طالب الرئيس الأميركي دونالد ترامب حركة حماس بمواصلة إعادة جثث الرهائن الذين احتُجزوا في قطاع غزة، مؤكداً أن "الشرق الأوسط اليوم أكثر أماناً مما كان عليه، ونريد أن يبقى كذلك"، في إشارة إلى مساعٍ أميركية ودولية لتثبيت وقف إطلاق النار الهش وإطلاق قوة دولية في القطاع.
وقال ترامب، في تصريحات نقلتها وكالات الأنباء العالمية إنه يتابع "بدقة" خطوات حماس بعد تسليمها 15 من أصل 28 جثة لرهائن قُتلوا خلال الحرب .
واضاف على منصته "تروث سوشيال" قائلا "دعونا نرَ ما سيفعلونه خلال الساعات الثماني والأربعين المقبلة، بعض الجثث يمكن إعادتها الآن، وبعضها الآخر يصعب الوصول إليه".
واشار الرئيس الأميركي الى أن دولاً مشاركة في اتفاق السلام ستتخذ إجراءات "إذا لم تُعِد حماس الجثث وفق التزاماتها"، محذراً من أن "الاتفاق لن يصمد إذا تراجعت الحركة عن تعهداتها".
وكان الرئيس الأميركي حذر من أنه إذا لم تحترم حماس شروط وقف إطلاق النار، فسيتم "القضاء عليها".
لقاء الدوحة: دعم قطري واستعداد للمشاركة في حفظ السلام
وخلال توقفه في الدوحة في طريقه إلى آسيا، التقى ترامب أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ورئيس الوزراء الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وأشاد بحسب ما نقلت وكالة الانباء القطرية بالدور القطري قائلا إن "قطر حليف عظيم، ولاعب رئيسي في استقرار المنطقة".
وذكرت وكالة الأنباء القطرية (قنا) أن المحادثات تناولت "تطورات الأوضاع الراهنة في قطاع غزة، ودعم اتفاق إنهاء الحرب، وضمان التزام الأطراف ببنوده"، إضافة إلى بحث "سبل التعاون الاستراتيجي بين البلدين في مجالات الأمن والدفاع والطاقة".
وأشار ترامب إلى أن قطر "أبدت استعدادها للمساهمة بقوات حفظ سلام إذا لزم الأمر"، موضحاً أن بلاده تعمل مع شركاء دوليين لتشكيل قوة متعددة الجنسيات لتثبيت الاستقرار في غزة.
ويسافر ترامب إلى آسيا لأول مرة منذ توليه منصبه في كانون الثاني/يناير، ومن المقرر أن يعقد قمتين إقليميتين واجتماعات مع الرئيس الصيني شي جينبينغ وقادة آخرين.
ترامب : لدينا الآن شرق أوسط آمن ويجب أن يكون هذا سلاماً مستداماً
وفي تصريحات لاحقة للصحافيين على متن الطائرة الرئاسية "إير فورس وان"، شدد ترامب على أن الهدف ليس فقط وقف القتال، بل "بناء سلام مستدام في الشرق الأوسط"، مضيفا "لدينا الآن شرق أوسط آمن ونريد أن يبقى كذلك".
وذكر ترامب أن جهود إرساء الاستقرار في غزة تحرز تقدماً، وأن قوة دولية ستُنشر بالقطاع قريباً، وذلك عقب اجتماعه مع أمير قطر.
وقال إن "العمل جارٍ حالياً لاختيار قادة لقوة تثبيت الاستقرار في غزة"، موضحاً أن الخطة الأميركية "تستند إلى التعاون الإقليمي والدعم الدولي".
روبيو: مساعٍ أممية لتفويض القوة الدولية
من جهته، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الذي رافق الرئيس في جولته، إن واشنطن تتلقى "مقترحات حول استصدار قرار محتمل من الأمم المتحدة أو اتفاقية دولية تمنح تفويضاً لقوة متعددة الجنسيات في غزة".
وأوضح في تصريحات نقلتها رويترز أن عدداً من الدول "أبدى اهتماماً بالمشاركة على المستويين المالي والبشري أو كليهما"، مضيفاً أن "القوانين المحلية لبعض الدول تتطلب تفويضاً أممياً قبل نشر أي قوات خارجية".
وتابع "لذا، لدينا فريق كامل يعمل على وضع هذا المخطط التفصيلي".
وكان روبيو قد زار إسرائيل قبل وصوله إلى قطر، حيث التقى رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو وأسر جنود أميركيين إسرائيليين تحتجز حماس جثامينهم، مؤكداً بحسب ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية أن "الولايات المتحدة لن تتوقف حتى تتم استعادة رفات جميع الرهائن".
رهانات أميركية
وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في العاشر من أكتوبر الجاري وفق "خطة ترامب للسلام"، سلمت حماس 20 رهينة أحياء مقابل نحو ألفي معتقل فلسطيني، فيما التزمت بتسليم 28 جثة لرهائن قُتلوا خلال الحرب. وحتى الآن، لم يُسلَّم سوى 15 جثة، فيما تطالب إسرائيل والولايات المتحدة بتسليم البقية "خلال فترة قصيرة".
ويعدّ هذا الملف أحد أكثر بنود الاتفاق حساسية، إذ يختبر مدى التزام حركة حماس ، والتي تصنف كمنظمة ارهابية في استراليا وعدد من الدول ، بتطبيق التعهدات، فيما يربط البيت الأبيض تسليم الجثث باستمرار التهدئة وبدء تنفيذ مشاريع الإعمار بإشراف دولي.
وقال مسؤول في البيت الأبيض لـفرانس برس إن واشنطن "تعتبر تسليم الجثث خطوة إنسانية ضرورية لإعادة بناء الثقة بين الأطراف، ولتمهيد الطريق أمام القوة الدولية التي ستشرف على الأمن وإعادة الإعمار".
ويرى مراقبون أن واشنطن تحاول من خلال هذا المسار الجمع بين الضغط الإنساني على حماس والتحرك السياسي لتدويل الملف الأمني في غزة، في وقت تسعى فيه إلى تثبيت وقف إطلاق النار ومنع تجدد الحرب التي استمرت عامين وأودت بآلاف المدنيين.
واشار تحليل نشرته صحيفة وول ستريت جورنال إلى أن "الرهانات الأميركية في غزة عالية جداً، إذ يمثل تسليم الجثث اختباراً مبكراً لقدرة واشنطن على فرض خطة سلام واقعية قابلة للتطبيق".
بينما رأت التايمز أوف إسرائيل أن "الدوحة تحوّلت إلى مركز للوساطة والحوار، مستفيدة من ثقة الأطراف المختلفة، ما يجعلها أحد أعمدة القوة الجديدة المقترحة لغزة".
