قرر العودة الى مقاعد الدراسة وهو في منتصف السبعينات من العمر بعد أن اكتسب خبرة كبيرة في في مجال الأعمال التجارية وتخرج هذا الأسبوع حاملا شهادة الماجستير في القانون التجاري ويطمح الآن بمتابعة الدراسة للحصول على شهادة الدكتوراه.
إنه السيد بطرس جبور، المولود عام 1945 في القدس، والذي هاجر من لبنان إلى أستراليا منذ حوالي نصف قرن.
هو الفلسطيني الأصل الذي كان يحلم بأن يصبح طيارا في عمر الشباب، وفي الستينات من القرن الماضي تقدم إلى جامعة أوكسفورد وقُبل طلبه للدراسة فيها لكن الظروف لم تشأ أن يلتحق بالجامعة حينذاك، بل شاءت أن يحمل أغراضه وطموحه وحلمه ويهاجر إلى استراليا.
وبعد مسيرة طويلة في العمل التجاري وتحقيق نجاحات مادية واجتماعية، قرر العودة إلى الدراسة، وتخرج من جامعة Southern Cross في كوينزلاند مؤخرا.
ما الذي أعاد بطرس جبور إلى مقاعد الدراسة بعد سنوات من العمل والجهد، وبعد تجاوزه السبعين من العمر؟
ويستعيد السيد جبور ذكرياته عن بداية استقراره في أستراليا، ويقول إن أول ما يحلم به الإنسان عند القدوم إلى بلد جديد هو أن يؤمن مسكنا ويجد عملا. فعمل في المصانع وفتح مدرسة لتعليم قيادة السيارات في البداية.
ويقول السيد جبور إنه كان يطمح دائما نحو الأفضل وكثيرا ما كان يقرأ سيرة حياة الأشخاص الناجحين.
واستفاد السيد جبور من خبرته في مجال المبيعات التي حصل عليها عندما كان يعمل في شركة كبرى في بيروت في الستينات، وقرر أن يخوض غمار الأعمال فأسس شركة صغيرة لبيع الأجهزة المنزلية وماكينات الرياضة واللياقة البدنية. وتوسعت الشركة ليصبح لها فروع في كل أنحاء أستراليا ومكتب دائم في سنغافورة. كما وأسس شركة للاستثمار في قطاع البناء.
ويقول السيد جبور إن إدارة شركة كبرى تطلب الكثير من العناء والعمل الجاد، ولم يكن ذلك سهلا، لكنه أكسبه خبرات جديدة في المعاملات القانونية والتعامل مع شركات أخرى مثل شركات التأمين والمدينين والمختصين في كافة القطاعات.
هذه المعرفة حفزت لدى السيد بطرس جبور رغبة التحصيل العلمي في مجال قانون الشركات والأعمال، فقرر خوض هذه التجربة الجديدة متخطيا كل العقبات والصعاب التي تبرزها الدراسة لشخص في السبعينات من عمره.
السيد بطرس جبور ينال شهادة الماجستير Source: Peter Jabour
كيف تغلب على الصعوبات؟
يقول السيد بطرس جبور إن الدراسة لم تكن سهلة لكنه تغلب على التحديات والصعوبات بإيجاد حلول عملية. وكان يقوم بترجمة كل المعلومات والمقالات المكتوبة باللغة الانجليزية إلى اللغة العربية، ليفهمها جيدا، ثم يقوم بترجمتها إلى الانجليزية مرة ثانية ويقدمها كبحوث وواجبات أكاديمية. ثم استنبط طريقة أخرى للاستفادة من الوقت عندما يكون متعبا ولا يستطيع القراءة.
بدأت أسجل المعلومات تسجيلا صوتيا وأستمع إليها مرارا حتى أستوعبها تمام الاستيعاب
ويقول السيد جبور إن زوجته آمال كانت تقلق أحيانا عليه لأنه يسهر لبعد منتصف الليل غارقا في القراءة، خاصة وأنه يعاني من مشكلة في أحدى عينيه. لكنه كان يقول لها:
حتى لو خسرت عيني سأكمل الدراسة
وكان السيد جبور قد حصل على شهادة دبلوم في القانون التجاري قبل ثلاث سنوات، ويقول إنه وحفل التخرج الخاص بهذه الشهادة شعر بالحرج من الصعود إلى المنصة وكان يقول لأبنائه "ماذا أفعل هنا مع هؤلاء الطلاب الشباب؟"
لكنه هذه المرة وفي حفل التخرج الخاص بشهادة الماجستير والذي أقيم في مدينة الغولد كوست في ولاية كوينزلاند الأسترالية فكان الشعور مختلفا.
كانوا مهتمين بي كثيرا حتى أن البروفسور الذي منحني الشهادة قال لي ننتظرك في شهادة الدكتوراه
ولا ينسى السيد بطرس جبور أن يعبر عن امتنانه وتقديره لدعم زوجته وأولاده والأساتذة والمسؤولين في جامعة Southern Cross الذين لم يبخلوا عليه بالدعم والتشجيع في لحظات لم تخلُ من تحديات.
استمعوا إلى قصة السيد بطرس جبور كاملة في التسجيل الصوتي في أعلى الصفحة.
