من مراسلينا: زيارة البابا واستقبال دافئ من كل الطوائف.. الحبر الأعظم يلتقي شبيبة لبنان والمزيد من أخبار بيروت

حط البابا لاوون الرابع عشر رحاله في لبنان في زيارة تاريخية لثلاثة أيام، حملت في طيّاتها رسائل سلام وخير وسط أجواء مليئة بالأمل. بدأت الجولة من القصر الجمهوري في بعبدا واستهلها بلقاءات رسمية بارزة، ثم انطلقت محطات روحية وإنسانية مميزة. خلال زياراته إلى دير مار مارون – عنايا وضريح القديس شربل، ثم إلى مزار سيدة لبنان في حريصا، لمس الحضور تنوع اللبنانيين وتلاقيهم على المحبة. في ساحة الشهداء – بيروت، جمع البابا شباباً من مختلف الطوائف في لحظة وطنية تجاوزت الانتماءات الطائفية، ليجدد دعوته إلى الحوار والوحدة. التجمعات الكبيرة، ودفء الاستقبال، وعباراته الفنية والتاكيد على قيمة التلاقي، صوّرت لبنان بأبهى حلّة كبلد يبحث عن السلام والوحدة. التفاصيل مع مراسل أس بي أس عربي في بيروت أنطوان سلامة.
spk_0
من
spk_1
مراسلينا.
spk_1
أهلا بكم في رحلتنا الأسبوعية إلى العاصمة بيروت. أنا بترا طوق الهندي.
spk_2
وأنا فارس حسن، ويسعدنا أن ينضم إلينا الآن من هناك وعلى الهواء مباشرة مراسل اس بي اس عربي أنطوان سلامة. أهلا بك أنطوان وصباح الخير من أستراليا.
spk_1
يا هلا أنطوان. بيروت الرجاء اليوم.
spk_2
استقبال تاريخي وحفاوة كبيرة باستقبال البابا لوَن الرابع عشر.
spk_2
محطات عدة ورسائل إنسانية متعددة على جبهات مختلفة ولقاء مع الشبيبة. انطباعاتك الأولية أنطوان عن استقبال بيروت لقداسة البابا؟
spk_3
يمكن توصيف زيارة البابا إلى لبنان بأنها زيارة تاريخية عنوانها الأساسي في بلد يعيش الحرب والاضطراب منذ سنوات، وتضمنت هذه الزيارة البابوية عدة قمم.
spk_3
تخطت المحطات في برنامج زيارته، ويتوج البابا جولته التي دامت ثلاثة أيام بقمة لقائه مع أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، حيث يصلي معهم ومع حشد من المؤمنين من أجل الرجاء وتخطي الجراح. وكان البابا قد عقد قمة مع شباب وشابات لبنان في ساحة الصرح البطريركي في بكركي، حيث أعطى أهمية قصوى لهذه القمة الشبابية، مدركا تأثير هجرة الشباب على مستقبل لبنان ومستقبل المسيحيين فيه.
spk_3
يمكن القول إن لقاء البابا مع الشبيبة شكّل قمة القمم من حيث الحشود التي بلغت عشرات الآلاف، إضافة إلى الحماسة التي استقبلت الشبيبة فيها البابا أثناء دخوله إلى ساحة بكركي برفقة البطريرك الراعي، حيث الأصوات مرحِّبة، ولوحظ أن البابا تجوّل بين الشبيبة في سيارة من دون زجاج، في إشارة إلى أنه في أمان وأن لا فواصل بينه وبين الشبيبة.
spk_3
قدّم الشبيبة عروضًا تجسيدية اختصرت مشهديًا معاناة الشباب في لبنان منذ انفجار مرفأ بيروت، الذي كان بارزًا في الأرض إلى جانب شهادات شبابية تميّزت بالواقعية. فتحدث بعضهم عن الواقع اللبناني المضطرب وغير المستقر وانتظار المجهول، إضافة إلى توالي الحروب غير المنتظرة والأزمة المالية التي تدفع الشباب للهجرة.
spk_3
البطريرك الراعي رحّب بالبابا بجملة لافتة: "يستقبلكم لبنان لا بمهاجِرِ القصور، بل برهافة جراحه". البابا بدا سعيدًا جدًا وحوله آلاف من شباب وشابات لبنان. قُدِّر العدد بعشرة آلاف شخص، وهو ألقى فيهم كلمة فرحّب بالشباب المسيحيين الآتين للقائه من سوريا والعراق، ثم قال للشباب في لبنان: "أنتم تبنون المستقبل".
spk_3
وأكد أن لبنان سيزدهر من جديد ويعيد شبابه كالأرز. وقال: "تاريخ لبنان مليء بالإنجازات والتميز، لكن فيه أيضًا جروحًا عميقة يصعب معالجتها". وخلاصة كلمة البابا للشبيبة أنه حثّهم على الأمل ودعاهم إلى تعلّم السلام، وقال لهم: "يا شباب لبنان، انموا بقوة مثل الأرز واجعلوا العالم يزدهر بالرجاء. لديكم فرصة تاريخية لتغيير المستقبل".
spk_3
كان لقاء البابا مع الشبيبة مليئًا بالحماسة والفرح والأمل والرجاء والإشارات، وكان البابا متفاعلًا جدًا مع هتافات الشباب والشابات، وقد توجه إليهم بالقول باللغة العربية: "السلام عليكم"، وكررها مرتين.
spk_3
أنطوان… لحظات تاريخية مفصلية شهد العالم عليها، ومن هذه اللحظات ركوع قداسة البابا أمام القديس رأس الكنيسة وسجوده أمام القلب، أمام ذاك الناسك الذي لم يكن العالم يعرف اسمه. كيف رافقت الكنيسة البشر تحت المطر هذه اللحظة النبوية؟ وكيف شهد العالم ولبنان على التعددية التي تنبض في لبنان في قلب ساحة الشهداء باللقاء المسكوني الذي جمع أكثر من ثلاثة آلاف شخص فاعل في الحركة المسكونية والتعددية في لبنان؟
spk_3
الرسالة كما ذكرت تضمنت زيارة البابا قممًا من اللقاءات أكثر من محطات عادية.
spk_3
في اليوم الثاني لزيارته عقد قمتين مميزتين: الأولى في دير عنايا، حيث زار دير مار مارون وضريح مار شربل، فصلى وسجد أمامه لدقائق قبل أن يوجه كلمة عرض فيها أهمية هذا المحج المسيحي وقدرة القديس الصامت والزاهد على جذب المؤمنين من كل الطوائف والدول لالتماس شفاعته.
spk_3
وقال البابا: "أحمد الله الذي مكنني من القدوم حاجًا إلى قبر القديس شربل في هذا الحج البابوي إلى الدير الذي عاش فيه وفي منسكه". بدا على البابا الإصرار في وصوله ومغادرته على مصافحة من استطاع من المؤمنين الكثر الذين تحدّوا المطر والصقيع للصعود إلى عنايا.
spk_3
ومن قمة عنايا إلى قمة حريصا، حيث زار البابا لوَن الرابع عشر بازيليك سيدة لبنان للقاء الأساقفة والكهنة والراهبات والمكرسين والعلمانيين العاملين في الحقل الرعوي، حيث استمع إلى شهادات مسيحيين يخدمون المحتاجين في مناطق متعددة الطوائف، فباركهم وقال لهم: "كونوا مبدعين كي تنتصر قوة المغفرة والرحمة التي تجدد الإنسان".
spk_3
هذا القول أشار إليه أيضًا بعدما ركع وصلّى أمام قبر مار شربل في عنايا، ثم انتقل إلى قمة معبّرة، حيث انتظره في ساحة الشهداء خلف جامع الأمين، الذي يجاور كنائس عدة في وسط بيروت، رؤساء جميع الطوائف اللبنانية الإسلامية والمسيحية والدرزية. فاستمع إلى كلماتهم التي شددت جميعها على ضرورة التعايش والحوار للعبور إلى السلام.
spk_3
وجرت في هذه القمة الروحية تلاوة الإنجيل مُرنَّمًا بحسب الطقس البيزنطي، وتليت آيات من القرآن الكريم، وكانت للبابا كلمة شدد فيها على الحوار المسكوني والإسلامي–المسيحي في الشرق الأوسط، واعتبر أن المصالحة والسلام أمران ممكنان، وأن الحقيقة الدائمة في لبنان أن المسيحيين والمسلمين والدروز وسواهم قادرون على العيش معًا في بلد يتحلى بالحوار.
spk_3
زرع البابا، يعاونه شيخ عقل الدروز الشيخ سامي أبي المنى والبطريرك الأرثوذكسي يوحنا العاشر اليازجي، شجرة زيتون في مكان اللقاء. وكان البابا قد افتتح جولته في اليوم الأول لزيارته بعقد قمة في قصر بعبدا، وتميز استقباله من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وعقيلته السيدة ناديا نعمة بالحفاوة البالغة.
spk_3
التقى البابا رئيس الجمهورية على انفراد قبل أن يجتمع بالرئيسين نبيه بري ونواف سلام كلٌّ على حدة. وأبرز ما دعا إليه البابا اللبنانيين أمام الحشد السياسي والدبلوماسي هو توحيد اللغة، وعبر عن إعجابه بالشعب اللبناني الذي وصفه بأنه شعب لا يستسلم. أما رئيس الجمهورية فقال له: "لن نموت، لن نرحل، لن نيأس ولن نستسلم".
spk_3
أنطوان، دعنا نسترسل في هذه الجزئية الأخيرة. تحدثت عن إشارات تخطت الطائفية إلى ما هو أبعد وطنياً. ماذا تقصد بهذا البعد الوطني الذي اكتسبته هذه الزيارة التاريخية؟
spk_3
من مطار بيروت إلى قصر بعبدا تراكمت التعابير الوطنية: اصطفت كشافة المهدي التابعة لحزب الله على طول الطريق فرحبت به، وبرغم المطر اصطف الناس من الحازمية إلى مدخل قصر بعبدا حاملين الشماسي البيضاء لتحية البابا الذي دُبكت له في ساحة القصر الجمهوري الرقصة البعلبكية تحت المطر الشديد.
spk_3
وفي داخل القصر كانت بانتظاره مجموعة من المدرسة اللبنانية للمكفوفين والصم المسلمين والمسيحيين الذين أنشدوا له أغانٍ وطنية. وقد ظهرت الحمامة، رمز السلام، في العرض البصري الذي قدم عند وصول البابا إلى باحة القصر الجمهوري. وهذا الرمز كان عنصرًا أساسيًا في استعراض الشبيبة في ساحة بكركي.
spk_3
وقدّم له الشباب والشابات علامات ترمز إلى انفجار مرفأ بيروت: منها مجسّم ليدين، وثياب ممرضة ترمز للممرضة التي أنقذت الطفلة في الانفجار، إضافة إلى بذور وسنابل قمح، وحجر من كنيسة القديس جاورجيوس عمره مئة سنة هدم بفعل الحرب الأخيرة، وإلى تقديمات أخرى كثياب من الدفاع المدني والجيش وقطع خشب وحديد من بيوت مهدمة، وجواز سفر وكمشة تراب ترمز إلى هجرة الشباب والانتحار بفعل الأزمة الاقتصادية.
spk_3
ولعل البابا أرسل أيضًا إشارات رمزية حين قدم هدية في لقاء حريصا قائلاً: "الوردة الذهبية التي سأُسلم تحمل رائحة المسيح". وفي عنايا قال: "أقدم هذا القنديل وأوكل لبنان وشعبه إلى حماية القديس شربل".
spk_3
وطنكم لبنان سيزهر ويصير جميلًا وقويًا مثل شجرة الأرز.
spk_1
أختم مع كلمات البابا التي قالها في لبنان الرسالة. شكراً من القلب لك مراسلنا من بيروت، أنطوان سلامة.



