Analysis

لماذا يبتعد الشباب الأسترالي عن الانضمام للجيش؟

يرى الخبراء أن تراجع إحساس الفخر الوطني وقضايا الصحة النفسية قد ساهمت في ارتفاع أزمة التجنيد في قوات الدفاع الأسترالية.

Young men dressed in ADF uniforms march down a street

The Australian Defence Force is facing a recruitment crisis. Source: AAP / Darren England

تواجه قوات الدفاع الأسترالية أزمة تجنيد حادة. حيث لم يتطوع سوى 80% من من إجمالي 69 ألفاً فردا يحتاجهم الجيش لمواجهة التحديات المستقبلية.

وأعلنت الحكومة مؤخرًا أنه سيتم فتح باب التوظيف أمام بعض المواطنين الأجانب لمحاولة سد هذه الفجوة.

ولم يفشل الجيش الأسترالي في تحقيق النمو المخطط له فحسب، بل إنه يتقلص في الواقع، كما صرح وزير الدفاع الأسترالي الجنرال أنجوس كامبل أمام تحقيق في مجلس الشيوخ في فبراير/شباط الماضي.
ويرى الخبراء أن هناك سببان أساسيان وراء مأزق التجنيد الحالي. الأول اقتصادي – من حيث انخفاض معدلات البطالة ووجود فرص أفضل وظروف عمل وآفاق مستقبلية في القطاع الخاص.

والسبب الآخر ثقافي: تراجع رغبة الشباب وخصوصا ما يُطلق عليه (الجيل Z) في الانخراط في الخدمة العسكرية والقتال من أجل الدفاع عن أستراليا.

وفي كلتا الحالتين، فإن المفتاح لأزمة التجنيد يكمن في فهم دوافع هذا الجيل، والذين يشكلون القوام الرئيسي من المجندين المحتملين هذه الفترة.

وأجرى الخبراء مؤخرًا مقابلات مع 19 جنديًا أستراليًا في الخدمة من مجموعة من الفئات السكانية (اثنان منهم من الجيل Z) وعبر الفروع العسكرية في دراسة مولتها قوة الدفاع الأسترالية، وجاءت الدراسة كمحاولة لمعرفة ما الذي يجعل المجندين من الجيل Z مميزين، وما الذي يمكن أن يفعله الجيش لإقناع المزيد منهم بأداء الخدمة العسكرية، وفيما يلي بعض الملامح العريضة من هذه الدراسة.
"الجيل القلق"

يدرس الباحثون كل جيل جديد كدليل للمستقبل، من جيل طفرة المواليد إلى الجيل X وجيل الألفية. لا يوجد ما هو أكثر تميزًا من الجيل Z، وهم الأشخاص الذين ولدوا تقريبًا بين عامي 1997 و2008.

إنهم الجيل الأول الذي نشأ مع الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي. في كتابه الأكثر مبيعًا، الجيل القلق، يوضح عالم النفس الاجتماعي جوناثان هايدت التأثير الكارثي: حيث يرى أن الزيادة الكبيرة في الاكتئاب والقلق لدى الشباب هي نتيجة التأثير المباشر لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي دون إشراف خلال فترة المراهقة.

وتعد قضايا الصحة النفسية لهذا الجيل عائقًا أمام أداء الخدمة العسكرية، كما يوضح الملازم في مشاة البحرية الأمريكية ماثيو فايس في كتابه عن التجنيد العسكري للجيل Z.
Army troops at Gallipoli Barracks in Brisbane.
The Australian government is expanding eligibility criteria for joining the Australian Defence Force. Source: AAP / Jono Searle
إن العمل العسكري قد يكون ضاراً بالصحة النفسية، كما أثبتت اللجنة الملكية الأسترالية المعنية بحالات انتحار المحاربين القدامى. وربما عززت معايير الصحة النفسية الصارمة التي يطبقها الجيش هذا التصور.

وذكر الجنود الذين شاركوا في الدراسة، أن الصحة النفسية هي أحد العوائق في عملية التجنيد. فمن ناحية، قالوا أن الخدمة تمثل تحديًا عقليًا، وأن الجنود الأصغر سنًا هم أكثر عرضة للخطر من الناحية النفسية.

ومن ناحية أخرى، أشاروا إلى أن دعم الصحة النفسية الذي يقدمه الجيش يتحسن وتعتبر خطوة في الاتجاه الصحيح. ربما تكون التغطية الإعلامية لقضايا الصحة العقلية للمحاربين القدامى تقلق أبناء هذا الجيل الذين يفكرون في التجنيد.
تراجع الفخر الوطني

ولكن قد يكون هناك دافع آخر: كما قال المتحدث باسم وزارة الدفاع للمعارضة، أندرو هاستي، لشبكة ABC مؤخرًا: "الأشخاص الذين ينضمون إلى قوات الدفاع لا يفعلون ذلك لأسباب اقتصادية فحسب، بل يفعلون ذلك لأنهم يحبون بلادهم".

وهذا يعني أنه إذا انخفض حب الوطن من جيل إلى جيل، فإن التجنيد العسكري ينخفض أيضًا. يقترح فايس في الولايات المتحدة أن انخفاض مستوى الوطنية يفسر جزئيًا إحجام الجيل Z عن التجنيد.

وجاءت ردود أفعال الجنود المشاركين في الدراسة لتؤكد هذه التصريحات، حيث قال المشاركين إن القومية التقليدية لعبت دورًا متواضعًا فقط في عملية التجنيد.

لقد اعتقدوا أن انخفاض الشعور بالمسؤولية هو أحد الأسباب. والسبب الآخر هو حقيقة أن الصورة النمطية التي تصور "بلادي دائما على حق" أصبحت مشوشة في أعقاب التغطية الإعلامية لجرائم الحرب الأسترالية المزعومة في أفغانستان.
وتؤكد الأدلة تراجع الفخر الوطني بين الشباب الأسترالي.

وأظهر تحليل أجراه الخبراء أنه في عام 1981، كان 70.3% من الأستراليين "فخورين جدًا" بجنسيتهم. وانخفضت هذه النسبة إلى 60.8% في عام 2018، وهو العام الأول الذي يتم فيه إدراج أعضاء الجيل Z في الاستطلاع.

وفي ذلك العام، كان هناك 41.6% فقط من الأشخاص في العشرينيات من العمر (بما في ذلك بعض جيل الألفية) يشعرون بالفخر بجنسيتهم - وهي أدنى نسبة من أي فئة عمرية أسترالية في أي عام منذ بدء الاستطلاع.

ومع أخذ كل العوامل الأخرى في الاعتبار، فإن كبار السن يميلون إلى أن يكونوا أكثر قومية، كما تظهر الدراسات الاستقصائية في فترات وبلدان مختلفة. لكن الفجوة القومية بين الكبار والصغار اتسعت بشكل أكبر مع الجيل Z.
كيف يمكن حل أزمة التجنيد؟

تشير الأبحاث والإحصائيات إلى أن الجيل Z يحفزه بقوة الأشياء التي تدعم نموه ورفاهيته، ماديًا وروحيًا، بدلاً من خدمة الآخرين.

قد يكون من الصعب تجنيد أبناء هذا الجيل، خاصة في ظل الحرب المتزايدة على استقطاب المواهب في القطاعات الأخرى، لكن لديهم الكثير ليقدموه للجيش. وقد يكونون الأكثر توجهاً نحو النجاح بين الأجيال الأخيرة، حيث لديهم قدرة غير مسبوقة على التعامل مع التقنيات الرقمية التي أصبحت ذات أهمية متزايدة في الجيش.

وقد أقرت استراتيجية الدفاع الوطني، التي تم الكشف عنها في إبريل/نيسان الماضي، "بالحاجة إلى إجراء تحول أساسي في نظام التجنيد والاحتفاظ بالموظفين".
وهنالك العديد من المقترحات لرفع التجنيد العسكري في أستراليا عامة. فقد قامت الحكومة مؤخراً برفع الأجور والمكافآت في قوات الدفاع، على سبيل المثال.

وتشمل التدابير الأخرى تسهيل عملية التجنيد، وجعل أداء الخدمة العسكرية أساسيا مع إتاحة اختيار بعدم الرغبة في التطوع، أو تقليل المتطلبات الطبية، أو زيادة الحد الأقصى لسن التجنيد وتحفيز القادة العسكريين الصغار لتغيير التقاليد التي عفا عليها الزمن والتي تضر بالتجنيد.

وتشير الدراسة إلى أن بناء جيش يخاطب القيم الاجتماعية والدوافع الجوهرية للجيل Z هو الطريق للمضي قدمًا، ويجب أن يتم تصميم استراتيجيات التوظيف بناء على ذلك.

روبرت هوفمان هو أستاذ الاقتصاد السلوكي في جامعة تسمانيا. يتلقى تمويلًا من وزارة الدفاع الأسترالية.

ماريا تيريزا بيموند هي أستاذة مساعدة في جامعة RMIT. وهي تتلقى تمويلًا من وزارة الدفاع الأسترالية ومن المجموعة غير الهادفة للربح "المرأة الأسترالية في شبكة الأمن".

أكملوا الحوار عبر حساباتنا على فيسبوك وانستغرام.

اشتركوا في قناة SBS Arabic على YouTube لتشاهدوا أحدث القصص والأخبار الأسترالية.

شارك

نشر في:

By Robert Hoffmann, Maria Teresa Beamond
المصدر: The Conversation

تحديثات بالبريد الإلكتروني من أس بي أس عربي

.سجل بريدك الإلكتروني الآن لتصلك الأخبار من أس بي أس عربي باللغة العربية

باشتراكك في هذه الخدمة، أنت توافق على شروط الخدمة وسياسة الخصوصية الخاصة بـ "SBS" بما في ذلك تلقي تحديثات عبر البريد الإلكتروني من SBS

Download our apps
SBS Audio
SBS On Demand

Listen to our podcasts
Independent news and stories connecting you to life in Australia and Arabic-speaking Australians.
Personal journeys of Arab-Australian migrants.
Get the latest with our exclusive in-language podcasts on your favourite podcast apps.

Watch on SBS
Arabic Collection

Arabic Collection

Watch SBS On Demand
لماذا يبتعد الشباب الأسترالي عن الانضمام للجيش؟ | SBS Arabic