أغلقت حدود نيو ساوث ويلز وفيكتوريا لأول مرة منذ أكثر من مائة عام في محاولة لاحتواء عودة تفشي الوباء في مدينة ملبورن. الولايتان تجمعهما حدود شاسعة وأكثر من 55 منفذا حدوديا بريا، حيث نشرت الشرطة 600 من عناصرها على الحدود مع 500 من عناصر الجيش الأسترالي للمساعدة في تنفيذ أمر الإغلاق.
هذه الإجراء غر المسبوق دخل حيز التنفيذ منتصف ليل أمس، وفاجأ الكثير من الأستراليين على جانبي الحدود، خاصة الذين يعيشون في البلدات الحدودية، حيث تحتم ضروريات الحياة اليومية عبور الخط الفاصل بين الولايتين أكثر من مرة.
وسيم صليبا، أسترالي من أصل لبناني، يعمل في فيكتوريا ويسكن في نيو ساوث ويلز، ويقطع الحدود يوميا أكثر من مرة. يعيش صليبا في منطقة أوبري-وادونغا، وهي منطقة مكونة من بلدتين لا يفصل بينها أكثر من مئات الأمتار، ففي نيو ساوث ويلز تقع بلدة أوبري الكبيرة، وفي فيكتوريا تقع وادونغا.
يتعامل سكان تلك المنطقة مع البلدتين باعتبارهما تجمعا سكنيا واحدا. مطعم صليبا يقع أمام الطريق السريع القديم، لكنه السلطات أخبرته أن الطريق السريع الحالي والطرق الفرعية الأخرى سيتم إغلاقها، وتوجيه كل حركة السير إلى الطريق السريع القديم أمام مطعمه مباشرة.
وقال صليبا لأس بي أس عربي24 "حركة السير ستكون كثيفة أمام المطعم، وستمر ألف سيارة من أمامنا في طريقها إلى العبور للناحية الأخرى."
المطعم الذي يديره صليبا كان نقطة للجمارك بين الولايتين قبل إنشاء فيدرالية الولايات الأسترالية الحالية في عام 1901، وبالتالي يقع أمام الطريق السريع مباشرة: "أتوقع خسائر مادية كبيرة، فمنذ إعلان القرار، بدلا من تلقي اتصالات من أجل الحجر، كل الاتصالات لإلغاء حجوزات كانت موجودة، وبدلا من أن تكون الحجوزات كاملة في عطلة نهاية الأسبوع، أصبح الامر لا يستحق عناء فتح المطعم."
أغلق صليبا مطعمه مع أول يوم لتطبيق إغلاق الحدود، في انتظار أن تضح الرؤية: "ما زال هناك الكثير من الأسئلة التي لم نحصل على أجوبة عليها." وأضاف "لا يوجد ثقة بعد في كيفية إدارة الأمر، والزبائن يتصلون لسؤالنا، إذا عبرت الحدود لكي أتناول شيء في المطعم، هل سيتم السماح لي بالعودة إلى نيو ساوث ويلز."
سلطات الولاية أصدرت استثناء لسكان نيو ساوث ويلز ولكل من يعيش في نطاق خمسين كيلومترا لعبور الحدود بين الولايتين. كما أعلنت عن موقعا إلكترونيا لتقديم تراخيص للعبور، سيكون أغلبها لسكان البلدات الحدودية.
لكن صليبا قال إن تلك التصاريح لم تصدر بعد: "ما زلنا لا نفهم بالضبط كيف سيتم إدارة الأمر، هناك الكثير من الأشخاص مثلي، يعملون ويعيشون على جانبي الحدود لذا فلم نفهم بعد كيف سنستأنف حياتنا في ظل هذا الوضع."
وانهار الموقع الإلكتروني في أول أيام إطلاقه بسبب الإقبال عليه، لكن حكومة نيو ساوث ويلز قالت إنه يعمل مجددا. وقال مفوض شرطة الولاية إن عشرات الآلاف تم السماح لهم بعبور الحدود خلال الساعات الماضية في حين تم توقيف وإعادة عدد من الأشخاص القادمين من بؤر تفشي الوباء في ملبورن.
وقال صليبا إنه مع توجيه كل كثافة المرور إلى طريق واحد، فإنه لا يعرف إن كانت حركة العبور لسكان المنطقة ستتأثر: "من غير المعروف إذا كانوا سيسمحون للناس بالعبور من أجل احتساء كوب من القهوة مثلا، وهي في طريق عودتهم سيتم توقيفهم وتفتيشهم قبل دخول نيو ساوث ويلز؟"
لكن صليبا عاد وأكد أن المهم في الوقت الحالي هو الحفاظ على صحة الناس: "من السيئ للغاية ما يحدث حاليا في فيكتوريا، الصحة هي أهم شيء، وإن كان يجب علينا تحمل بعض التكلفة من أجل احتواء المرض لأغلب الناس، فلا مانع."
وألمحت حكومة ولاية نيو ساوث ويلز إنها تدرس فرض المزيد من القيود على البلدات التي تقع على الحدود مباشرة، كما ناشدت سكانها بعدم مغادرتها أو الذهاب إلى باقي أماكن الولاية. ونصحت رئيسة الحكومة باقي سكان نيو ساوث ويلز بعدم زيارة البلدات الحدودية تلك.
وقالت رئيسة الحكومة إن احتمالية انتقال الوباء وتفشيه في نيو ساوث ويلز عالية جدا، بالنظر إلى ما يحدث في فيكتوريا.