العاصفة المرتقبة سببها استطلاع للرأي من المرجّح أن يكشف عن تراجع في شعبية رئيس الوزراء مالكوم تورنبول للمرة الثلاثين على التوالي، وهو رقم الفشل في استطلاعات الرأي والذي استخدمه تورنبول لإطاحة سلفه توني أبوت في الرابع عشر من أيلول/سبتمبر 2015.
هكذا يبدو أن قبضة تورنبول على زمام الأمور تتراخى وزعامته تترنح. يقال إن هناك من يتربص به بعد إعلان الميزانية الفدرالية في الثامن من أيار/مايو المقبل. البعض يرى أن الكمين سيكون قبل هذا التاريخ. كم يشبه الأمس اليوم! لكن ليس تماماً! فالبدائل هذه المرة ليست واضحة.
لا شك أن توني أبوت على رأس قائمة الخلفاء المحتملين، خصوصاً بعد تشكيل منتدى موناش الذي يضم حوالى 20 برلمانياً من الصفوف الخلفية للائتلاف الحاكم المكوّن من حزبيْ الأحرار والوطنيين. لكنّ أعداء أبوت كثر. البدائل الأخرى لا تبدو أوفر حظاً. من هؤلاء وزيرة الخارجية جولي بيشوب التي تفتقر إلى الصلابة، ووزير الأمن الداخلي بيتر داتون الذي يبدو أن الكاريسما في حالة فرار دائم منه، ووزير الخزانة سْكوت موريسن الذي لا يجيد اللعب خارج الأرقام. لكلٍّ علته! والبديل العودة إلى الدفاتر القديمة!
في هذه الدفاتر سياسي أعطى أستراليا الكثير فيما حُرم من حقه في قيادتها. إنه بيتر كوستيلو، أكثر وزراء الخزانة الأستراليين نجاحاً وأطولهم خدمةً. المحللون يرون أنه لو آلت القيادة إلى كوستيلو قبيل انتخابات العام 2007 كما كان رئيس الوزراء آنذاك جون هاورد قد وعده، لَمَا خسر الائتلاف الانتخابات أمام المعارضة العمالية بقيادة كيفن راد.
بعد الفوز الكاسح للائتلاف بقيادة جون هاورد على الحكومة العمالية بقيادة بول كيتنغ في العام 1996، تسلّم كوستيلو خزانة تراكم فيها العجز ليناهز 10 مليارات دولار. خلال 11 سنة، سلّم كوستيلو حزب العمال الفائز بانتخابات 2007 خزينة تنعم بفائض يناهز 20 مليار دولار. أدخل كوستيلو إصلاحات ضريبية منها ضريبة السلع والخدمات فيما خفّض ضريبة الدخل لذوي الدخل المنخفض والمتوسط. كافح كوستيلو البطالة وأمّن لأستراليا رخاءً اقتصادياً قلّما نعمت بمثيله.
كيف يمكن لكوستيلو أن يعود؟ هناك انتخابات فرعية محتملة بسبب أحكام مرتقبة في قضية ازدواجية الجنسية. قد يخوص كوستيلو الانتخابات في أحد المقاعد التي ستشغر قريباً. من السيناريوهات المحتملة أيضاً إخلاء مقعد آمن لحزب الأحرار في فكتوريا وترشيح كوستيلو له. لكن يبقى سؤال، هل يريد كوستيلو حقاً العودة؟ إذا تُرك الأمر له، فلن يفعل شيئاً، لا عن جبانة، كما يقول عارفوه، بل لدماثته ورفعة أخلاقه وشدة تواضعه.
كلام هاورد أمس بضرورة وضع حد للخلافات داخل حزب الأحرار له دلالاته. قد يكون هذا الكلام من قبيل التمهيد لعودة كوستيلو إلى السياسة. لا شك أن أستراليا بحاجة إلى بصماته ومهاراته وخبراته، وخصوصاً أخلاقه.