ولد محمد حسكلي في إيران لأسرة عراقية عام 1985 ولكن ذكرياته كطفل تبدأ داخل سجن في باكستان.
يقول محمد: "اضطرت أسرتي لترك العراق أثناء حربها مع إيران بسبب خلافات سياسية مع النظام."
"انتقلنا إلي إيران وبعد ذلك إلى باكستان التي دخلناها بشكل غير شرعي ولذلك انتهى بنا الحال في السجن."
رغم قسوة السنوات الأولى في حياة محمد إلا أنه ظل هو وأسرته يحلمون بالهجرة وظل ذلك الحلم هو المحفز الذي مكنهم من تجاوز الظروف الصعبة.
"كنا دائما نحلم بالهجرة إلى بلد غربي. مر الوقت عاما بعد عام وكنا دائما نقول هذا هو العام الذي سنهاجر فيه."
"الحياة لديها طريقتها الخاصة في منحنا كل شيء بالتقسيط."
وحتى بعد الخروج من السجن، ظلت ظروف الحياة في باكستان صعبة بالنسبة لأسرة حسكلي.
يقول محمد: "لم يكن هناك نظام في باكستان يسمح بتوطين اللاجئين لذلك لم تكن حياتنا سهلة."
"ظللنا نحاول الهجرة إلى أحد دول أوروبا ولكن لم نفلح في ذلك. ولكني لم أفقد قدرتي على الحلم والتخيل. كنت أعيش في الخيال كثيرا وكنت دائما أتخيل نفسي عالما أو رجل دين."
"كنا نظن أستراليا عبارة عن مزارع فقط"
لم تكن فكرة الهجرة إلى أستراليا تراود أسرة حسكلي على الإطلاق.
يقول حسكلي ضاحكا: "لم نكن نعرف الكثير عن أستراليا. كنا نظنها مزارع فقط."
لكن الهجرة إلى أستراليا والتي جاءت على سبيل المصادفة شكلت نقلة نوعية في حياة الأسرة وفي حياة محمد على وجه التحديد.
وصلت الأسرة إلى أستراليا عندما كان محمد في الرابعة عشرة من عمره والتحق بالمدارس الأسترالية.
يشرح محمد أنه كطفل تمكن بشكل جيد من التأقلم مع التغييرات الجديدة ولكنه شعر بالصدمة بسبب شيء واحد.
يقول محمد: "وجدت الاختلاط بين الجنسين في المدرسة وخارجها أمرا غريبا فقد كان هناك فصل بين النساء والرجال في باكستان في كل شيء."
"شكل ذلك الاختلاف صدمة بالنسبة لي ولا زالت حتى الآن أشعر أني لا يمكنني التعامل مع الجنس الآخر بلا تحرج."
تفوق محمد أكاديميا وتخصص في دراسة العلوم في الجامعة وحصل على درجة الدكتوراه في علوم الصيدلة الإشعاعية من جامعة ملبورن عام 2013.
يقول محمد: "يركز عملي على البحث في وإنتاج مواد إشعاعية لتشخيص وعلاج الأمراض العضوية مثل السرطان والأمراض العقلية أيضا مثل الزهايمر."
"يمكن اكتشاف احتمالية الإصابة بالزهايمر قبلها بعشر سنوات من خلال حقن مواد إشعاعية في جدار المخ."
تفوق مهني
يرى محمد أنه حصل على العديد من الفرص الجيدة في حياته ولكن العمل في الولايات المتحدة كان من أفضلها.
يقول محمد: "عملت في أحد أكبر المختبرات في العالم لمدة عامين ونشرت أبحاثا في أفضل الدوريات العلمية."
"فتح لي ذلك العديد من الأبواب عند عودتي هنا إلى أستراليا."
محمد حسكلي مع زوجته وأطفاله
زار محمد العراق مرة واحدة عام 2014 ولديه مشاعر متضاربة حول الزيارة التي استغرقت عشرة أيام فقط.
"الأجواء مشابهة لأجواء الجالية العراقية هنا ولكن بشكل موسع."
"الميزة هنا في أستراليا أن الفرص متاحة لممارسة الحرية الشخصية بمجرد أن يتخطى الشخص حدود الجالية ولكن هذا غير متوفر في العراق. جميع الناس تعيش في نفس القالب ومن الصعب على الإنسان التفكير بحرية في تلك الأجواء."
مشاعر متضاربة حول زيارة العراق
يصف محمد الزيارة بأنها كانت "تجربة جميلة" ولكنها جعلته يدرك أنه "من الصعب الحياة في مثل ذلك المجتمع."
يتردد محمد كثيرا في الحديث عن هويته أو هوية أولاده بشكل قاطع لأنه يدرك صعوبة الأمر.
يقول محمد: "بعض الناس يحاولون تقديم تعريف واضح للهوية وهذا في رأيي غير عملي. في الواقع الإنسان يتفاعل مع المجتمع الذي يعيش فيه."
"جزء مني أسترالي وجزء مني عراقي وجزء مني يرفض الأسلوب العراقي وجزء مني يرفض الأسلوب الأسترالي."
"لا أستطيع تعريف نفسي أو أولادي بشكل واضح وأفضل ترك هذه المسألة للحياة والوقت."