بعد عام من الهجرة لأستراليا قضاها محمد السيد مستخدما المواصلات العامة، استقر رأيه على ضرورة شراء سيارة، فالمهاجر الشاب الذي انتقل من القاهرة لسيدني عام 2015، يرى أن المواصلات العامة في المدينة سيئة في خلال أيام السبت والأحد وخلال العطلات، كما أن طراز جولف من شركة فولكس فاجن الألمانية هي سيارة يود السيد قيادتها لحبه للسيارات الألمانية من جهة ولأنها تحظى بعوامل أمان متعددة من جهة أخرى.
ومثل كثير من الوافدين الجدد اشترى السيد سيارة مستعملة وليست جديدة لهذا السبب: "معظم السيارات الجديدة تخسر نصف ثمنها في السنوات الأربع الأولى من عمرها، ولم أكن مستعدا لهذه الخسارة المادية."
اقرأ المزيد

خمس نصائح لشراء سيارة مناسبة
بالفعل توجه السيد لأقرب وكيل للسيارة واشترى سيارة جولف طراز عام 2013، قرر السيد شراء السيارة من تاجر للسيارات للاطمئنان على استثماره: "هناك ميزة (لشراء سيارة مستعملة) من عند التجار غير موجودة إذا اشتريت من شخص، وهي أن الوكيل يمنحك ثلاثة شهور ضمان على السيارة."
ما أن سافر السيد من سيدني إلى ملبورن حتى توقفت السيارة الألمانية وتعطل ناقل الحركة الأوتوماتيكي، وبدلا من الاستمتاع بسيارته، بدأ رحلة من المتاعب في قاعات المحاكم الأسترالية.
يعتبر شراء سيارة مستعملة خياراً جذاباً بالنسبة للمهاجرين الوافدين حديثاً على أستراليا، فسوق السيارات المستعملة كبير، وعدد السيارات المستعملة المعروضة للبيع في أي وقت يتجاوز الربع مليون سيارة، وهناك العديد من السيارات التي لا يتجاوز سعرها بضعة مئات من الدولارات.

Source: Car Guide
تقدِر بعض التقارير عدد السيارات المستعملة في أستراليا بنحو ثلاثة ملايين سيارة طبقا لإحصاء قامت به مؤسسة مانهايم التجارية للسيارات عام 2015، وليست هناك إحصائيات رسمية مُعلنة عن عدد السيارات المستعملة في أستراليا، لكن كل عام يدخل السوق المحلي نحو 1.1 مليون سيارة جديدة طبقا لأرقام أعلنتها شركة بادجيت دايركت للتأمين.
وتقول أرقام موقع carsale.com الرائد في بيع السيارات المستعملة، إنه تم تنفيذ أكثر من 23.7 مليون عملية بحث عن سيارات مستعملة في العام الماضي.
وعلى الرغم من وجود القوانين التي تجرم التلاعب بالسيارات المستعملة عند البيع، إلا أن هناك تقارير منفردة عن وجود حالات تلاعب بالسيارات المستعملة بغرض خداع المشتري، فيقول موقع CarHistory الأسترالي المتخصص في إصدار وثائق عن تاريخ السيارات إن هناك 4172 حالة تلاعب في السيارات المستعملة حدثت بين عامي 2013 و2016.
الشق القانوني لتجارة السيارات
يقول المحامي روبرت إسحاق مؤسس شركة وليام روبرتس للمحاماة إن القانون في ولاية نيو ساوث ويلز فيه عدة مواد لحماية المشتري، يذكرها إسحاق في قانون تجارة السيارات أو (Motor Dealers and Repairers Act 2013) والذي يحدد في مواده 68 و69 أنه : إذا كانت السيارة صُنعت خلال العشرة أعوام الماضية، وتم قيادتها لأقل من مائة وستين ألف كيلومتر، يحصل المشتري على ضمان بمقتضى القانون لمدة ثلاثة أشهر أو خمسة آلاف كيلومتر أيهما حدث أولا.
كما يشير إسحاق إلى أن المشتري أيضا محمي بموجب قانون حماية المستهلك الأسترالي في حالة تعرضه للخداع.
دور الأجهزة الرقابية
في ولاية نيوساوث ويلز وحدها تُسجل الأجهزة الرقابية سبعة آلاف شكوى سنوياً متعلقة ببيع وشراء السيارات، نصف هذه الشكاوى بسبب السيارات المستعملة، طبقا لتصريحات أندرو جافريلاتوس المدير التنفيذي لخدمة العملاء في وزارة خدمة العملاء بالولاية، والذي يشدد على أهمية فحص السيارة بروية قبل الشراء قائلا: " قبل النظر لفترة الضمان يجب التأكد من أن السيارة صالحة للقيادة على الطرقات. من المهم فحص السيارة بعناية من الداخل والخارج، فحص المحرك، وأيضا قيادة السيارة للتأكد من أنها آمنة وصالحة للقيادة، ويُفضل أن يفحصها شخص محايد كميكانيكي سيارات."
في حالة السيد كان العيب خفي وغير واضح، وعلى الرغم من أن ثمن السيارة 13 ألف دولار إلا أنه فوجئ بأن تكلفة الإصلاح ستصل إلى 8 آلاف دولار، ورفض الوكيل إصلاح السيارة وألقى بالمسؤولية على المشتري مما استدعى السيد أن يتوجه بالشكوى لمحكمة في نيو ساوث ويلز.
في الحالات المماثلة ينصح جافريلاتوس المشتري بإرسال شكوى لهيئة التجارة العادلة Fair Trade لتحاول الوساطة بين البائع و المشتري، وتبدأ الوساطة بمكالمة هاتفية لكن في بعض الأحيان ترسل هيئة التجارة العادلة متخصص لفحص السيارة، وإذا وجد أنه يجب إصلاح السيارة بمقتضى الضمان الساري، يرسل المتخصص طلب تصحيح الوضع لتاجر السيارات ويقول جافريلاتوس: "لن يحصل المشتري على سيارة بديلة، ولكن يمكن طلب إصلاح السيارة حتى تكون صالحة للقيادة على الطرقات."
ولكن ماذا إذا أصر على الرفض؟ مثلما فعل التاجر مع السيد المهاجر المصري؟
اعتمادا على نصوص القانون ستحاول هيئة التجارة العادلة حل النزاع خلال ثلاثين يوما من تسلم الشكوى، ولكن في حالة رفض التاجر التعاون قد تصل الإجراءات القانونية إلى سحب رخصة العمل من هذا التاجر.
في حالة السيد لجأ لهيئة التجارة العادلة، لكن الهيئة كانت تحاول إصلاح السيارة، وكان السيد يود إرجاع السيارة لما عاناه منها.
واستمر النزاع بينه وبين تاجر السيارات لمدة ستة شهور في المحكمة، مثّل خلالها السيد نفسه دون الاعتماد على محامي، وحكم القاضي لصالحه في النهاية بإصلاح السيارة ومد فترة الضمان لست شهور جديدة، وأثناء هذه الفترة تعطل محرك السيارة، وأعاد السيد السيارة للتاجر واشترى سيارة جديدة كلية من نفس الطراز: جولف من شركة فولكس فاجن.
بالنسبة له أقنعته التجربة باختيار سيارات جديدة تمنح فترة ضمان طويلة سيارات تصل لسبع سنوات، لكن إذا اضطر لشراء سيارة مستعملة سيبحث عن سيارات معروف أنها قليلة الأعطال، وسيبتعد عن السيارات الألمانية لأنه يؤمن بأنها "سيارات كثيرة الأعطال، وعند حدوث الأعطال تكون تكلفتها كبيرة."