ما زالت مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار جنوب العراق تشهد احتجاجات حاشدة ضد الحكومة العراقية، حيث التحقت وفود عشائرية بمئات المتظاهرين المجتمعين في قلب المدينة الجنوبية. ويتهم المتظاهرون الحكومة بالمسؤولية عن مقتل 32 شخصا وإصابة 230 خلال ثلاثة أيام فقط في عطلة نهاية الأسبوع الماضية.
وفي مدينة الديوانية القريبة تجمع آلاف المحتجين أيضا مطالبين بالقصاص لضحايا المظاهرات.
من بين هؤلاء الضحايا الشاب علي صالح، والذي قُتل بالرصاص أثناء مشاركته في المظاهرات. والد زوجته هو الصحفي حيدر العراقي المقيم حاليا في نيوزيلندا والذي يصف الوضع في الناصرية خلال أيام العنف الثلاثة: "القتل كان متعمدا بدليل أن الضرب كان في الرأس، سقط قتلى وجرحى من الشباب في عمر الورد."

Iraqis carry the coffin of a protester who was reportedly killed during clashes with security forces at Nasiriyah city Source: EPA
ترك علي صالح وراءه زوجته الحامل وثلاثة أطفال "في عمر الزهور" كما يحكي حيدر العراقي وهو يغالب دموعه: "الشهبد علي كان ينقذ الجرحى، ولكن بعد أن رأي إطلاق النار استفزه الأمر وترك سيارته وشارك مع المتظاهرين حتى أُطلقت رصاصة عليه."
"ترك ابنتي حامل وثلاثة أطفال في عمر الورود." وقال حيدر "لا اعتقد أن هناك ضمير لدى الحكومة العراقية فالضحايا سقطوا في كل مكان".
ويسعى أهالي الضحايا خاصة في الناصرية إلى محاكمة الضباط والعسكريين المتورطين في قتل المتظاهرين. وقدم الأهالي نحو 200 دعوى قضائية بحق قائد خلية الأزمة في المحافظة الفريق جميل الشمري.
وخلال الأسبوع الماضي أصدر القضاء العراقي مذكرة توقيف بحق الشمري تشمل منعه من السفر ومصادرة أمواله المنقولة وغير المنقولة. وقال رئيس مجلس القضاء الأعلى "الهيئة التحقيقية في رئاسة محكمة استئناف ذي قار أصدرت مذكرة قبض ومنع سفر بحق الفريق جميل الشمري عن جريمة إصدار الأوامر التي تسببت بقتل متظاهرين في المحافظة".

Smoke clouds rise from a military base which was reportedly stormed by Iraqi protesters during clashes with security forces in Nasiriyah city Source: EPA
وقبل يومين أصدرت وزارة الدفاع العراقية بيانا تستنكر فيه ما وصفته "بالهجمة الإعلامية الشرسة" على الفريق جميل الشمري وتحميلة مسؤولية دماء الضحايا. وقالت الوزارة إنها تتابع بقلق "لهجمة الإعلامية الشرسة ضد كبار القادة والضباط الذين يشهد تاريخهم العسكري بالبطولة والشجاعة ودفاعهم عن أرض العراق ضد التهديدات، التي تستهدف الأمن والاستقرار في العراق".
ودعت "إلى توخي الدقة واستبيان الحقائق قبل إطلاق التهم."
ووصف الصحفي حيدر العراقي قرار توقيف الشمري أنه بمثابة "مورفين" لتهدئة الشارع في محافظة ذي قار. وقال العراقي "الحكومة تقول إنه دخل إلى المدينة دون أوامر وبدأ في إطلاق النار، لكن الحقيقة أنه جاء بأوامر من القيادات العليا، والآن الحكومة تريد إلقاء القبض عليه."
وقال العراقي "لا أعتقد أن مناورات الحكومة ستنطلي على المتظاهرين، فقد وصلوا إلى مرحلة أنه يجب اتخاذ موقف." وأضاف يجب أن يأتوا بشخصيات جديدة من خارج الكتل السياسية، ويتم إجراء انتخابات مبكرة."
وفي حدث فريد من نوعه، أصدرت محكمة جنايات الكوت جنوب بغداد حكما بالإعدام على رائد في الشرطة شنقاً بعد دعوى مقدمة من عائلة أحد القتلى. وحُكم على مقدم آخر بالسجن سبع سنوات بعد دعوى مماثلة من عائلة سقط أحد أفرادها قتيلا خلال المظاهرات في نفس المدينة.

Smoke clouds rise from a military base which was reportedly stormed by Iraqi protesters during clashes with security forces in Nasiriyah city Source: EPA