مع دخول فصل الشتاء في أستراليا، يشعر كثير من السكان بأن منازلهم أكثر برودة من الطقس في الخارج. هذه المفارقة اللافتة تثير تساؤلات عن سبب ذلك، خاصة أن البلاد لا تشهد درجات حرارة متدنية كالتي تعرفها دول مثل كندا أو فنلندا.
بحسب منظمة الصحة العالمية، يجب الحفاظ على درجة حرارة داخلية لا تقل عن 18 درجة مئوية للحفاظ على الصحة العامة. إلا أن دراسة نُشرت في عام 2023 في مجلة Energy Research and Social Science أظهرت أن 81 في المئة من المنازل الأسترالية التي شملها البحث كانت تحت هذا الحد، بمتوسط حرارة بلغ 16.5 درجة فقط، ما يجعلها أبرد من منازل في فنلندا وغرينلاند.
أسباب برودة المنازل الأسترالية
السبب الرئيس يعود إلى ضعف العزل الحراري في كثير من المنازل، وتسرب الهواء البارد من الشقوق والنوافذ، إلى جانب استخدام أنظمة تدفئة غير فعالة. كما أن المعايير التنظيمية للبناء في أستراليا تُعد أقل صرامة مقارنة بدول أوروبا وأمريكا الشمالية.
البروفيسور رالف هورن من جامعة RMIT أوضح أن المقارنة بين مساكن أسترالية وأخرى في مناطق مناخية مماثلة حول العالم أظهرت أن المنازل الأجنبية أكثر كفاءة بنسبة 55% في استهلاك الطاقة لأغراض التدفئة والتبريد.
ما الذي يمكن فعله لتحسين دفء المنزل؟
بالنسبة للمنازل المملوكة، يُنصح بإجراء تعديلات تشمل تحسين العزل في الجدران والأسقف والأرضيات، وسد الشقوق في الأبواب والنوافذ. يمكن أيضًا تركيب أنظمة تدفئة حديثة مثل أجهزة التكييف بنظام الانقسام أو التدفئة الأرضية.
أما المستأجرون، فبإمكانهم اتخاذ خطوات بسيطة مثل استخدام ستائر سميكة، أو إضافة سجاد لتدفئة الأرضيات، أو وضع "عوازل للأبواب" لمنع تسرب الهواء. كما يمكن استخدام أجهزة التدفئة المحمولة لتدفئة غرف محددة، مع ضرورة إغلاق الأبواب والنوافذ للحفاظ على الحرارة.
تحديات ارتفاع تكاليف الطاقة
الخبير في كفاءة الطاقة، آدم كورغان، أشار إلى أن تحسين العزل وسد التسريبات الحرارية هو الخيار الأكثر جدوى من حيث العائد على الاستثمار. وأوضح أن التوفير في فاتورة الكهرباء يبدأ أولاً بمراجعة العروض المقدمة من مزودي الطاقة، ثم تحسين فعالية استهلاك الطاقة داخل المنزل.
وفي ظل ارتفاع أسعار الطاقة وتزايد ما يُعرف بـ"فقر الطاقة"، يرى الخبراء أن هناك حاجة ملحة لتسريع تحديث معايير البناء وتحسين كفاءة الطاقة في المنازل، خاصة في ظل التغيرات المناخية الحالية.
بالرغم من اعتدال المناخ الأسترالي نسبياً، إلا أن برودة المنازل تعود في جوهرها إلى قرارات بناء تقليدية ومعايير عزل حراري متدنية، فضلاً عن ضعف الوعي المجتمعي بكفاءة استخدام الطاقة.
ومع اشتداد برودة الشتاء، يبرز تحسين عزل المنازل وتحديث أنظمة التدفئة كخطوة أساسية لحماية صحة السكان وتعزيز راحتهم، خصوصاً في ظل الضغوط الاقتصادية المتزايدة التي تواجهها العديد من الأسر.