ضمن سلسلة "قصة هجرتي" نضيء اليوم مسيرة رجل الأعمال اللبناني الأصل طوني خطار الذي وصل أستراليا في الثامنة عشرة من عمره ليؤسس أول صالة احتفالات للجالية اللبنانية والعربية في استراليا وليصبح لاحقا مالك سلسلة صالات ناجحة.
حمل عند وصوله آلة الجيتار على يمينه وشنطة سفر على شماله، وبدأ رحلة الهجرة منذ سبعة وأربعين عاما. وقال في حديثه إلى إس بي إس عربي 24: "وصلت الى استراليا في شهر فبراير 1972 وكنت وقتها في الثامنة عشرة من عمري أتيت من لبنان التي كانت في ذلك الوقت بلاد الموضة والأزياء والتطور."
"لكن اصابتني الصدمة للوهلة الأولى عند وصولي إلى مطار سيدني برؤية الناس في المطار يرتدون ملابس عادية جدا في شهر فبراير الذي كان حارا جدا فقلت في نفسي، مالذي أتى بي إلى هنا."
لكن طموح الشباب والأوضاع السياسية المتردية في لبنان - في ذلك الحين- جعلته يستمر في أستراليا و يشق طريق المستقبل.
وحول كيف بدأ حياته في استراليا قال خطار: " الحياة في البداية صعبة جدا على أي مهاجر ، فالبلد هنا صناعية ، وبعد الساعة السادسة مساء تتحول إلى مدينة أشباح، ولاتوجد أي مظاهر فرح وسهر ليلي، عندها قررت أن أبقى سنة واحدة و أعود."

قاعة Westella للإحتفالات Source: Jo Khatar
مع الوقت، استغل طوني خطار هواية عزف الجيتار للعزف في بعض الحفلات والعمل في بعض المصانع التي فتحت له آفاقا كثيرة.
الصدفة البحتة قادته ليشتري أقدم صالة موجودة في سيدني "ويستلا" التي أصبحت أيضا لاحقا أقدم قاعة احتفالات للجالية اللبنانية والعربية في سيدني.
ويقول: "كنت في يوم من الأيام أعمل عازفا في إحدى الحفلات في صالة "ويستلا" وعندما دخلتها تمنيت – في داخلي - أن أشتريها لما تحمله من عراقة في الديكور والتاريخ."
ويضيف: "كان متعهد تنظيم الحفلة تلك الليلة يوناني، وبعد انتهائها أعطاني المتعهد أجرة حسابي وهي عشرة دولارات في تلك الليلة، بينما رأيت الخوري يدفع لمنظم الحفلة اليوناني 3000 دولار، أصبت بالدهشة عند رؤيتي للمبلغ وتقييم الأعمال وتوزيعها، فقررت أن أمتهن هذه المهنة وأصبح متعهدا لإقامة الاحتفالات، فدرست لمدة سنة إدارة المناسبات.
وبقي حلم شراء صالة الاحتفالات "ويستلا" ذات التاريخ العريق من ناحية البناء وتاريخ الأحداث ماثلا في عقل طوني خطار.

السيد طوني خطار Source: Jo Khatar
"تأسست "ويستلا" عام 1948، وفيها تم أول بث تلفزيوني مباشر خارج الاستوديوهات للقناة التلفزيونية الأسترالية السابعة، و كذلك يقال إن هذه القاعة كانت المكان الذي تم إقامة إحتفالات استقبال الأمير تشارلز في أول زيارة له إلى استراليا."
ويضيف: "بقيت مستمرا في عملي لتجميع المبلغ المناسب إلى أن جاءت اللحظة المناسبة وقررت شراء "ويستلا"."
وأصبحت فاتحة الخير له في هذا المجال، وتوسع ليصبح لديه سلسلة من قاعات المناسبات، وليصبح من أكبر مالكي صالات الأفراح في سيدني من فئة الأفراد. ويساعده في إدارة عمله بناته و إخوته.
وعن أستراليا قديما والجالية العربية فيها يقول: "في فترة السبعينيات كانت الجالية العربية قريبة جدا من بعضها لدرجة أنك إذا رأيت شخصا عربيا في أي منطقة تسأله إن كان بحاجة أي مساعدة دون معرفة مسبقة. للأسف الحال تغير الآن، والبشر أصبحوا ماديين والأحداث السياسية في الوطن العربي أحدثت شرخا كبيرا نتمنى أن يلتئم."
وفي عودة للجذور التي ينتمي إليها، يتذكر رجل الأعمال اللبناني طوني خطار بلدة "حدشيت" التي ولد بها قائلا: "هي قريتي الصغيرة الوادعة القابعة شمال لبنان، التي يتميز رجالها بمهنة البناء لأنهم من ذوي البنية الجسدية القوية. فمعظم مباني طرابلس في ذلك الوقت بُنيت على أيدي أبناء "حدشيت"،وذات الأمر حصل عند وصولهم إلى استراليا."
"لقد ساهموا كثيرا في هذه الميدان وأصبحوا من المعروفين فيه".
وحول الهجرة إلى أستراليا وكيف يراها بعد هذا العمر من الجهد قال: "من يريد أن ينجح في استراليا يجب أن يكون "شغيلا". مؤكدا أن سر النجاح هو في مساعدة البشر والعدل والحق.

Source: Jo Khatar
وكما لرجل الأعمال طوني خطار دور في الأعمال كذلك له دور في الجالية المارونية في أستراليا، حيث ترأس الرابطة المارونية في سيدني التي قال إنها تأسست عام 1975 من قبل المطران عبده خليفة وترأسها طوني خطار قبل عشرين عاما ومرة أخرى لاحقا في عهد المطران أنطوان شربل طربيه.
وأوضح أن هذه الرابطة موجودة لمساعدة المطران في أشغاله ومشاريعه ولإبداء الرأي والمشورة للمطران عند طلبها من قبله.
وفي عالم السياسة، انتسب لحزب الأحرار الأسترالي؛ لأنه يعشق الحرية ويطالب بها، محفزا الجالية بضرورة الانخراط في العمل السياسي الأسترالي، ومشيدا بدور استراليا وتميزها بأن "الجميع يعملون هنا تحت مظلة القانون بالتساوي" لذلك يجب على الجالية أن تنخرط لتتفاعل مع المجتمع و إنجازاته السياسية.
ويتمنى احترام وتقدير الإنسان في لبنان كما في استراليا، مؤكدا حبه و حب عائلته للبنان الذي لم ينسه، فلبنان ماثل في ذهنهم وقلبهم لدرجة أن إحدى بناته أصرت على أن تقيم حفل زواجها في لبنان.

السيد طوني خطار مع وزير الهجرة السابق بيتر داتون Source: Jo Khatar
وعن الطموح قال: "بعد هذا العمر آن الآوان أن نسلم الراية للأبناء." وهو سعيد بأحفاده الستة، حيث استقبل حفيده السادس قبل إجراء المقابلة بساعة فقط.
وعن الجيتار الذي عشقه منذ صغره وعزفه كثيرا في الحفلات قال: "هذه هوايتي وعشقي التي أبعدني عنها العمل ومشاغل الحياة لكن لابد من عودة له."
للاستماع لقصة هجرة رجل الأعمال اللبناني الأصل طوني خطار، يرجى الضغط على التدوين الصوتي أعلاه.