لم تكن زيجة ليلى* زيجة خالية من المشاكل قبل الهجرة إلى استراليا ولكنها هي وزوجها نجحا بشكل ما في تخطي الخلافات وتكوين أسرة حملاها من مصر إلى إحدى دول الخليج العربي حتى وصلا إلى استراليا قبل تسعة أعوام. ولكن ليلى لم تكن تعرف أن الزيجة التي حاربت من أجلها والأسرة التي حافظت عليها على مدار أعوام ستتلقى الضربة الأخيرة في بلاد المهجر
كونها وزوجها طبيبان لم يجعل تجربة الهجرة - على الأقل في بدايتها - أقل تعقيدا لدى ليلى التي كان لديها طفلة واحدة في ذلك الوقت. ما تتطلبه معادلة المؤهلات من وقت ومجهود وأموال وضعت عبئا ماديا ونفسيا على الأسرة الصغيرة في بداية تجربة ليست بالسهلة.
لم تتوقع ليلى أن تحقق نجاحا كبيرا كطبيبة للأمراض النفسية والعصبية لما يتطلبه عملها من قدرات على التواصل. تقول ليلى: "توقعت أني كمهاجرة سأكون أقل نجاحا من نظرائي الذين يتحدثون اللغة الإنجليزية كلغة أم مما قد يمكنهم من التواصل بشكل أفضل مع المرضى."
ولكن نجاح ليلى جاء مفاجأة لها ولزوجها السابق أيضا.
هناك أطروحات مختلفة حول أسباب المصاعب التي يواجها المتزوجون بعد الهجرة ولكن هناك اقتناعا لدى كثير من المهاجرات العرب أن الرجل العربي المهاجر يشعر بالتهديد حال وصوله إلى بلد غربي يمنح حقوقا أكبر للمرأة ويسمح لها بالتعبير عن نفسها بشكل أكبر مما يزيدها قوة وقدرة على رفض المعاملة السيئة أو التحكم في حياتها. وقد يترتب على ذلك محاولات أكثر من الزوج لفرض سيطرته بشكل أكبر من خلال العنف النفسي أو الجسدي.
"سواء في مصر أو في الخليج كان من الكافي لزوجي السابق أن يكون رجلا وطبيبا جيدا ليكون ناجحا مما كان يعوض غياب مهارات التواصل لديه."
حياة جديدة وغيرة تهدد العلاقة
ولكن ما حدث في استراليا هو أن ميزان القوة مال ناحية ليلى التي وجدت نفسها في وضع أفضل من زوجها على صعيد النجاح المهني مما أثار حفيظته. تصف ليلى تجربة الهجرة بالتجربة "الكاشفة" لما قد تظهره من جوانب قد تكون غير واضحة في العلاقة.
"أشعر أنني كامرأة كان علي دوما أن أعمل بشكل أكبر كي أثبت نفسي وأن اتأقلم بشكل أسرع وهو بالضبط ما فعلته عندما وصلنا إلى هنا."
فوجئت ليلى أن زوجها الذي كان مرحبا بفكرة الهجرة وتربية الأبناء في بلد غربي أصبح أكثر غيرة وتحفظا وقلقا من المجتمع الخارجي. في المقابل نجحت ليلى في تكوين علاقات اجتماعية ناجحة مما ساعدها على التأقلم على حياتها الجديدة بسرعة.
ولكن التحدي الحقيقي لزيجة ليلى جاء عندما رفضت الانتقال مع زوجها إلى مدينة أخرى بعد عدم قدرته الحصول على وظيفة في المدينة التي كانوا يعيشون فيها.
"كنت أتبعه طوال الوقت ولكن تلك المرة قلت لا."
"لن أتبعك هذه المرة"
لم تكن ليلى على استعداد أن تخسر الوظيفة التي حصلت عليها كما كان لديها بعض القلق من أن يخسر زوجها عمله في المدينة الجديدة مرة أخرى بسبب ضعف مهارات التواصل لديه. أعتبر زوجها قرارها بالبقاء طعنة في الظهر لم يغفرها لها أبدا.
لا توجد أرقام واضحة لنسب الطلاق داخل الجالية العربية في استراليا ولكن الجريمة البشعة التي حدثت منذ بضعة أشهر في غرب سيدني حيث قتل مهاجر سوري حديث الوصول إلى استراليا زوجته تظهر أن المصاعب التي يواجها المهاجرون داخل المنزل الواحد قد لا تكون أقل وطئه من المصاعب التي يوجهونها مع المجتمع الأوسع.
بعد بضعة أشهر من الحياة في مدينتين مختلفتين كانت تقطع ليلى فيها مئات الكيلومترات بالسيارة لتقضي الأسرة مجتمعة بعض الوقت العائلي حدث الطلاق. اتخذ زوجها القرار منفردا وطلقها برسالة هاتفية.
تقول ليلى أنها الآن ممتنة للقرار الذي رأته "صدمة" في البداية. ليلى متزوجة الآن من رجل من خلفية ثقافية مختلفة وبناتها تقضين بعض الوقت معها وبعض الوقت مع والدهن في ولاية أخرى.
* تم تغيير اسم الضيفة حفاظا على خصوصيتها.