرائيلية وكذلك "مؤسسة غزة الإنسانية" – وهي جهة مدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل – وقوع الحادث، مشيرةً إلى أن الجيش أطلق "طلقات تحذيرية" فقط باتجاه أشخاص اقتربوا من نقطة عسكرية على مسافة كيلومتر من موقع التوزيع.
مراكز التوزيع تحت النيران
هذه الحادثة المأساوية ليست الأولى من نوعها. فقد وثّق الدفاع المدني في غزة حادثة دامية أخرى مرتبطة بنشاط "مؤسسة غزة الإنسانية"، وهي الجهة المثيرة للجدل التي تشرف على بعض عمليات توزيع المساعدات في القطاع، وتتهمها الأمم المتحدة بانتهاك المبادئ الإنسانية وتحقيق أهداف عسكرية تحت غطاء الإغاثة.
مقاطع مصوّرة بثها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) أظهرت مشاهد فوضوية في موقع توزيع بمعبر نتساريم وسط غزة، حيث تجمع المئات حول ممرات حديدية محاطة بتلال ترابية. وظهرت حراسة مشددة على الموقع، يتولاها عناصر يتحدثون الإنجليزية ويتنقّلون بسيارات مدرعة.
يحمل كثير من الفلسطينيين المغادرين لتلك المواقع صناديق كتب عليها شعار "مؤسسة غزة الإنسانية"، إلى جانب ألواح خشبية تُستخدم لاحقًا في إشعال النار أو بناء المساكن المؤقتة.
في ظل هذا الواقع، لا يزال المدنيون في غزة يدفعون ثمن المعاناة اليومية، حيث يتحول الحصول على الطحين أو رغيف الخبز إلى مخاطرة بالحياة وسط دمار الحرب المستمرة.