وكان من المفترض أن تبدأ علي نهار الخميس جولتها من بريزبن، لتتجه بعدها الى الجنوب ثم سيدني، وتختتمها في ملبورن نهار السبت.
وقد أكد منظمو الجولة،Think Inc.، والذين انتُقدوا بسبب قرارهم إستضافة علي، أنه سيتم رد جميع الأموال الى حاملي التذاكر.
وقال متحدث بإسم Think Inc. "تتأسف أيان حرسي علي، لأسباب عديدة منها بعض المخاوف الأمنية، لإضطرارها إلغاء جولتها القادمة".
وأضاف "تمّنت علي النجاح لمنظمي الحفل في مساعييهم المستقبلية وقالت أنها تأمل العودة الى أستراليا في المستقبل القريب".
وقد تم إبلاغ وسائل الإعلام التي كانت تريد إجراء مقابلات معها، ومن ضمنهم الـ أس بي أس، أنه سيتم إلغاؤها أيضا. وكان من المقرر أن تشارك علي مساء الإثنين في برنامج Q&A.
وقد وُصف النشاط الذي هو بعنوان "أيان هيرسي علي: بطلة الإلحاد"، بأنه مدخل للجدال الذي يدور حول الإسلام والمرأة ومكانة المرأة في الشريعة الإسلامية.
ونشرت مجموعة Persons of Interest فيديوعلى صفحتها على فايسبوك ظهرت فيه نساء يقلن أن أيان حرسي علي لا تمثلهم.
ووقًع حوالي 400 شخص على عريضة على الإنترنت ضد جولة علي. وجاء في العريضة التي نشرت على موقع Change.org، "نوقع العريضة على خلفية تزايد الإسلاموفوبيا عالميا، وخطاب الإنقسام الذي تنشره علي ببساطة ويؤدي الى زيادة العداء والكراهية تجاه المسلمين".
السيدة هيرسي علي انتقدت بشكل متكرر الإسلاميين المتشددين والشريعة الإسلامية، كما أنها تطلب من المسلمين المعتدلين إصلاح دينهم.
نشأت علي في عائلة مسلمة في صوماليا، لكنها تخلّت عن دينها لاحقا بعد أن طلبت اللجوء السياسي من هولوندا في بدايات ال 1990 في محاولة منها للهروب من زواج مدبر.
وإنضمت علي الى حزب خيرت فيلدرز اليميني المتطرف في هولندا لكنها انتقلت الى الولايات المتحددة بعد تهديدها بالقتل بسبب مساعدتها في إخراج فيلم قصير يظهر صورا للعنف ضد النساء مرفقا بآيات قرآنية.
وفي بحث كتبته لمعهد هوفر في جامعة ستانفورد الشهر الماضي، ناقشت علي حاجة المجتمعات لتعليم أفضل عن الأيدولوجية الإسلامية السياسية، وطرق التجنيد والتمويل التي يستخدمها بعض الجماعات الإسلامية في عملياتهم للوصول الى هدفهم النهائي المتمثل في فرض الشريعة الإسلامية.
ومع أن زيارة أيان حرسي علي للتحدث في أستراليا ليست الزيارة الأولى التي كانت تنوي القيام بها إلى البلاد، لكنها المرة الأولى التي تلقى فيها معارضة شعبية كبيرة، حيث قامت مجموعة من النساء المسلمات الأستراليات بإطلاق عريضة ضد الناشطة الهولندية- الأمريكية، أعلنّ فيها "أنها لا تنطق باسمهن."
على عكس خِيرت فيلدرز، النائب الهولندي الذي هزم في الانتخابات الوطنية الهولندية، قد لا تبدو أيان حرسي علي الصومالية الأصل مدافعة عن اليمين المتطرف الهولندي: فهي امرأة، ذات بشرة سمراء ونشأت كفتاة مسلمة. حاليا تقوم مجموعة من النساء المسلمات في أستراليا بالحشد ضد زيارتها المرتقبة إلى البلاد.
المجموعة التي تضم عددا من الكاتبات والأكاديميات والناشطات المعروفات، عبرت عن "خيبة أمل" تجاه دعوة أيان حرسي علي للقدوم للتحدث في زيارة نظمتها شركة Think Inc.
ففي عريضة على الانترنت بعنوان "أيان حرسي علي لا تنطق باسمنا"، قالت المجموعة إن "مجرد وجود حرسي علي في أستراليا يقوض الجهود الاجتماعية المبذولة لتحقيق الوئام الاجتماعي، وتوفير منابر للنساء المسلمات للدفاع عن قضاياهن الخاصة."
وعلى الرغم من هذا الموقف، تقدمت المجموعة بدعوة لحرسي علي للاجتماع معهن خلال زيارتها من أجل مناقشة آرائها فيما يتعلق بالإسلام ومنزلة النساء في الإسلام.
"أيان حرسي علي لا تنطق باسمنا"
البيان الذي وقعت عليه أكثر من أربعمئة امرأة مسلمة في أستراليا من بينهن كاتبات وناشطات معروفات، يدين خطاب حرسي علي الذي وصفنه بأنه "يرتكز على التحريض على الكراهية والتعصب." كما وعبّرن عن خوفهن من أن آراءها المناهضة للإسلام ستخدم زيادة ما أسمينه "العداء والكراهية تجاه المسلمين في عالم يزداد فيه الخوف من الإسلام".
الكاتبة أيان حرسي علي مشهورة بآرائها المُدينة للإسلام وتلاؤمه مع الغرب.
وخلال زيارتها إلى أستراليا العام الماضي، قالت في برنامج Q&A على قناة ABC "على منتقدي الإسلام ألا يخجلوا من انتقاد ممارسات تجري في دول إسلامية كالزواج القسري على سبيل المثال"
وطالما استخدمت حرسي علي تجربة حياتها الشخصية لكي تسلط الضوء على ظروف النساء في البلدان الإسلامية وفي العالم. وقصة حياتها كضحية لختان الإناث، وهروبها من الحرب الأهلية في الصومال ومن ثم زواجها رغما عنها من رجل صومالي مكتوب عنها كثيرا.

Ayaan Hirsi Ali makes an appearance on ABC's Q&A during a 2016 visit to Australia Source: ABC Australia
"خطاب حرسي علي الموصوم بالكراهية والتحريض يمكن أن يؤدي إلى أعمال عنف".
وتصر المجموعة المحتجة على أن أعضاءها لا يعارضن حق حرسي علي في التعبير عن رأيها، لكنها تسلط الضوء على أن آراءها قد تحرض على مزيد من الاعتداء على المسلمين في أستراليا وفي جميع أنحاء العالم.
الكاتبة المسرحية والمؤلفة الحائزة على جوائز سماح السبعاوي، الموقِّعة على العريضة، قالت إن "خطاب حرسي علي الموصوم بالكراهية والتحريض يمكن أن يؤدي إلى أعمال عنف".
"لقد رأينا ذلك في الولايات المتحدة، حيث أن خطاب ترامب المناهض للإسلام أدى مباشرة إلى هجمات مختلفة ضد المسلمين. والنساء المسلمات، وخاصة اللاتي يرتدين الحجاب، معرضات بشكل خاص لأنه من السهل التعرف عليهن واستهدافهن.
الشركة المنظمة لزيارة حرسي علي Think Inc لا ترى الزيارة بنفس المنظار.

A promotional banner from Think.Inc for Ayaan Hirsi Ali's upcoming speaking tour to Australia Source: Think.Inc
المتحدثة باسم الشركة سوزي جميل قالت ل SBS عربي 24 أن الشركة توفر منبرا للأفراد لمناقشة الأفكار وتشجيع النقاش في جميع أنحاء المجتمع.
وقالت "نحن لا نشعر بأنها تنشر خطاب الكراهية ولا نشعر بأنها معادية للإسلام، وإلا لما كنا لنحضرها إلى هنا".
نائب رئيس المجموعة اليمينية المتطرفة Q Society قال لـِ SBS إن جمعيته "ترحب بإيان حرسي علي." وأضاف السيد رالف شومان قائلا "إن باستطاعتها السفر حيث تشاء وتتحدث إلى من يهمه الاستماع. لا أحد مجبور على شراء تذكرة."
"باستطاعتها السفر حيث تشاء وتتحدث إلى من يهمه الاستماع. لا أحد مجبور على شراء تذكرة."
الناشطة في حقوق المرأة وصاحبة المطاعم المشهورة هناء عصافيري، التي تسلمت مؤخرا وسام شرف من حكومة فيكتوريا، والتي تقيم لقاء تحت عنوان "Speed Date a Muslim" هي المتحدثة باسم العريضة الاحتجاجية ضد حرسي علي، وتقول "إن العنف ضد النساء هو تعبير عن شعور باحتقار للمرأة تتسم به كل النظم المجتمعية."
بيان المجموعة رفض "أي أساس إسلامي للعنف الذي تعرضت له حرسي علي في حياتها، والعنف الممارس ضد النساء في كل أنحاء العالم اللواتي وقعن ضحية لاعتداءات وممارسات ثقافية قائمة على قهر المرأة."

High-profile activist and owner of Melbourne's Moroccan Soup Bar, Hana Assafiri was awarded on the Victorian Honour Roll for Women 2017 Source: Supplied
وتقول عصافيري "المجتمع يستطيع بسهولة التعرف على الأخطار التي يشكلها خِيرت فيلدرز، ويقوم باحتجاجات ضد رسالته على أساس أن خطابه يقوض مبادئ أستراليا كمجتمع متجانس ومتعدد الثقافات."
وأضافت "لكن أيان حرسي علي، التي تردد نفس الكلام، لا يتم احتضانها في بعض الدوائر فحسب، بل يُنظر إليها كصوت أنيق وعقلاني في بعض الدوائر الأكثر تقدمية فيما يتعلق بآرائها حول إصلاح الإسلام."
"المجتمع يستطيع بسهولة التعرف على الأخطار التي يشكلها خِيرت فيلدرز ... لكن أيان حرسي علي، التي تردد نفس الكلام، لا يتم احتضانها في بعض الدوائر فحسب، بل يُنظر إليها كصوت أنيق وعقلاني"
وقد أثيرت الشكوك حول عناصر مختلفة في قصة حرسي علي، مما أدى إلى طرح تساؤلات حول مصداقيتها.
سماح السبعاوي قالت لـ SBS إن حرسي علي أجبرت على ترك منصبها كنائب في البرلمان الهولندي بعدما كشف تقرير وثائقي أن "حرسي علي كذبت على السلطات الهولندية حول ماضيها"، وأضافت السبعاوي "فهي لم تهرب من الحرب الأهلية في الصومال لكنها تركت البلاد قبل اندلاع الحرب ووصلت إلى هولندا من كينيا."
"هي نشأت في بيئة آمنة، ولم تكن عائلتها متعصبة إسلاميا. أخوها درس في مدرسة مسيحية، وهناك جوانب عديدة من قصتها اتضح أنها كانت كذبة بما في ذلك ادعاؤها بالتعرض للتهديد بالقتل حماية للشرف."
الوثائقي المذكور والذي قام به فريق عمل برنامج Zembla في التلفزيون الهولندي
هناء عصافيري قالت إن افتقار حرسي علي للمصداقية يجب أن يقوض موقعها كصاحبة سلطة لدى التحدث عن الإسلام.
وزعمت عصافيري أن "معظم مسيرة أيان حرسي علي المهنية بنيت على الأكاذيب والخداع والتضليل"، وأضافت "خاصة عند طلبها اللجوء، والظروف المحيطة بزواجها وإساءة معاملتها".
"لكننا نواصل تصوير الأكاذيب الكامنة في خطابها كحقيقة للجماهير الأقل اطلاعا على ماضيها، ولا سيما أولئك الذين يريدون ببساطة أن يؤمنوا بأنها ضحية الإسلام وخبيرة فيه بنفس الوقت."
الجمعية العقلانية في أستراليا، والتي تدعو للعلمانية، أصدرت بيانا تدعم فيه حق حرسي علي بالكلام خلال زيارتها المرتقبة. رئيسة الجمعية (والمرشحة لمجلس الشيوخ في ولاية فيكتوريا عن حزب الجنس الأسترالي) الدكتورة مريديث دويغ، قالت لـ SBS عربي 24 "إنه من السخافة القول بأن حرسي علي تفتقد للمصداقية".
"هذه امرأة كتبت أربعة كتب، وأسست جمعية خيرية لمساعدة النساء المسلمات اللواتي يعانين في أمريكا، وأثبت مرارا وتكرارا عن ذكاء وشجاعة في حالات مهددة للحياة أكثر مما يمكن أن يتخيل معظمنا."
وأضافت دويغ "إنها لا تنغمس في مبارزات فارغة لا مبرر لها، لكنها تقدم تحليلا واضحا لتصريحاتها. فإذا كان المستمعون لا يتفقون مع استنتاجاتها، يجب أن يتجادلوا معها حولها. ولكن أن يحاولوا تقويضها بالقول إنها "تروي الأكاذيب" فهذه مجرد تكتيكات تضليلية غير جديرة بخطورة القضايا المعنية."
المجموعة التي رفعت العريضة تقدمت بدعوة للقاء حرسي علي عبر الشركة المنظمة لرحلتها في أستراليا، معبرة عن رغبة في إجراء ندوة نقاش من أجل تبادل الآراء مع نساء مسلمات في ملبورن وسيدني.

Ayaan Hirsi Ali at a speaking engagement in Switzerland in 2011 Source: Getty Images
شيرين حسن، إحدى عضوات المجموعة، ومديرة المتحف الإسلامي في أستراليا قالت إن الدعوة وجهت بحسن نية للمشاركة مباشرة مع حرسي علي في حوار حول آرائها وتجاربها.
"التحدث أمام الجمهور على منبر عام يجب أن ترافقه المسؤولية والمساءلة."
وقالت حسن "إذا كانت أيان حرسي علي صادقة، وترغب في تحسين محنة النساء المسلمات، إذن فلتشارك معنا في نقاش بدلا من التحدث باستمرار إلى وسائل الإعلام وتجريد العقيدة الإسلامية بأكملها من الإنسانية واستخدام لغة تحريضية."
وأضافت حسن "كل ما تفعله هو زيادة الكراهية والتعصب الموجودين في المجتمع، ونحن قلقون للغاية إزاء ذلك."
وتضيف عصافيري "نود أن نؤكد أن حرية التعبير، عندما تأتي بدون تدقيق وتشجع على الكراهية، يكون لها تأثير عميق على المرأة، خاصة على أكثر فئات المجتمع ضعفا."

A promotional banner from Think.Inc for Ayaan Hirsi Ali's upcoming speaking tour to Australia Source: Think.Inc
"التحدث أمام الجمهور على منبر عام يجب أن ترافقه المسؤولية والمساءلة."
وتضيف عصافيري كذلك بأن المجموعة التي وقعت على العريضة "تدين إدانة قاطعة إخضاع المرأة من خلال الزواج القسري، وختان الإناث، والعنف المرتكب بأي شكل من الأشكال."