ربما يكون الطبيب د. حمودي النشمي من بين الأطباء القلائل الذين فضلوا العيش في الريف على الرغم من توفر الفرصة لهم للعمل وبراحة وربما بأجر أكثر في المدينة.
يقول د. النشمي في حديث له أس بي أس عربي24 "كنت الطبيب الوحيد من بين 22 طبيباً كنا نتلقى التدريب لنصبح أطباء ريفيين في جنوب أستراليا عام 2007 الذي صمد وبقي في بلدة ريفية منذ ذلك الوقت."
بدأ النشمي تدريبه الطبي في الأرياف عام 2007 في بلدة باروسا فالي في جنوب أستراليا لكنه انتقل للعيش في بلدة منم في ذات الولاية منذ عام 2008 ومازال هناك حتى الآن.

Source: Supplied
ويوضح أن"المشكلة التي نواجهها في المناطق الريفية هي أن معظم الأطباء لا يحبون الاستقرار في الريف ويفضلون حياة الميدنة عليه."
ما جذب د. حمودي النشمي للعيش في الريف هو خلفيته إذ نشأ وعاش في قرية في ريف العراق قبل وصوله إلى أستراليا عام 2000.
"كنتً وما زالت أعشق الريف وأحب العيش بالقرب من النهر وكنت أحلم في إمتلاك مزرعة."
ما يميز بلدة منم الريفية أنها تقع على أطراف نهر ماري وهو ما يقول عنه د. حمودي النشمي إجتذبه للعيش في البلدة بالذات.
وصل د. حمودي النشمي إلى أستراليا عبر بوابة ولاية غرب أستراليا عام 2000 ولم يكن يفكر يوماً بأن ينتقل إلى جنوب أستراليا ولكن الصدفة ما حملته هناك.
"بعد أن وصلت إلى غرب أستراليا بدأت بالتقدم للامتحان لتعديل شهادتي في الطب من جامعة بغداد حيث أخذ الامر حتى نهاية عام 2001 آنذاك للحصول على التسجيل كطبيب في أستراليا."

Source: Supplied
"جائني أول عرض عمل من مستشفى كوين إليزابيث في مدينة أديلايد حيث أنتقلت إلى هناك في مطلع 2002 وبقيت أعمل لمدة خمس سنوات."
الأنتقال إلى الريف جاء برغبة د. حمودي النشمي حيث تقدم لأخذ فرصة تدريب ليصبح طبيب أرياف ضمن برنامج تدريبي عام 2007.
يقول د. النشمي إن العمل في الأرياف لم يأتي بدون ثمن لأنه "يحتاج إلى جهد كبير وهو متعب ومضني."
"لم يكن بقائي في الريف بدون ثمن فهو عمل شاق ومتعب خاصة منذ وقت جائحة كوفيد 19 لوجود النقص الشديد بالكادر الطبي في المناطق الريفية."
يبدأ الطبيب د. حمودي النشمي عمله اليومي عند الساعة الثامنة صباحاً مع تقسيم أيام عمله بين المستشفى والعيادة في منم واللتان تقعان على مقربة من منزله، ولكن حتى مع انتهاء ساعات عمله المعتادة يبقى في حالة ترقب فهو طبيب يمكن استدعائه في أي وقت بما يعرف "24 ساعة أون كول".

ورغم هذا "المعاناة" يستدرك الطبيب د. النشمي قائلاً "لكن العمل في الأرياف مجزٍ أيضاً فهو مجزٍ إجتماعياً فالناس هنا يثمنون وجودي بينهم وتقديمي المساعدة لهم."
"يصبح دورك كطبيب واضحاً جداً في المجتمع حتى أنه تحصل الاستشارات في بعض الأحيان في السوق -شوب كونسولتيشن- إذا صادفك أحد مرضاك في السوق وبدأ يسألك عن فعالية الدواء أو عن أعراض أحس بها مؤخراً."
ولكن المكافأة الأخرى التي يتحدث عنها د. النشمي فضلاً عن الشكر الاجتماعي تتمثل في أن الريف منحه الفرصة في تحقيق حلمه في إمتلاك مزرعة.

Source: Supplied
ولكن مع مرور الوقت تمكن من شراء مزرعة حقيقية تبلغ مساحتها 28 آكر تقع بالقرب من النهر وتبعد مسافة قيادة بالسيارة لحوالي 30 دقيقة عن منزله.
يملك د. النشمي الآن قطيعاً من الخراف والأبقار ومجموعة من حيوان الألبكة في مزرعته الكبيرة والعديد من الطيور والدجاج والبط في مزرعته المصغرة في فناء بيته حيث يمضي معظم المساء وأيام العطل في العناية بهم مقسماً وقته بين المزرعتين.
"بدأت مزرعتي بأربعة من الخراف وبعض الطيور والدجاج والبط وألبكا واحدة ولكنها الآن أكبر بكثير مع أضافة أبقاء وغيرها من الحيوانات."

Source: Facebook
ولا ينسى د. حمودي النشمي قضاء الوقت مع عائلته المكونة من زوجته وأطفاله الأربعة.
يقول د. النشمي إنه تعلم شيئين مهمين من الحياة في الريف هما "البساطة أولاً لأن سعادة الانسان ترتبط بالأشياء البسيطة وثانيهما العيش بسلام مع الطبيعة."
أما عن أثمن ما في تجربة د.حمودي النشمي -كما يقول- يبقى عمله طبيباً مع مرضاه في الصباح وارتدائه قبعة المزارع في المساء.
