صادق البرلمان الفيكتوري، يوم أمس، على مشروع قانون المعاهدة الشاملة (Statewide Treaty Bill)، بدعمٍ من حزب العمال الحاكم، وحزب الخضر، وعددٍ من النواب المستقلّين، لتصبح الولاية أول منطقة في أستراليا تتخذ خطوة تشريعية فعلية نحو عقد معاهدة مع السكان الأصليين قبل نهاية العام الحالي.
معاهدة تنتظر التوقيع الملكي
المشروع الذي اجتاز مجلس الشيوخ المحلي ينتظر الآن الحصول على التصديق الملكي من حاكمة الولاية، قبل توقيعه رسمياً بين حكومة فيكتوريا ومجلس الشعوب الأولى. وقد تقرّر أن يُقام احتفالٌ رسمي لإطلاق المعاهدة في ساحة الاتحاد (Federation Square) بملبورن في الثاني عشر من كانون الأول/ ديسمبر المقبل، وسط حضور عام واسع.

Assembly Co-Chairs Ngarra Murray (left) and Rueben Berg arrive to speak from the floor of Victorian Legislative Assembly at the Parliament Of Victoria in Melbourne. Source: AAP / JAMES ROSS/AAPIMAGE
"بداية عهد جديد من الشفاء والعدالة"
وصفت نغارا موراي، الرئيسة المشاركة لمجلس الشعوب الأولى، التصويت على القانون بأنه "لحظة تاريخية سنرويها لأطفالنا وأحفادنا"، مؤكدة أن ما تحقق هو ثمرة عقود من النضال والمثابرة من قبل السكان الأصليين في أستراليا.
وقالت موراي: "إنّ هذه المعاهدة تمثّل بداية حقبة جديدة تُحترم فيها ثقافة الشعوب الأولى ومعارفها الممتدة لأكثر من ستين ألف عام. إنها فرصة لجميع الفيكتوريين للاعتراف بتاريخنا المشترك، والشفاء من جراح الماضي، والمضيّ قدماً معاً."
أما الرئيس المشارك الآخر، روبين بيرغ، فأشار إلى أن القانون يمنح المجتمعات الأصلية القدرة على صياغة حلول واقعية لمستقبلها في مجالات الصحة والتعليم والإسكان والعدالة، مضيفاً: "نحن نعرف ما الذي يناسبنا وما الذي لا يناسبنا، والمعاهدة تتيح لنا ترجمة خبراتنا إلى سياسات عملية."
"حلم يتحقق بعد أجيال من النضال"
من جهتها، عبّرت المديرة التنفيذية لـ منظمة الصحة المجتمعية للسكان الأصليين في فيكتوريا (VACCHO)، الدكتورة جيل غالاغر، عن فرحتها الغامرة بوصفها ما حدث بأنه “حلم تحقق بعد أجيال”.
المعاهدة ليست مجرّد اعتراف رمزي، بل هي فعل عدالة وشهادة على الحقيقة. اليوم نكرّم شيوخنا وقادتنا وشبابنا الذين لم يتوقفوا يوماً عن المطالبة بحقهم في تقرير مصيرهملمديرة التنفيذية لـ منظمة الصحة المجتمعية للسكان الأصليين في فيكتوريا (VACCHO)، الدكتورة جيل غالاغر
خطوة نحو “ولاية أكثر عدلًا وقوة”
رئيسة حكومة فيكتوريا جاسينتا ألن وصفت المصادقة على القانون بأنها "خطوة كبرى نحو ولاية أكثر عدلًا وقوة"، مؤكدة أن المعاهدة ستمنح المجتمعات الأصلية سلطة المشاركة في وضع السياسات والخدمات التي تمسّ حياتهم اليومية.
وأضافت ألن: "بهذه المعاهدة نؤسس لفيكتوريا أكثر إنصافًا للجميع، حيث تُصاغ القرارات بالتعاون مع من تمسهم مباشرة."
رمزية تتجاوز حدود الولاية
تمثّل هذه الخطوة سابقة وطنية يمكن أن تمهّد الطريق أمام ولايات أسترالية أخرى لاتّباع المسار نفسه نحو الاعتراف الرسمي بالسكان الأصليين وإقامة معاهدات محلية.
ويرى مراقبون أنّ نجاح تجربة فيكتوريا قد يُعيد إحياء النقاش الوطني حول المصالحة والعدالة التاريخية للسكان الأصليين، لا سيّما بعد فشل الاستفتاء الوطني الأخير بشأن الاعتراف الدستوري بـ“صوت السكان الأصليين في البرلمان”.
ومع اقتراب موعد توقيع المعاهدة رسميًا، تُجمع الأصوات في فيكتوريا على أن هذه اللحظة ليست نهاية الطريق، بل بداية رحلة طويلة نحو الشفاء الوطني، تُكتب فصولها بمداد الاحترام والمشاركة الحقيقية بين جميع الأستراليين.




