وفي تقرير نشرته محطة الـ ABC، تحدث أحد المدراء التنفيذيين لكبرى المؤسسات الخيرية عن هذا التراجع وقال إن سلوكيات العطاء والتبرع في أستراليا تغيّرت بشكل واضح في العقدين الماضيين. وأصبح المتبرّعون يطرحون تساؤلات عديدة قبل مدّ يد العون للتأكد من كيفية صرف المؤسسات لهذه الأموال، الأمر الذي يشير الى انخفاض ثقة المواطنين بها.
هذا ما أشار اليه مؤشر Edelman Trust Barometer الذي يُجري دراسات عالمية سنوية تتناول الثقة بمؤسسات الدول منذ أكثر من نصف قرن. وسنة 2017 هي الثانية على التوالي التي تتراجع فيها الثقة بالمؤسسات الأسترالية قاطبة بشكل كبير، وعلى امتداد ما يُعرف بالأعمدة الأربعة للبلاد: السياسة، الإعلام، الأعمال والجمعيات الخيرية.
وأشار المدراء التنفيذيون لمؤسسات خيرية الى ان الأشخاص كانوا يتبرعون في السابق الى الوكالات والمؤسسات الكبيرة على أن تقوم هي بتحديد الأشخاص والجهات التي تتلقى المال والاعانات. أما الآن، اختلف الأمر وأصبحوا يفضلوا التبرع لهدف أو قضية معينة دون سواها، أو حتى لشخص معيّن.
كما لاحظ المدراء اهتمام الناس المتزايد بالأعمال الخيرية والمسابقات أو التحديات التي تهدف الى جمع التبرعات ، مثل الـ Ice bucket challenge أو "تحدي الثلج ضد مرض لا يرحم" والذي شكّل ثورة كبيرة في مجال التبرعات. وبموجب هذا التحدي، يجب على المتطوع أن يقوم بسكب دلو من المياه الباردة على رأسه أو التبرع بمبلغ 100 دولار لصالح مؤسسة أبحاث طبية متخصصة في مرض التصلب الجانبي الضموري.
أما التحدي الآخر الذي تواجهه المؤسسات الكبرى هي حملات التبرع التي يقوم بها أشخاص منفردون لا يتبعون الى جمعية معينة، ويلجؤون الى مواقع التواصل الاجتماعي لجمع التبرعات. ونرى العديد منها على هذه المواقع، مثل جمع التبرعات لشخص مصاب بالسرطان، أو جمع المال لأبحاث في أمراض نادرة لا تتلقى تمويلاً كافياً، او مساعدة عائلة فقدت شخصاً عزيزاً عليها بسبب المرض.
من جهة أخرى، أظهرت التقارير انخفاضاً كبيراً في عدد المتطوعين والراغبين بالعمل لصالح المؤسسات الخيرية دون مقابل. وكان الأشخاص في السابق يقدمون بحماس على هذه الأعمال لأنها تشعرهم بأنهم يقدمون شيئاً للمجتمع ويساعدون الغير ويشعرون بان لهم هدف في المجتمع. وشعرت المؤسسات الخيرية بهذا التراجع، الأمر الذي أثر سلباً على نسبة التبرعات.
ومؤخراً، عبّر العديد من الأشخاص عن تراجع رغبتهم بالتبرع لأسباب عديدة، منها المتطوعين الذين ينتشرون في الأسواق التجارية ويقتربون منهم بطريقة تسبب لهم الاحراج. كما يعتقد البعض أن معظم التبرعات الشهرية تذهب لصالح المؤسسة والتكاليف الادارية، عوضا عن الجهات المعنية.