في حديثه لإذاعة أس بي أس عربي، تحدث الأستاذ كريم نورا عن كتابه الذي يُترجم بالعربية إلى "يوميات مدرس بديل" معتبرًا إياه " ليس مجرد سردٍ لمواقف صفّية أو حكايات من قاعات الدرس، بل هو رحلة تأملٍ إنسانيّ وتربويّ تعبر بين ثقافتين؛ من مدارس لبنان إلى قاعات مدارس غرب ملبورن في أستراليا.
من فكرة إلى تجربة حيّة
يقول الأستاذ كريم إن فكرة الكتاب وُلدت بعد أربع سنوات من العمل كمدرسٍ بديل في مدارس ملبورن، حيث كان ينتقل بين الفصول والطلاب يومياً، يتفاعل مع بيئاتٍ وثقافاتٍ متعددة، ويراقب عن قرب كيف تتشكل العملية التعليمية في مجتمعٍ متنوّع الهوية والانتماء. من هنا، جاءت اليوميات كصدى لتجربةٍ حقيقية عاشها بين "السبورة" والطلاب، وبين ضجيج الصفوف وهدوء التأمل في معنى التعليم نفسه.
ملحمة التعليم في مدارس غرب ملبورن
في صفحات الكتاب، نقرأ وجهاً مختلفاً للمدارس في غرب ملبورن؛ مفعماً بالطاقة الشابة التي صنعت من قاعات الصف منطلقاً لنجاحات لامعة في ميادين السياسة والطب والهندسة والبحث العلمي. يؤكد نورا أن التعليم لا يعرف "المناطق المَنسية"، بل يحتاج فقط إلى من يرى الضوء في عيون الطلاب، فيمنحهم الأمل والفرصة كي يبدعوا. ويضم الكتاب 25 فصلاً تمتزج فيها الرؤية التربوية بالقصص الإنسانية.
يقدم الأستاذ كريم نورا هذا الكتاب إلكترونيًا مجانًا للراغبين بالاستزادة من التجربة ومعرفة خلق علاقة بين المعلم والتلاميذ، إلى الجسر الدافئ بين المدرسة والأهل، وصولاً إلى تجارب التنوع الثقافي التي تميز الصف الأسترالي الحديث.
ويشير الأستاذ كريم إلى أن المعلّم الناجح ليس من يشرح الدرس فحسب، بل من يشعل الحماسة في العقول ويزرع الفرح في القلوب. لذلك، نلمس بين السطور مشاهد نابضة بالمرح والودّ والاحتفال الصغير الذي يتحوّل إلى لحظةٍ خالدة في ذاكرة الطلاب.
كريم نورا مع العائلة Source: Supplied
ولد عشق الأستاذ كريم نورا للتعليم من رحم التحدي في لبنان ثم جاء التتويج في أستراليا. فقد وصل إلى أستراليا عام 1988 ومعه أسرته الصغيرة و200 دولار فقط، لكنه حمل أيضاً إيماناً راسخاً بأن العلم طريق الارتقاء الحقيقي.
يقول بابتسامةٍ واثقة:
أستراليا احتضنتني منذ اللحظة الأولى، ولذلك أردت أن أردّ لها الجميل عبر هذا الكتاب، فالعلم زكاة، والتجربة صدقة جارية.كريم نورا
التعليم كمساحة للحياة
يؤمن الأستاذ كريم بأن الفكاهة جزء من التربية، وأن المدرسة ليست مكاناً للانضباط فقط، بل فضاءٌ للحياة، حيث يلتقي الجدّ بالمرح، وتنمو الموهبة في بيئةٍ تحب ما تفعل. هذا التوازن بين الجدية والمرح، بين التعليم والإنسانية، هو ما يجعل تجربته نموذجاً يُحتذى في المدارس الأسترالية اليوم.
من “يوميات مدرس بديل” إلى مشروع جديد
لا تتوقف رحلة نورا عند هذا الكتاب، فهو يعمل حالياً على مشروعٍ جديد يوثّق تجربة التعليم الجامعي، ليكمل بذلك السرد الممتد من الفصول المدرسية إلى مدرجات الجامعات، مستكشفاً كيف تتكامل مراحل التعليم في بناء جيلٍ واعٍ ومسؤول. وفي ختام حديثه، يوجّه الأستاذ كريم رسالة ملهمة لكل معلم ومعلّمة:
“كونوا قدوة قبل أن تكونوا أساتذة. فالكلمة تبني، والنظرة تُلهم، وقد يحتاج الطالب إلى ابتسامةٍ أكثر من علامة.”
بهذه الروح الإنسانية الراقية، يختتم كريم نورا "يوميات مدرس بديل"، مؤلفاً يذكّرنا بأن التعليم ليس مهنة فحسب، بل رسالة حياة تُنير الدروب وتزرع الأمل في الأجيال القادمة.
استمعوا لتفاصيل أكثر عن تجربة و يوميات الأستاذ كريم نورا، بالضغط على التدوين الصوتي في الأعلى.
