وماذا لو عمل هؤلاء مع واحد من آلاف البشر الذين يعتاشون من العمل على الطرق طوال الوقت، سواء بقيادة تاكسي أو شاحنة أو عربة لتوصيل الأغراض، هل كان السياسيون يرحمون الناس فيحسّنون الطرق ويلغون الرسوم الباهظة والمتاكثرة المفروضة على مستخدميها؟ هنا أيضاً الإجابة كلا، لأن أياً من السياسيين لم يعرف عناء تمضية النهار، حاراً كان أم بارداً، على الطرق، لكسب لقمة العيش.
ولو تم إلزام البرلمانيين الفدراليين باستخدام القطار لشهر واحد للذهاب إلى العمل، هل يصبحون أكثر سخاءً مع مواطنيهم فيرصدون أموالاً أكثر لتحسين خدمات السكك الحديد؟ حتى هنا الإجابة كلا، لأنه وبكل بساطة لا توجد شبكة قطارات تخدم المدينة التي يوجد فيها البرلمان الفدرالي وهي العاصمة كانبرا وضواحيها، بل هناك خط للسكك الحديد بين سيدني وملبورن يعرّج عليها لإنزال الركاب في محطة هناك.
نطرح هذه الأسئلة في ضوء تقرير نشره موقع ABC يُظهر أن أكثر المهن والحرف والأعمال التي يمارسها الأستراليون غير ممثلة في برلمانهم الفدرالي. حتى قطاع التمريض الذي يعمل فيه حوالى 220 ألف ممرض وممرضة، أي أكثر من عامل من أصل كل 50 عاملاً، غير ممثل في البرلمان الفدرالي على الإطلاق.
وبحسب هذا التقرير، حوالى 50% من نواب الأمة قدموا من قطاعات مثل المصارف والإعلام والشرطة والعسكر والطب والمحاسبة والمحاماة والاستشارات وإدارة الدوائر الحكومية أو شركات خاصة، معظمهم شغل فيها مناصب رفيعة.
رئيس الوزراء مالكوم تورنبول مثلاً كان مديراً عاماً لعدة شركات بعدما بدأ حياته صحافياً ثم محامياً. وزير الهجرة وحماية الحدود بيتر داتن كان مديراً لشركة بعدما بدأ حياته المهنية شرطياً. وزيرة الخارجية جولي بيشوب كانت محامية ومديرة لعدة مؤسسات وشركات. وزير الخزانة سكوت موريسن قادم من خلفية إدارية في مجالات ومؤسسات عدة. زعيم المعارضة الفدرالية بيل شورتن كان أحد كبار المسؤولين في النقابات.