قال مراسل SBS في نيويورك محمد السطوحي إن التصعيد الإسرائيلي غير المسبوق داخل العاصمة القطرية الدوحة، والذي استهدف ما وُصف بأنه مقر لقيادات من حركة حماس، فتح الباب واسعًا أمام تساؤلات كبرى حول دور الولايات المتحدة، وموقفها الحقيقي من هذه العملية التي أثارت صدمة على مستويات متعددة.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أبدى تحفظه على الهجوم، وقال إنه "غير سعيد" بهذه الغارة داخل الدوحة، لكنه في الوقت ذاته برّر العملية بالقول إن "القضاء على حماس، التي استفادت من معاناة سكان غزة، هدف نبيل". هذه الازدواجية في الموقف الأمريكي دفعت كثيرين للتساؤل حول ما إذا كانت واشنطن على علم مسبق بالعملية، أو إن كانت قد منحت ضوءًا أخضر ضمنيًا لتنفيذها.
السطوحي أشار إلى أن التسريبات الأولية القادمة من واشنطن كانت تؤكد أن الولايات المتحدة لم تكن فقط على علم، بل دعمت العملية، وهو ما كشفه مسؤول إسرائيلي وصف الغارة بأنها تمت "ضمن تفاهمات مع إدارة ترامب". إلا أنه، وبعد ساعات قليلة، بدأت تصدر إشارات من البيت الأبيض تنأى بنفسها عن الحدث، خاصة بعد أن أثارت العملية انتقادات واسعة في الخليج والمنطقة، خصوصًا أن قطر تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة، وهي قاعدة العديد.
اللافت، بحسب السطوحي، أن هذه القاعدة لم تصدر عنها أي ردة فعل أثناء تنفيذ العملية، وهو ما طرح تساؤلات حول مدى فاعلية وهدف هذا الوجود العسكري الأمريكي، ومدى التنسيق المسبق بشأن هذه الغارة. كما بدأت بعض الأصوات داخل واشنطن تتحدث بلغة مختلفة، حيث أصدر ترامب بيانًا أعرب فيه عن تقديره لدور قطر وشجاعتها في الوساطة، وطلب من وزير الخارجية ماركو روبيو التحدث مع القطريين حول اتفاقية دفاعية جديدة. هذه الخطوة قرأها البعض كمحاولة لاحتواء الغضب الإقليمي، وإعادة التوازن إلى موقف واشنطن.
كما نقل السطوحي عن تقارير أمريكية، منها ما ورد في صحيفة "واشنطن بوست"، أن قطر كانت قد تلقت تطمينات من كل من إسرائيل والولايات المتحدة بأن قيادات حماس على أراضيها لن تكون أهدافًا مباشرة، وذلك ضمن تفاهمات سابقة، خصوصًا أن استضافة حماس في قطر جاءت بطلب أمريكي من أجل تسهيل قنوات الحوار والمفاوضات. ولهذا، فإن الغارة على الدوحة مثلت خرقًا لهذه التطمينات، ما زاد من حدة الغضب القطري، وفتح باب الشكوك حول مصداقية واشنطن في التزاماتها الأمنية تجاه حلفائها.
بخصوص مجلس الأمن، أوضح السطوحي أن الجلسة التي كانت مقررة اليوم تم تأجيلها إلى الغد بطلب قطري، حتى يتمكن رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري من الحضور شخصيًا، وإيصال موقف بلاده من هذه الغارة أمام المجتمع الدولي. وأضاف أن الموقف الأمريكي في مجلس الأمن سيكون محل اختبار حقيقي، حيث لا توجد مؤشرات حتى الآن على نية واشنطن إدانة العملية بشكل صريح، بل إن جميع بياناتها تتحدث بلغة محايدة تبتعد عن توجيه المسؤولية المباشرة.
ووفقًا للسطوحي، فإن هناك شكوكًا قوية في أن تستخدم الولايات المتحدة حق الفيتو لمنع أي مشروع قرار يُدين العملية الإسرائيلية، وإن تم تقديم مشروع كهذا، فمن المرجح أن تطالب واشنطن بتعديلات معقدة مثل نزع سلاح حماس أو شروط إضافية، تجعل تمريره شبه مستحيل.
في الساعات الأخيرة، حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تبرير الهجوم بمقارنته بالعملية الأمريكية التي استهدفت أسامة بن لادن بعد هجمات 11 سبتمبر، مدعيًا أن من حق إسرائيل ملاحقة "الإرهابيين" في أي مكان. هذه المقارنة، حسب السطوحي، تعكس رواية تسعى إسرائيل لتسويقها في الغرب، لكنها تتجاهل السياق المختلف تمامًا، وتتناسى أن وجود حماس في قطر تم بناء على تفاهمات مع واشنطن، وليست مبادرة قطرية منفردة.
وفي ختام مداخلته، أشار السطوحي إلى أن الأيام المقبلة قد تكشف عن مزيد من التفاصيل، ليس فقط بشأن التنسيق المسبق للغارة، بل حول مستقبل العلاقة الأمريكية-القطرية، ومصير الدور القطري كوسيط أساسي في قضايا المنطقة، خصوصًا في ظل ما اعتبرته الدوحة "طعنة في الظهر" من شركاء مفترضين.
هل أعجبكم المقال؟ استمعوا لبرنامج "Good Morning Australia" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحا بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق SBS Audio المتاح مجاناً على أبل و أندرويد وعلى SBS On Demand.